الوقت- مئات الكيلومترات من الأنفاق، وصل بعضها إلى عمق أرض (فلسطين المحتلة)، هو الوصف الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام العبرية اليوم حول ما ينتظرهم على الجبهة الشمالية، وحسب المجموعة العبرية لوكالة تسنيم للأنباء، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن أنفاق محتملة في شمال فلسطين المحتلة، وتوقعت أن أنفاقا أوسع وأطول وأكثر تقدما تنتظرهم على الحدود مع لبنان.
وقالت صحيفة معاريف نقلاً عن تقرير: إن حزب الله اللبناني يمتلك شبكة من الأنفاق السرية أكثر تقدماً بكثير من حماس، ومن المحتمل أن تمتد شبكة هذه الأنفاق إلى سوريا من جهة و(فلسطين المحتلة) من جهة أخرى، وجاء في جزء من تقرير صحيفة معاريف: منذ بداية الحرب في الشمال حذر سكان هذه المنطقة الجيش الإسرائيلي من قيام حزب الله بحفر أنفاق خارج حدود (فلسطين المحتلة).
هذا الإعلام العبري، نقلاً عن رئيس مجلس المستوطنات الشمالية، ماتا آشر، أعلن في 17 كانون الأول (ديسمبر): عندما يتم اكتشاف أنفاق حماس في غزة، يطرح علينا السؤال: إذا كانت حماس تمتلك مثل هذه القدرة، فماذا يفعل حزب الله بهذه القدرة؟ هل لديه انفاق؟. وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، أعلن الباحثون في مركز ألما لأبحاث التحديات الأمنية أن حزب الله يمتلك أنفاقاً استراتيجية منذ سنوات طويلة، وقد قامت بمساعدة كوريا الشمالية ببناء مشروع أنفاق استراتيجية بين مناطق مختلفة، وهو أكبر بكثير من الأنفاق التي تم اكتشافها في هذا الصدد حتى الآن.
وحسب هؤلاء الخبراء، فإن شبكة أنفاق حزب الله ليست مجرد أنفاق هجومية أو بنى تحتية لتخزين الأسلحة بالقرب من القرى، بل هي شبكة من الأنفاق الإقليمية يصل طولها إلى عشرات الكيلومترات وتمتد بين مدن مختلفة، بل إن بعضها يصل إلى منطقة بيروت، وحسب خبراء صهاينة، فإن أنفاق حزب الله الاستراتيجية مجهزة بغرف قيادة وسيطرة، ومستودعات ذخيرة وإسناد، ومستشفيات ميدانية، ومخارج خاصة لإطلاق الصواريخ بكل أنواعها، من أرض إلى أرض إلى الصواريخ المضادة للدروع والمضادة للطائرات، وكلها وهي مموهة تمامًا، ولا يمكن رؤيتها على الأرض.
كما ذكرت صحيفة يديعوت أحرانوت في تقرير لها بهذا الخصوص: أن أنفاق حزب الله أخطر من أنفاق حماس التي يتعامل معها الجيش الإسرائيلي حاليا في غزة، جاء في مقدمة تقرير أحرانوت: على مدى 30 عاماً، حفر حزب الله مئات الكيلومترات من الأنفاق في تضاريس صخرية يتراوح عمقها بين 40 و80 متراً، وبمساعدة التكنولوجيا الكورية الشمالية، أصبح أكثر تقدماً والأنفاق أخطر من أنفاق غزة، وأخفق الجيش الإسرائيلي في الكشف عن الأنفاق الهجومية التي حفرتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باتجاه مستوطنات "غلاف غزة" ضمن التحضيرات لمعركة "طوفان الأقصى".
ويضاف ذلك إلى الفشل الاستخباراتي في التحذير ومنع الهجوم المفاجئ لكتائب القسام على "الغلاف" وبلدات إسرائيلية في الجنوب بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأعلن جيش الاحتلال في 17 ديسمبر/كانون الأول الحالي، عن اكتشاف نفق شمال قطاع غزة، بطول 4 كيلومترات قبالة مستوطنات الغلاف، وروّج له على أنه إنجاز رغم أن اكتشافه جاء بعد حوالي 60 يوما من التوغل البري للقوات الإسرائيلية في المنطقة.
وتكشّفت ملامح "إخفاق النفق" من خلال تحقيق نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأحد، وأعده الصحفي الاستقصائي والمختص في الشؤون العسكرية والاستخباراتية رونين بيرغمان، وتبلورت عندما أعلنت كتائب القسام أن الحديث يدور عن نفق هجومي تم تحضيره واستخدامه في معركة "طوفان الأقصى".
