الوقت- بينما تجهز العالم الإسلامي لاستقبال صيام شهر رمضان الكريم إلا أن الفلسطينيين ليس لديهم استعدادات لرمضان لأنهم صيام منذ ستة أشهر، فقد عاد رمضان هذا العام وموائد الغزاويين بلا طعام وصلواتهم فوق ركام المساجد وأحباؤهم تحت التراب والمجاعةُ ضربت القطاعَ في كلِ اتجاه.. وأصبحَ معظمُ السكانِ في العراءِ بعد أن أصابتهم مجازر الاحتلالِ بالقصفِ والغارات، وتعرضت منازلُهم للتدمير، ونزحَ من نجا منهم لمراتٍ عديدة.
لكن أهل غزة الذين اعتادوا على العودة من تحت الركام أصروا على استقبالِ الشهرِ الفضيلِ بطريقِتهم الخاصة، وارتفعت أصواتُهم بالتهليلِ والتكبير، كما أخذَ البعضُ منهم على عاتقِه مهمةَ تزيينِ خيامِ النزوحِ بزينةِ رمضانَ أملاً في إدخالِ بعضِ البهجةِ على ساكنِيها من الأطفال، ولم يمنعْهم الدمارُ الذي أصابَ المساجدَ من استقباِل الشهرِ المباركِ بأداءِ صلاةِ التراويحِ وإن كانت بأعدادٍ محدودةٍ في الشوارعِ والطرقاتِ العامةِ بعكسِ الأعوامِ السابقة.
الإصرار على الفرح رغم الجراح
أنشأ الفلسطينيون النازحون مخيمات مؤقتة في مدينة رفح المكتظة بنحو مليون و300 ألف نسمة، يعيشون ظروفا صعبة جراء الحرب، وفق مسؤولين حكوميين في غزة، وتفتقر هذه المخيمات لأبسط مقومات الحياة، وتمثل ملاذًا مؤقتًا للعديد من الأسر التي نزحت جراء القصف، حيث يعيش السكان في ظروف صعبة تحت ظلالها.
إلا أن النازحين يصرون على الحياة رغم الألام والمآسي فقد زينوا خيمهم بحبال إضاءة وفوانيس شهر رمضان المبارك داخل مخيمٍ للنازحين في محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، وتحاول العائلة إضفاء أجواء من البهجة والسعادة على نفوس أطفالهم وأطفال المخيم، بتعليق الحبال المضيئة ذات الألوان الزاهية والفوانيس المضاءة ليلاً، في ظل استمرار الحرب الاسرائيلية المدمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وقامت تلك العائلات بتعليق حبالٍ مضيئة داخل الخيام، مصاحبةً لفانوس رمضان المصنوع من الكرتون، بهدف إضفاء جو رمضاني على المكان، تماماً كما كانوا يعتادون على القيام به في السنوات الماضية داخل منزلهم الذي نزحوا منه بسبب الحرب.
ويقول الشاب عبد الرحمن الجدي النازح من حي الشجاعية شرق مدينة غزة: "نستقبل شهر رمضان هذا العام في ظروف قاسية، وهي أسوأ ظروف تمر علينا في التاريخ".
ويضيف "رغم الظروف القاهرة ورغم الحرب والدمار والإبادة الجماعية وارتقاء الشهداء، إلا أننا أصرينا على أن نسعد أطفالنا وأن نرسم الفرحة على وجوههم في الشهر الكريم"، وتابع: "اعتدنا في رمضان خلال السنوات الماضية كباقي المسلمين في العالم، تزيين المنازل والشوارع والأحياء، لذا حاولنا هذا العام تعليق القليل من الإضاءة والزينة لتغيير نفسية الأطفال، فما ذنبهم؟!".
ويبين أن هذه الخطوة تركت أثرًا كبيرًا في نفوس الكبار قبل الصغار وأدخلت الفرحة والسرور في قلوب الجميع داخل المخيم رغم الحرب والدمار"، وبينما كان الجدي يتحدث كان الأطفال يلهون بفوانيس رمضان ويغنون معًا أناشيد رمضانية، في أجواء من البهجة، لكن أصوات الطائرات الإسرائيلية الحربية والاستطلاعية كانت تملأ المكان وتعكر صفوهم.
رمضان في القدس
خلت البلدة القديمة بمدينة القدس الشرقية من مظاهر البهجة التقليدية بحلول شهر رمضان، مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها السادس، ففي أزقة وحارات البلدة القديمة المؤدية إلى المسجد الأقصى غابت الأضواء الزاهية والزينة التي عادة ما تميز البلدة في شهر الصيام تعبيرا عن الحداد على الشهداء والغضب على ما يجري ضد أهلنا في غزة.
وفي المقابل انتشر مئات من أفراد الشرطة الإسرائيلية عند بوابات البلدة القديمة وفي أزقتها وعند البوابات الخارجية للمسجد الأقصى، وشوهد أفراد الشرطة وهو يوقفون الشبان ويدققون في هوياتهم ويمنعونهم من المرور عبر بوابات البلدة القديمة للوصول إلى الأقصى لأداء الصلوات.
ودأبت شرطة الاحتلال في شهر رمضان من الأعوام الماضية على السماح للمصلين من سكان القدس الشرقية والداخل الفلسطيني بالوصول إلى المسجد الأقصى، ولكنها تفرض قيودا بالقوة هذا العام.
ومساء الأحد، منعت الشرطة الإسرائيلية مئات الشبان الفلسطينيين من الدخول إلى المسجد الأقصى للمشاركة في صلاتي العشاء والتراويح واعتدت عليهم بالضرب عند باب المجلس، أحد الأبواب المؤدية إلى المسجد، ويتوافد عشرات آلاف المصلين يوميا إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان لأداء الصلوات ولكن قيود الاحتلال تفرض مخاوف من رمضان مختلف هذا العام.
وقد أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلية أنها ستتبع ذات الإجراءات التي اتبعتها في الأعوام الماضية بما يخص الصلاة في الأقصى خلال رمضان، ولكن ما زالت الضبابية تغطي على هذا القرار ولا سيما في ظل استمرار شرطة الاحتلال الإسرائيلية منع الشبان من الدخول إلى المسجد لأداء الصلوات، وما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلية تمنع جميع الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية من المرور عبر الحواجز العسكرية المحيطة بالقدس للوصول إلى المسجد لأداء الصلاة، ولكن رغم كل القيود الإسرائيلية فإن الفلسطينيين يستمرون في محاولاتهم المتكررة للوصول إلى المسجد الأقصى للصلاة.