الوقت - استهداف العدو الصهيوني للصحفيين ليس جديداً، بل هو نهج إجرامي ممنهج إذ لا يفقه العدو سوى لغة القتل والدمار، قتل الحق والحقيقة وصورتها كما هي بلا تجميل، ولأن صوت الصحفيين هو صوت الحق، ولأن صورتهم صورة الحقيقة والبرهان يستهدفهم العدو الصهيوني، الذي يخشى الكلمة والقلم والصورة رغم امتلاكه أحدث الوسائل العسكرية إلا أن الكلمة تهزه والقلم يربكه والصورة تهشم صورته.
فاستشهد اليوم أربعة صحفيين فلسطينيين في غارات جوية إسرائيلية استهدفت مباني سكنية في مدينة غزة، على ما أعلنت مصادر إعلامية حكومية ومهنية.
وقال سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في بيان “ننعي الزملاء سعيد الطويل … محمد صبح وهشام نواجحة”، وحسب بيان المكتب تم استهدافهم من قبل طائرات الاحتلال أثناء تغطيتهم إخلاء إحدى البنايات المهددة بالقصف غرب غزة قرب ميناء الصيادين.
من جهتها أدانت نقابة الصحفيين استشهاد ثلاثة آخرين من الصحفيين في قطاع غزة في العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وفي وقت لاحق، أعلن التجمع الإعلامي الفلسطيني استشهاد مسؤولة لجنة الصحفيات في التجمع سلام خليل ميمة وزوجها وأطفالهما.
وقال التجمع إن منزل العائلة في منطقة النعجة شرق مخيم جباليا قد تعرض لقصف إسرائيلي غادر وبهذا يرتفع عدد الصحفيين الذين قضوا في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى ثمانية منذ بدء التصعيد السبت.
فيما استشهد السبت كلاً من الصحفيين إبراهيم لافي ومحمد جرغون ومحمد الصالحي، فيما استشهد صحفي رابع يدعى أسعد شمّلخ الأحد جراء القصف حيث وصف بيان المكتب الحكومي استشهادهم بأنه سلوك إجرامي ضد الصحفيين والصحفي سعيد الطويل هو مدير وكالة محلية تدعى “الخامسة للأنباء”، فيما يعمل نواجحة مراسلا لوكالة “خبر” المحلية أما صبح فكان مصورا صحافيا.
وكان الصحفيون الثلاثة برفقة صحفيين آخرين ومع معداتهم الصحفية يقفون على بعد عشرات الأمتار لتغطية عملية قصف جوي إسرائيلي متوقعة لبناية سكنية تلقى أحد سكانها اتصالا هاتفيا من الجيش الإسرائيلي يطلب إخلاءها تمهيدا لتدميرها.
لكن وفقًا لصحفيين شهدوا الواقعة فإن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف البناية التي وقف عندها الصحفيون لتوثيق القصف وهو ما يبين أن هذا السلوك الإجرامي مقصود من قبل العدو هدفه التضليل الإعلامي للحقائق والتعتيم عليها.
بدورها أكدت نقابة الصحفيين فقدان الاتصال مع مصورين صحفيين اثنين هما المصور التلفزيوني في شركة النجاح التابعة لجامعة النجاح بنابلس نضال الوحيدي، والمصور في شركة عين ميديا المحلية هيثم عبد الواحد وحسب بيان النقابة فقد كانا يغطيان القصف الإسرائيلي شمال قطاع غزة، كما أصيب أكثر من 10 صحفيين بجروح متفاوتة الخطورة وفق المكتب الإعلامي التابع لحركة حماس في قطاع غزة.
تجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي مسؤول عن 80% من حالات قتل الصحفيين والعاملين الإعلاميين في الأراضي الفلسطينية والموثقة في قاعدة بيانات لجنة حماية الصحفيين أما الـ 20% الباقية – خمس حالات – فقد تُوفي فيها الصحفيون لأسباب مختلفة.
ففي عام 2007، استشهد صحفيان فلسطينيان على يد مسلحين يرتدون زي الحرس الرئاسي الفلسطيني؛ كما استشهد صحفي فلسطيني فيما يبدو أنه انفجار غير مقصود في موقع أمني للسلطة الوطنية الفلسطينية في عام 2000.
وفي عام 2014، قُتل مراسل صحفي إيطالي ومترجم فلسطيني يعاونه، وذلك بينما كانا يتابعان فريقاً من المهندسين الفلسطينيين يعملون على إبطال صواريخ إسرائيلية لم تنفجر، وقد تفجّر أحدها.
وتشمل أبحاث “لجنة حماية الصحفيين” بعضاً من السنوات التي شهدت أشد مستويات العنف والقمع ضمن النزاع الفلسطيني- الاسرائيلي، وذلك منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000، إلى العمليات العسكرية الإسرائيلية المتكررة ضد المقاتلين الفلسطينيين.
وقد حدثت جميع الوفيات في الضفة الغربية، كونه منطقة خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، وفي قطاع غزة بوصفه شريطاً ساحلياً خاضعاً لحصار عسكري إسرائيلي، ولم يُقتل أي صحفي ضمن الحدود الإسرائيلية المعترف بها دولياً.
وما حالات استشهاد الصحفيين هذه سوى جزء من القصة، فقد أصيب العديد من الصحفيين بجراح، وفي عام 2021 قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي مبان في غزة تأوي مكاتب لأكثر من عشر مؤسسات إعلامية محلية ودولية.
يُعتبر الصحفيون مدنيين بموجب القانون الدولي، وبالتالي يتعين على القوات العسكرية أن تتخذ إجراءات لضمان سلامتهم أثناء الأعمال العدائية، مع ذلك، وبينما يحظر القانون الدولي استهداف المدنيين، فإنه يقر أيضاً بأنه لا يمكن تجنب الوفيات تجنباً كاملاً، ولا يتطلب القانون من القوات العسكرية إجراء تحقيقات بهذا الشأن كلما حدث ذلك.
في الواقع، لم تعلن "إسرائيل" أبداً عن إجراء تحقيقات بشأن ما لا يقل عن خمس حالات – أي ربع العدد الإجمالي – من الحالات التي وردت في قاعدة بيانات “لجنة حماية الصحفيين” بشأن قتل الصحفيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي وقال جيفري كورن وهو خبير في القانون العسكري في “جامعة تكساس تيك” الأمريكية: هذا لا يعني أنه لا توجد أوضاع يكون إجراء تحقيق بشأنها أمراً ملائماً وضرورياً لتحديد ما إذا كان أحد ما قد اتخذ قراراً غير معقول بخصوص استخدام القوة.
وتشهد الضفة الغربية موجة توتر ومواجهات ميدانية بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، بالتزامن مع تدهور الأوضاع في قطاع غزة كما أطلقت حركة “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى فجر السبت في غزة عملية “طوفان الأقصى”، ردا على اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس المحتلة.
في المقابل، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية “السيوف الحديدية” ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.