الوقت- كشفت الحرب على غزة الوجه الحقيقي لكيان الاحتلال الإسرائيلي ما جعله يصبح منبوذاً على المستوى العالمي وبشكل خاص بعد تصريحات وزير المالية الإسرائيلي الفاشي بتسلئيل سموتريش التي قال فيها: “يجب أنْ نسحق أعداءنا تحت أقدامنا كما قرأنا في التوراة، علينا تدمير رفح ودير البلح والنصيرات، لا مكانَ تحت السماء لهذه الأرواح الشريرةن لا وجود لها ولا يمكن لها أنْ تستمرّ في الوجود، اُقتلوهم جميعًا، سنقضي عليهم جميعًا”، على حدّ قوله، الأمر الذي عزز مظاهر انقلاب الرأي العام العالميّ على كيان الاحتلال مرورًا بتقييد مبيعات الأسلحة وصولاً إلى قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة.
ما دفع المحلل السياسيّ، عكيفا إلدار، في مقالٍ نشره في صحيفة هآرتس العبرية للتساؤل مخاطبًا قادة الكيان: “كيف تتعاملون مع هذا الصدع العميق في العلاقات مع كلّ العالم، وأيضًا تعيدون المخطوفين؟ تقاطعون قناة (الجزيرة) التلفزيونية التابعة لرجل الاتصال مع حماس؟”
من الجدير بالذكر أن وزير المالية الصهيوني سموتريش كان قد دعا في عدة خطابات وبشكل علني إلى إبادة الشعب الفلسطيني في الوقت الذي أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد حكومته تدابير مؤقتة تلزمها بالامتناع عن ارتكاب الإبادة الجماعية، وبينها تدابير للتعامل مع التحريض على الإبادة الجماعية.
الفاشية الصهيونية بأبهى صورها
تتجلى الفاشية الصهيونية في خطابات المسؤولين الإسرائيليين ضمن نظرية حسم الصراع التي تتضمن مشروعية التهجير وقتل المدنيين الفلسطينيين حتى ولو كانوا أطفالاً.
وينطلق المستعمِر هنا من مرحلة الاختلاف الديني، فلما لم يعد مجديًا، انتقل إلى العنصرية المبنية على أسس علمية تعتبر الفلسطيني في مرتبة أقل جينيًا من الإسرائيلي، أو الأوروبي عمومًا (بما يشبه كثيرًا فكرة هتلر عن العرق)، إلى نظرية العامل الثقافي، وأن الفلسطيني، فكرةً وسلوكًا وثقافةً، مخلوق أدنى من الإسرائيلي وقد تسلسلت خطوات نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطيني المستعمَر من الأخذ بالمقولات الاستشراقية عن الانحطاط الشرقي “الفلسطيني”، إلى تنميطه ووصمه بصفات غير بشرية وتشبيهه بالحشرات والجرذان بهدف الوصول إلى حالة الاشمئزاز من الفلسطيني و”استقذاره”، وبالتالي عدم التعاطف معه، ثم إلى تأطير ذهني للفلسطيني يقود إلى استسهال فكرة التخلص منه، لكونه من جنس آخر غير البشر الأسوياء ويتصف بالقذارة والانحطاط ولذلك من الطبيعي إبادته والقضاء عليه.
وبذلك لقد دمجت الصهيونية الفكر الاستعماري الغربي الاستعلائي مع الفكر التوراتي اليهودي وصولا إلى استباحة القتل دون تأنيب ضمير، والتي عبر عنها بشكل واضح الراف عوفاديا يوسيف في الفهم التوراتي بالقول إن هؤلاء ثعابين وصراصير وحشرات يجوز سحقهم.
إن هذا التقاطع أنتج حالة من استباحة الدم الفلسطيني، بحيث باتوا لا يشعرون بأي تأنيب ضمير في حال قتل الفلسطيني وقد تجسد ذلك في كثير من الأحداث، منها قضية قتل الفلسطيني الجريح من قبل جندي إسرائيلي وهو ملقى على الأرض، وما جرته من تعاطف واسع في الشارع الإسرائيلي مع الجندي القاتل عوضا عن التعاطف مع الفلسطيني.
الصهيونية وجه النازية الجديد
لقد انعكست الممارسات النازية التي تعرض لها اليهود على بنيتهم النفسية، وتكرست من خلال ممارسات عنصرية ضد الفلسطينيين، ترجمت بوصفهم بالصراصير والتعامل معهم باشمئزاز كما عاملهم العنصريون الأوروبيون.
وقد اعتبر خطاب هتلر العنصري، اليهود أسوأ من البكتيريا التي تجلب الأمراض، وعبر هتلر عن ذلك بقوله إن “اكتشاف الفيروس اليهودي هو واحد من أعظم الثورات التي حدثت في العالم، وأن المعركة التي نخوضها اليوم هي المعركة نفسها التي خاضها باستور وكوخ (عالما جراثيم) في القرن الماضي، كم من الأمراض لها أصلها في الفيروس اليهودي"، وهذا ربما ما يفسر لجوء هتلر إلى فكرة المحرقة في تخلصه من اليهود.. فهو يعتقد أنهم ملوثون قذرون يحملون جراثيم ملوثة وأمراض معدية، لذلك يجب التخلص منهم بالحرق.
الكراهية والإرهاب منهاج يدرس
مناهج الدراسة في مدارس كيان الاحتلال وجامعاتهم قائمة على التزوير، وقلب الحقائق، وغسل عقول الطلاب ونشر الكراهية.. قلما يقبلون أي طالب عربي في مدارسهم.. ويرفضون أن يجاورهم في سكناهم أي عائلة عربية، واعتاد الصهاينة على استخدام الأساليب الشيطانية لغرس الفكر المتطرف المنحرف من خلال التزوير وقلب الحقائق وتحريف التوراة والتلمود، وكتابات المتطرفين من المفكرين الصهاينة أمثال جابوتنسكي، وأول هذه الخرافات والتحريفات ادعاؤهم بانهم «شعب الله المختار».! وهي مقولة صدقها كثيرون من الصهاينة، واعتبروها كلاما مقدسا.. فيما كل الحقائق والوقائع والمعطيات تنسف هذه المقولة وتكذب هذا الادعاء.
ختام القول
إرهاب العدو، هو إرهاب دولة أصاب البشر الحجر والشجر، وسجل العدو الصهيوني الأسود يؤكد استحالة التعايش مع هذا العدو المتوحش القادم من الأساطير والخرافات وكهوف الظلام.. وأن الصراع مع هذا الغازي الفاشي هو : صراع وجود لا صراع حدود.. فإما نحن.. وإما هم.. وحتما نحن الباقون.. وهم الزائلون لأننا أصحاب الأرض وأصحاب الحق وأصحاب القدس والأقصى والقيامة.