الوقت - نشر "ديفيد هيرست"، وهو كاتب ومحلل بريطاني بارز ومحرر موقع ميدل إيست آي، العديد من المقالات حول مؤشرات فشل الکيان الصهيوني في حرب غزة منذ بداية عملية طوفان الأقصى، وكتب في مقالته الجديدة بهذا الصدد: إن الحرب على غزة جاءت نتيجة تقييم خاطئ تماماً لـ"إسرائيل"، ما أدى إلى كارثة أخلاقية وعسكرية لها، وأجّج الغضب العالمي تجاه "إسرائيل" في جميع أنحاء العالم.
كما أشار ديفيد هيرست إلى الجرائم التي ارتكبها الکيان الصهيوني في عدوانه على لبنان عام 1982، والتي وضعت أمريكا تحت ضغط شديد أمام الرأي العام العالمي.
حجم الدمار في غزة خلال شهرين أكبر من دمار المدن الألمانية في عامين
قال ديفيد هيرست: في يوليو/تموز 1982، بعد القصف العنيف الذي تعرضت له بيروت من قبل "إسرائيل"، اتصل الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغان بمناحيم بيغن، رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي، وطلب منه وقف القصف، وقال: "من الآن فصاعداً سيظهر التلفزيون لأمتنا رموز هذه الحرب، وهذه هي المحرقة الحقيقية"، لكن الديمقراطيين في البيت الأبيض اليوم لا يملكون القدرة على وقف الهجمات الإسرائيلية.
ويقارن المحللون العسكريون حجم الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي علی غزة، بقصف المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية، ويقولون إنه بحلول 4 ديسمبر/كانون الأول، تم تدمير 68 بالمئة من المباني في شمال غزة، هذا بينما تم تدمير 75% من مدينة هامبورغ، و61% من مدينة كولونيا، و59% من مدينة دريسدن خلال الحرب العالمية الثانية في غضون عامين.
ويتابع هذا المقال: في نصف الوقت الذي اضطرت فيه منظمة التحرير الفلسطينية إلى مغادرة بيروت عام 1982 فقط، تم قتل ما يقرب من 20 ألف فلسطيني، 70٪ منهم نساء وأطفال، في غزة، والدمار الذي لحق بغزة يضع الأساس لخمسين عاماً أخرى من الحرب، ولن تنسى أجيال من الفلسطينيين والعرب والمسلمين أبداً الوحشية التي تدمر بها "إسرائيل" قطاع غزة اليوم.
الکيان الإسرائيلي يرتكب خطأ فرنسا في الجزائر
وأوضح ديفيد هيرست أن بعض الإسرائيليين، ومن بينهم "عامي أيالون" الرئيس السابق للشاباك، يدرکون هذه القضية جيدًا.
فهو يعتقد أنه بينما يرى الجيش الإسرائيلي النصر في قتل أعداد كبيرة من الناس وزيادة الدمار، فإن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) تنتصر بالقوة الناعمة، وتغزو قلوب وعقول العالم.
وتابع: اليوم يرتكب الإسرائيليون الخطأ نفسه الذي ارتكبه الفرنسيون في الجزائر، بقتل أكثر من 1.5 مليون جزائري بين عامي 1954 و1962، حيث ظن الفرنسيون أنهم سينتصرون بهذه الجرائم، لكن بعد انتهاء الحرب، اضطروا إلى مغادرة الجزائر، وحصلت البلاد على استقلالها، وفي فلسطين اليوم، تشير تقديرات الاستخبارات الأمريكية إلى أن شعبية حماس تزايدت بشكل ملحوظ منذ بداية الحرب الحالية.
الواقع السياسي بعد 7 أكتوبر هو ضد إرادة أمريكا وداعمي الکيان الإسرائيلي
وأشار ديفيد هيرست كذلك إلى تقرير شبكة سي إن إن الأمريكية، والذي نقل عن مسؤولين أمريكيين قولهم: لقد نجحت حركة حماس في ترسيخ نفسها في أجزاء من العالم العربي والإسلامي، كمدافع عن القضية الفلسطينية ومقاتل فعال ضد "إسرائيل".
وهذه أنباء سيئة بالنسبة للولايات المتحدة وكل البلدان التي تصورت أن السلطة الفلسطينية قادرة على الحلول محل حماس في غزة، وهذه التقييمات التي تم إجراؤها، لا تقتصر على الإحصائيات والأرقام فحسب، بل تتعلق بالواقع السياسي الجديد بعد 7 أكتوبر.
وحسب هذا المقال، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد وعد بتغيير خريطة الشرق الأوسط قبل عملية 7 أكتوبر بفترة، وهذا ما حدث بعد حرب غزة؛ ولكن ليس كما أراد نتنياهو وحكومته.
خلال الأعوام السبعة عشر الماضية، عندما كانت غزة تحت حصار شديد، نسي العالم أمر هذه المنطقة، وبذلت الولايات المتحدة والقوى الأوروبية الكبرى كل جهد ممكن لتشديد الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" على غزة.
كما بذلت "إسرائيل" خلال هذه السنوات جهودًا كبيرةً لفصل غزة عن الضفة الغربية، وإلغاء أي إمكانية لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية من غزة إلى الضفة الغربية.
النجاح الذي حققته حماس خلال شهرين في حرب غزة، لم يتحقق في الانتفاضتين الفلسطينيتين
وأكد كاتب هذا المقال: إن النجاح الذي حققته حماس في حرب غزة خلال الشهرين الأخيرين، لم يتحقق حتى في الانتفاضتين الأولى والثانية بالنسبة للفلسطينيين.
قد تكون نتيجة هذه الحرب حالةً مستمرةً من الصراع، من شأنها أن تحرم "إسرائيل" من ادعائها بأن تصبح "دولةً" طبيعيةً على النمط الغربي في المنطقة، وفي هذه الحالة، سيكون هناك دائمًا خطر انتشار الحرب، حيث نرى هجمات يمنية على السفن الغربية المارة عبر البحر الأحمر.
وكتب ديفيد هيرست في ختام مقاله: إن "سقوط وتدمير حماس" كان شعاراً باللغة العبرية، وكان الهدف المعلن لمجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي في حرب غزة، لكن بعد شهرين يمكن أن يتغير هذا الشعار، ويصبح "سقوط وتدمير إسرائيل"؛ لأن هذا هو الحدث الذي يمكن أن تحدثه الحرب الحالية.