الوقت - استشهاد السيد رضى الموسوي في الزينبية بدمشق، كان مختلفاً عن كل العمليات الإرهابية السابقة للکيان الصهيوني.
قبل هذا الإجراء، کان الکيان الإسرائيلي يهاجم بعض قواعد المقاومة في سوريا، ما أدى في بعض الأحيان إلى استشهاد بعض المستشارين العسكريين، لكنه الآن يستهدف بشكل مباشر قائداً إيرانياً محبوباً في منزله الشخصي في الزينبية بثلاثة صواريخ، ليتأكد من استشهاده.
إن الموقف الواضح للرئيس الإيراني ورئيس البرلمان وغيرهما من المسؤولين الإيرانيين، يدل على حساسية الموضوع ومکانة هذا الشهيد العزيز، ولكن النقطة المهمة هي أن اغتيال اللواء الشهيد السيد رضى الموسوي في سوريا، لن يزيل ظلال أي كابوس عن الکيان الصهيوني، لا في جبهة غزة، ولا في الجبهة الشمالية (حزب الله)، ولا في البحر الأحمر وباب المندب (أنصار الله في اليمن).
بل خلافاً للاعتقاد الخاطئ لدى الصهاينة، الذين يظنون أنهم بهذا الاغتيال الجبان سيخففون ضغط جبهة المقاومة عليهم، فإنه سيجعل جبهة المقاومة أكثر إصراراً على زيادة ضرباتها القاصمة للكيان الصهيوني والقوات الأمريكية.
والدليل على هذا الادعاء، هو أن اغتيال القائد الشهيد لجبهة المقاومة الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وبعض قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، لم يؤد فقط إلى توسع ضربات المقاومة، بل إن الکيان الإسرائيلي وداعميه الأمريكيين يواجهون اليوم مجموعةً واسعةً من التحديات والضربات العسكرية والاقتصادية والأمنية غير المسبوقة خلال العقود الثمانية الماضية.
إن الريح التي تسببت بها أمريكا والصهاينة في الاغتيالات السابقة، أدت إلى "طوفان الأقصى" وخلقت تسونامي هائلاً بين المحيط الهندي والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، والذي بدأت أمواجه في الارتفاع للتو.
عاجلاً أم آجلاً، سيتعين على الکيان الصهيوني وداعمه الأمريكي أن يدفعا ثمن جريمتهما الجديدة، وهذه المسؤولية لن تغيب عن أعين قادة ومقاتلي محور المقاومة ولو للحظة واحدة.
لماذا اغتال الکيان الصهيوني السيد رضى؟
كان السيد رضى أحد قادة الحرس الثوري الإيراني الفعالين في مقاومة المنطقة، ولعب دورًا مهمًا جدًا في العمل القتالي والدعم.
ويعتبر هدف الکيان الإسرائيلي من اغتيال السيد رضى بمثابة إضعاف لوجستي للمقاومة بعد نهاية الحرب في غزة، ومن ناحية أخرى، قامت محطة "إيران إنترناشيونال" الإرهابية العام الماضي ببث أخبار ونشرت فيها صورةً للسيد رضى، وطبعاً، هذا الخبر تم نشره على موقع "إنتيلي تايمز"، قبل نشره على محطة "إيران إنترناشيونال"!
وذُكر في ذلك الخبر أن الشهيد الموسوي يلعب دوراً مهماً في إمداد ودعم جبهة المقاومة في سوريا، وهذان الخبران معاً يظهران دوافع اغتيال هذا الشهيد الغالي.
ومن جهة أخرى، سبق وأن استهدف الکيان الإسرائيلي عدة مرات المقر الذي ينشط فيه الشهيد موسوي، إلا أنه فشل في اغتياله، ومن محاولات اغتيالاته الفاشلة استشهاد السيد مصطفى بدر الدين المعروف بذو الفقار، أحد قادة حزب الله اللبناني، والذي حدث في مكتب السيد رضى، حيث استشهد بدر الدين في هذه الحادثة، لكن السيد رضى لم يكن موجوداً ونجا.
لكن في ظل الوضع الراهن للحرب في غزة، فإن اغتيال الشهيد السيد رضى موسوي مثير للتأمل، فقبل أيام قال ديفيد كاميرون، وزير الخارجية البريطاني، إننا لا نستطيع أن نتسامح مع التصعيد، وعلينا أن نرسل الرسالة اللازمة إلى إيران، والواقع على الأرض هو أن وضع الحرب في غزة، قد وضع الکيان الإسرائيلي في موقف صعب.
بعد 80 يوماً من العدوان، لم يحقق نتنياهو عملياً سوى العار الدولي، حيث لم يتحقق أي من أهداف الکيان الصهيوني في مهاجمة واجتياح غزة، ولا يزال الأسرى في أيدي حماس، ويحيى السنوار هو من يحدد شروط وقف إطلاق النار.
ولذلك، فإن الاغتيال هو هروب من الواقع والفشل الإسرائيلي الواضح، کما كانت الحالة العصبية للكيان الصهيوني في الحرب، وتهديدات الجانب الغربي (البريطاني)، هي المقدمة لاغتيال هذا الشهيد.
تغيير استراتيجية الكيان الصهيوني بعد عملية الاغتيال!
إن فشل الکيان الصهيوني في ضرب المقاومة في غزة والوقوع في مستنقع الحرب، دفع قادة الکيان إلى اللجوء إلى استراتيجية "الألف خنجر"، للهروب من الضغوط الداخلية والخارجية، وبطبيعة الحال، فإن هذا التحول الاستراتيجي يعني هزيمة الکيان الصهيوني في الميدان.
وكتب معهد أتلانتيك للأبحاث إن "إسرائيل تضيف إلى نماذجها التكتيكية، بينما فشلت استراتيجيتها تجاه إيران، وهناك فجوة متزايدة بين تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين والحقائق على الأرض، وقبل فوات الأوان، لا بد من تبني سياسة متوازنة تأخذ في الاعتبار وضع البرنامج النووي الإيراني".
يمكن القول الآن إن الکيان الإسرائيلي فتح مجالاً جديداً لمزيد من الحروب، وبشعار الموت أو الحياة عاد مرةً أخرى لمشروع "الألف خنجر" في محاولة لإحياء استراتيجيته الأمنية، للاستفادة من الدعم الأمريكي المتزايد قدر الإمكان.
قبل عامين تلقی الکيان سهاماً غير مرئية ومسلحة في تل أبيب رداً علی مشروع "الألف خنجر"؛ والآن تنتظره الآلاف من المدن الصاروخية والطائرات دون طيار تحت الأرض.