الوقت – وصول عدد الشهداء والمفقودين في معركة غزة إلى أكثر من 30 ألف شخص خلال 110 أيام من الحرب، في قطاع غزة البالغ طوله 360 كيلومتراً، بجانب الجرائم والحصار وصمود الشعب الفلسطيني، أدهش العالم وأذهله.
وكأن الجميع يبحث عن السؤال التالي: ما هو المنطق والهدف والسبب الذي يجعل 2.3 مليون شخص يصمدون، ويكونون على استعداد لدفع ثمن طوفان الأقصى؟
لقد أظهرت العديد من التجارب التاريخية في القرن الماضي، أن المجتمعات تراجعت في وجه الجرائم والإرهاب، رغم أنها رأت نفسها على حق، أو أن جزءاً صغيراً من ذلك المجتمع لم يمثل الصمود والنضال، لكن ما يحدث في غزة، هو صمود شعب بأکمله.
لكن عنصراً آخر لفهم صمود الشعب الفلسطيني، وهو أيضاً العنصر الأهم والذي يمكن رؤيته بوضوح في الشعب المحاصر في قطاع غزة، هو قوة "الإيمان".
وقد نتج هذا الإيمان نتيجة قرون من العيش مع تعاليم الإسلام والقرآن وسيادة الفكر الإسلامي في هذه المنطقة في العقدين الأخيرين، ووجود مفردة "الجهاد" في قلب المجتمع الغزاوي.
فلسطين تقف صامدةً ومصممةً، لأن أمثال الشيخ أحمد ياسين شرحوا منذ عدة عقود طبيعة الجهاد والصمود الإسلامي، إلى جانب التجربة التاريخية للمجتمع التي سبق ذكرها، وقدموا هذا الطريق المثمر وصمدوا فيه.
إن نجاح التيارات الجهادية والإسلامية، مثل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، أعطى الشعب الفلسطيني وسكان قطاع غزة الفرصة لرؤية تطبيق عقيدتهم الإسلامية، وإدراك الطعم الحلو للكرامة والمقاومة مقابل التنازل والانسحاب، على أمل الحد من الجرائم والحصول على الحقوق.
وهي الكرامة التي تسببت في صحوة المجتمعات العالمية، وتغيير أجواء الرأي العام العالمي، کما أن صمود وإيمان الشعب الفلسطيني، لهما قيمة تتجاوز أرض فلسطين التاريخية.
ومن أمثلة تبلور الإيمان لدى أهل قطاع غزة، استخدام الآيات القرآنية في خطابات وبيانات كتائب القسام، ونشر آلاف المقاطع والصور لتكرار الآيات القرآنية والاستغاثة بها في الجرائم وغيرها من قبل الشعب الفلسطيني، الأمر الذي وجّه انتباه العالم إلى القرآن وآياته وقوته.
وتأكيداً على هذه المسألة، قال المرشد الإيراني الأعلی في لقاء مع أئمة الجمعة في إيران: "هذه هي ميزة الصبر والتوکل، لقد روّج أهل غزة للإسلام من خلال صمودهم، في جميع أنحاء العالم، و يريد الناس معرفة ما هو هذا العامل الذي يبقي المناضل الفلسطيني على الساحة هكذا، ما هذا الإسلام؟ لقد عرّفوا الإسلام؛ وجعلوا القرآن محبوباً في عيون الكثيرين، اللهم! بحق محمد وآل محمد، زد في عزة وکرامة مقاتلي جبهة المقاومة، وخاصةً شعب غزة المظلوم ومناضلي غزة، يوماً بعد يوم".(16/1/2024)
لقد علمت المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني العالمين الإسلامي والعربي جيدًا، أن الطريق الوحيد المأمول والواضح والناجح أمام الشعوب لمواجهة العالم الظالم الحالي، هو الإيمان والصمود والاعتقاد بالقرآن، ومن خلال الاستفادة من تجربتهم التاريخية وهويتهم وإيمانهم الاجتماعي بالإسلام والمقاومة، أذهل الشعب الفلسطيني العدو وأربكه حتى الآن.