الوقت- شدد المتحدث باسم وزارة خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الحاجة الملحة لإجراء تحقيق دولي في الجرائم التي ارتكبها الصهاينة في مستشفى الشفاء بغزة.
وفي هذا الصدد قال كنعاني: "الصور المنتشرة لمستشفى الشفاء في غزة بعد حصار جيش الكيان الصهيوني لمدة أسبوعين، وإفادات شهود ميدانيين والفيديوهات والتقارير الإخبارية حول حجم الدمار والتعذيب والقتل وعدد المعتقلين الفلسطينيين في هذا المستشفى مرعبة وصادمة!"
وأضاف كنعاني: إن هناك حاجة ماسة للتحقيقات الدولية وتساءل: هل ستقوم المنظمات والمؤسسات الدولية بواجبها؟ هل سيدعم المطالبون بحقوق الإنسان المعروفون التحقيق الدولي في أبعاد جريمة الحرب المفتوحة هذه، أم سيستمر السلوك الانتقائي والتمييزي فيما يتعلق بـ حقوق الإنسان؟!
جريمة تتكشف بعد الانسحاب
أعلنت مصادر فلسطينية أمس الاثنين أن الجيش الإسرائيلي انسحب من مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة مخلفا مئات الشهداء ودمارا واسعا بعد أسبوعين من اقتحام المجمع وحصاره.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية لوكالة الأنباء الألمانية: إن طواقم الدفاع المدني انتشلت ما يقارب 300 جثة حتى هذه اللحظة.
وأوضحت أن جثث الشهداء كانت ملقاة في كل مكان من المستشفى في حين ظهرت على بعضها علامات التحلل.
وأكد الدفاع المدني في غزة العثور على مئات الجثث عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي فجر أمس الاثنين من مجمع الشفاء الطبي.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة الرائد محمود بصل: إن هناك نحو 300 شهيد في مجمع الشفاء ومحيطه بعد انسحاب قوات الاحتلال.
وأضاف بصل: إن القوات الإسرائيلية أحرقت أقسام مستشفى الشفاء، ودمرت كل الأجهزة والمستلزمات الطبية فيه.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي انتهاء عمليته العسكرية في المجمع وادعى أنها تمت من دون إلحاق أضرار بالمدنيين والمرضى والفرق الطبية.
وأعلن الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي انتهاء العملية العسكرية في المستشفى.
وقال أدرعي "استكملت قوات جيش الدفاع وجهاز الأمن العام هذا الصباح العملية في منطقة مستشفى الشفاء".
وتوجهت قوات الاحتلال جنوبا حيث يوجد معسكر لها تتمركز فيه الدبابات والجرافات في المنطقة الواقعة بين حيي الشيخ عجلين وتل الهوى.
وأفاد شهود عيان بأن الانسحاب كان مفاجئا وتزامن مع إطلاق نار وإطلاق قذائف من الدبابات صوب مبان سكنية في محيط المجمع الطبي.
ويأتي الانسحاب بعد هجوم إسرائيلي على المجمع ومحيطه لنحو أسبوعين أدى إلى استشهاد وجرح واعتقال مئات الفلسطينيين.
جثث متفحمة ودمار
وقد أظهرت مشاهد مصورة انتشار جثث متفحمة لشهداء في الشوارع والطرق المحيطة بمجمع الشفاء الطبي، في حين أفادت مصادر طبية بالعثور على مئات من جثث الشهداء في المجمع والشوارع المحيطة به عقب انسحاب قوات الاحتلال.
وقالت المصادر إن قوات الاحتلال أحرقت مباني المجمع الطبي، وتسببت في خروجه بالكامل من الخدمة، مؤكدة أن حجم الدمار في المجمع والمباني المحيطة كبير جدا.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: إن الجيش قتل 200 واعتقل 500 آخرين واحتجز نحو 900 للتحقيق وأجلى 6 آلاف خلال عمليته بالمجمع الطبي ومحيطه.
وتواترت تقارير تفيد بأن القوات الإسرائيلية نفذت عمليات إعدام داخل المجمع الطبي، في حين زعم الجيش الإسرائيلي أنه قتل عشرات المسلحين داخل المجمع.
وخلال فترة الهجوم الإسرائيلي جرى انتشال بعض الشهداء، في حين بقيت جثث كثيرة ملقاة على الأرض في محيط المجمع والمباني السكنية، سواء في حي النصر أو شارع الوحدة وكذلك في الشاطئ الجنوبي والرمال الغربي، وهي مناطق كانت محاصرة من قبل قوات الاحتلال.
وكان جيش الاحتلال طوال هذه الفترة يعرقل وصول الفرق الإغاثية وممثلي المنظمات الدولية إلى المنطقة للقيام بمهام إنسانية أو عمليات إجلاء، ما أدى إلى أزمة إنسانية وصحية في محيط المجمع.