"معكرونة الأنفاق"
تحت عنوان "الأضواء الحمراء لم تُضأ، اكتشفت إسرائيل متأخرا معكرونة الأنفاق"، واستعرض بيرغمان الإخفاق في الكشف عن الأنفاق الهجومية باتجاه "غلاف غزة" التي واصلت حركة حماس حفرها في مارس/آذار 2023، ضمن التحضيرات للهجوم المفاجئ، دون أن تكتشف مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الحفريات، وكان هناك خطأ آخر يضاف إلى سلسلة الإخفاقات وسيُطرح حتما على طاولة لجنة التحقيق، تقول الصحيفة "اعتقدوا في إسرائيل أن حماس لا تستطيع عبور السياج تحت الأرض، ومع ذلك استمرت في الحفر حتى مارس/آذار هذا العام وفي التحضير للهجوم المفاجئ، فالجيش لم يكن مستعدا بما فيه الكفاية لعملية كشف الأنفاق وتدميرها".
وتضيف إن "المسار السري (شبكة الانفاق) أو كما يسميه بعض الخبراء في الجيش الإسرائيلي "معكرونة حماس"، والذي يلعب دورا رئيسيا في أحداث غزة، يطمح الجيش الإسرائيلي في تفكيكه، أو على الأقل، جزء كبير منه في وقت قصير". ومن جهة أخرى، تابعت الصحيفة "بسبب طموح حماس وقائدها يحيى السنوار بالبقاء هناك في الطابق الرابع تحت الأرض لفترة طويلة من الزمن، يُسجن المختطفون (الإسرائيليون) في وضع يصعب على الجيش القيام بأي عملية عسكرية للوصول إليهم، وخشية استهداف الجنود من داخل الأنفاق".
واقترح أحد المطلعين على سير الحرب بغزة مؤخرا في اجتماع لكبار الضباط بالجيش الإسرائيلي، التوقف عن الحديث عن الحرب فوق الأرض وتحتها، لأنه "من الواضح أن عدونا تحتها وهذا هو مكان الحملة، وأي محاولة للقول إننا انتصرنا وسيطرنا فوق الأرض لا تعكس الوضع حقا"، حسب ما نقلت عنه "يديعوت أحرونوت"، وعندما بدأ جيش الاحتلال الحملة البرية في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان هناك تقديران لدى معظم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، الأول أنه لدى حماس ما بين 100 إلى 200 كيلومتر من الأنفاق تحت غزة، والثاني أنه من نهاية عام 2020، لم يكن لديها أي نفق هجومي باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في "غلاف غزة".
إخفاق التقديرات
وحسب الصحيفة، فإنه تم تفريغ التقديرات الإسرائيلية بخصوص شبكة الأنفاق من مضمونها، مشيرة إلى أنه بالأيام الأولى للحرب على غزة تم اكتشاف ما خططت حماس لفعله في نفق قرب معبر بيت حانون "إيرز"، والذي دُعي الصحفيون إلى توثيقه قبل تفجيره، ويقول بيرغمان "ربما لم يعرفوا في إسرائيل أن حماس تمتلك الآلة التي تمكّن من الحفر السريع وبقُطر يسمح بالسفر بسيارة تجارية كبيرة بها، وقد ذكرني ذلك قليلا بالآلات التي يبنى فيها جزء من أنفاق السكك الحديدية، حيث كانت الخطة مواصلة النفق المؤدي إلى إسرائيل، ويوما ما الدفع بمركبات محملة بالمقاتلين من قوات النخبة".
ويضيف الصحفي الإسرائيلي إن "ذلك لم يحدث بفضل السياج تحت الأرض الذي أغلق مسار هذا النفق الهجومي، وربما الأنفاق الأخرى، وإنما بسبب حقيقة أنه منذ عام 2020 لم تستخدم حماس أي أنفاق لاختراق الأراضي الإسرائيلية"، ويتابع "ومن المفترض أنه لو كان مثل هذا النفق موجودا لكانت الحركة قد استخدمته في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ولكان إنجازا تشغيليا وهندسيا وتكنولوجيا ناجحا حقق أهدافه، وإن كان بتكلفة عالية جدا"، وفيما يتعلق بالتقدير الإسرائيلي الأول بشأن طول شبكة الأنفاق، فقد تبين من خلال تحقيق الصحيفة أنه "لم يكن ناجحا"، ويُقدر الجيش الإسرائيلي -اليوم- أن لدى حماس ما بين 500 إلى 600 كيلومتر من الأنفاق تحت غزة.
ولم يكن الإخفاق في تقييم شبكة الأنفاق من حيث الطول فحسب، بل أيضا من حيث العرض والعمق وقوة التحصينات وكمية احتياطي الوقود والغذاء والمياه المخزنة فيها، وبالتالي طول الفترة الزمنية التي يمكن لمسلحي حماس أن يقضوها فيها، حسب التحقيق ذاته.