رد فعل حماس
قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس): إن جرائم الاحتلال في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه التي تكشفت بعد انسحابه منها، تؤكد طبيعة هذا الكيان الفاشي، وطالبت المجتمع الدولي بإدانة هذه الجرائم.
وأضاف الحركة، في تصريح صحفي الإثنين: "أمام ما تكشّف صباح اليوم بعد انسحاب جيش الاحتلال الإرهابي من مجمع الشفاء الطبي ومحيطه، وحجم الدمار الهائل الذي لحق بالمكان، بفعل آلة القتل والإرهاب لهذا الجيش الهمجي المنفلت من كل عِقال، من تدمير للمباني، وحرق وتجريف للأقسام، ونسف للأحياء المحيطة به على رؤوس ساكنيها، وآثار عمليات الإعدام المروّعة التي تم اكتشافها، وجثامين الشهداء مقيّدي الأيدي المدفونين أحياء،أو الذين تحللت أجسادهم وتعفنت، أو الذين داستهم جنازير الدبابات، وغيرها من الفظائع".
وأكدت حماس أن هذه الجريمة المروّعة، تؤكّد طبيعة هذا الكيان الفاشي المارق عن قِيَم الحضارة والإنسانية، والتي فاقت جرائمه وانتهاكاته كل حدود، والمستمر في مهمّته الواضحة؛ تنفيذ أبشع حروب الإبادة الجماعية بحق المدنيين والبنية المدنية في قطاع غزة، دون أن يحرّك العالم ساكناً، وبدعم كامل وبلا حدود من إدارة الرئيس الأمريكي بايدن.
وحملت الحركة الإدارة الأمريكية والرئيس بايدن شخصياً، المسؤولية الكاملة عمّا جرى ويجري من جرائم ومجازر وتدمير ممنهج للحياة المدنية في قطاع غزة، وعلى رأسها القطاع الصحي والمستشفيات، والذي يتم بالسلاح الأمريكي وكل صور الدعم والإسناد العسكري والسياسي.
وشددت حماس على أن حجم التدمير والقتل الذي يبرع فيه العدو؛ لا يعني تحقيقه أي انتصار على إرادة شعبنا، المتشبّث بأرضه وهويته، وأن هذه الهجمة الهمجية على قطاع غزة، تؤكّد من جديد حقيقة ما يسعى له العدو بدفع أبناء شعبنا للهجرة عن أرضه تنفيذاً لمخططاته بتصفية القضية الفلسطينية.
وطالبت الحركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بإدانة هذه الجريمة الفظيعة التي ارتكبها العدو الصهيوني المجرم بحق مجمع الشفاء ومحيطه والمواطنين فيه، ونطالبهم بالتحرك الفوري للدخول إلى مدينة غزة والاطلاع على حجم الجريمة التي تعرض لها.
كما طالبت الهيئات القضائية الدولية، وخصوصاً محكمة الجنايات الدولية، بالبدء في إجراءات فعلية للتحقيق في الجرائم والفظائع التي حدثت في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه، وفي مُجمَل الجرائم التي تحدث منذ ستة أشهر، ونفض الغبار عن عشرات البلاغات وطلبات التحقيق في الجرائم الصهيونية بحق شعبنا الأعزل، وتنفيذ مهمّتها المنوطة بها لمحاسبة قادة هذا الكيان وتقديمهم للعدالة.
وتابعت: "إننا إذا نؤكّد أن هذه الجرائم النازية، لن تفتّ في عضد أبناء شعبنا الصامد، ومقاومتنا الباسلة، التي تتصدى للعدوان الهمجي بكل بطولة وفداء، فإننا نطالب أحرار العالم وجماهير أمتنا العربية والإسلامية، بالانتفاض، وتكثيف حراكهم الضاغط على هذا العدو الهمجي وداعميه، وتقديم كل أشكال الإسناد والدعم لشعبنا الفلسطيني ومقاومته، حتى كسر العدوان وتحقيق تطلعات شعبنا بالحرية والاستقلال واسترداد الأرض والمقدسات".
الأمم المتحدة وتدخل خجول
أعلنت الأمم المتحدة، الإثنين 1 أبريل/نيسان 2024، أنها تعتزم إرسال فريق للوقوف على الوضع في مستشفى الشفاء في غزة بعد الاقتحام الإسرائيلي، الذي خلف مشاهد صادمة، مؤكدة أنها تنتظر الضمانات الأمنية اللازمة لبدء المهمة.
متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، ذكر في مؤتمر صحفي أنهم شاهدوا الأنباء حول مغادرة القوات الإسرائيلية للمستشفى.
وأشار إلى أن هدف البعثة تحديد ما الذي حدث خلال الاقتحام الإسرائيلي للمستشفى والوقوف على الوضع.
كما لفت إلى أن الوضع سيئ، حسب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وأفاد بأن الفريق سيتوجه إلى المنطقة في أقرب وقت ممكن.