الوقت- في الأيام الماضية، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن هناك زيادة في احتمالية التصعيد العنيف على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة من القوات الاحتلال الإسرائيلي، نتيجة لما أسماها "انتهاكات" المقاومة اللبنانية أي حزب الله، ودعا الأمم المتحدة إلى التحرك فورًا وفقًا لوكالة الأنباء الألمانية، وحسب تقرير نشرته قناة "آي 24 نيوز" العبرية على موقعها الإلكتروني، جرى لقاء بين غالانت والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، حضر الاجتماع أيضًا سفير كيان الاحتلال الإسرائيليّ لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، ورئيس الأركان، شاشار كاتس، والسكرتير العسكري العميد الجنرال، غاي ماركيزانو، في ظل عدم قدرة "إسرائيل" ورغبتها على المواجهة مع حزب الله، وتآكل الردع الإسرائيلي ضد هذا الحزب، وتحول المقاومة اللبنانيّة إلى قوّة حقيقية صادمة للقيادات الصهيونيّة، إضافة إلى رد لبنان الذي جاء على عكس ما تشتهي القيادات العسكرية الإسرائيلية.
تحديات تواجه الكيان
وفقًا للمعلومات، أجرى الجانبان مناقشة إيجابية ومثمرة تركزت على التهديدات المتنامية التي تواجه أمن كيان الاحتلال الإسرائيلي واستقرار منطقة الشرق الأوسط التي باتت غير آمنة منذ اللحظة الأولى لتشكيل الكيان على أراضي فلسطين، وزعم غالانت أن "التوترات المتزايدة على الحدود الشمالية لـ"إسرائيل" نتيجة الاستفزازات المستمرة والانتهاكات الصارخة" التي ينفذها حزب الله، بما في ذلك إقامة خيمة للحزب داخل الأراضي الإسرائيلية وإنشاء مجمعات عسكرية على طول الحدود، إضافة إلى زيادة الدوريات ووجود أعضاء الحزب، والتي رد عليها لبنان بقوّة وخاصة ضد الدول التي تناصر "إسرائيل" بشأن قضية خيام حزب الله، ورداً على طلب دبلوماسيي الدول الخمس الكبرى بتفكيك خيام حزب الله، قال وزير خارجية الحكومة اللبنانية المؤقتة عبد الله بو حبيب، سابقا، إنه إذا كان هناك نقاش، فيجب أن يكون حول احتلال "إسرائيل" لحقول شبعا، وليس حول خيام حزب الله، حيث رد لبنان بحزم وقوّة، بعد أن ردت الحكومة اللبنانية على طلب تل أبيب بخصوص الخيم التي أقامها "حزب الله" أو المقاومة اللبنانية، والتي يرغب كيان الاحتلال الصهيوني بإزالتها، والتي تدعي تل أبيب أنها داخلة في حدود احتلالها، وذلك تجنباً للدخول في الحرب مع حزب الله.
وفي الوقت الذي أشار غالانت إلى ضرورة تدخل الأمم المتحدة على وجه السرعة لتهدئة التوترات من خلال تعزيز سلطة "اليونيفيل" في المنطقة وضمان حرية تنقلها وتنفيذ مهامها، تحدثت مؤخرا وسائل الاعلام العبرية أن حزب الله سيوافق على تفكيك الخيمة إذا أوقف الجانب الإسرائيلي بناء جدار الغجر، وتجدر الإشارة إلى أن الخيم بنيت في المنطقة فوق الخط الأزرق منذ حوالي شهر، وقام حزب الله في وقت لاحق بتفكيك واحدة والحفاظ على واحدة أخرى، داعيا "الدولة اللبنانية والشعب اللبناني إلى اتخاذ إجراءات لمنع توطيد الاحتلال الإسرائيلي للجزء اللبناني من قرية الغجر الحدودية"، وهذا بالفعل ما قامت به الحكومة اللبنانية وأجهزتها الدبلوماسية، وخاصة أنّ الخيمة التي تعيش فيها العناصر العسكرية لحزب الله أصبحت رمزا للحزب، ويرى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنها فرصة، وفقا لتقارير عبرية، لكسر شوكة لبنان.
وإضافة إلى ذلك، يزعم الإعلام العبريّ أن نصر الله لاحظ أن وضعا جديدا قد تشكل في المنطقة التي يمكن أن يحاول الاستفادة منه، وفي الوقت نفسه، تبذل "إسرائيل" جهودا لحل القضية من خلال" الوسائل الدبلوماسية" وسط شكوك حول فرص نجاحها في القضية، واعتبر محللون صهاينة أن غمر" إسرائيل" في الخيام في منطقة مزرعة شبعا المحتلة يعتبر نجاحا كبيرا لحزب الله، ما يعني أن" احتمال التصعيد يزداد بمرور الوقت "، حيث وقفت قوات الاحتلال الإسرائيلية وقوات الأمن " عاجزة عن مواجهة ردود حزب الله على الاستفزازات الإسرائيلية، ويدعي الجانب الإسرائيلي أنه منح حزب الله فترة محددة لتفكيك الخيام (التي لم يتم الإعلان عنها)، وأكدت الدوائر العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية أن تل أبيب ستزيل الخيام حتى لو كان ذلك على حساب معركة قد تستمر لأيام، على حد زعمها، وقال حزب الله إن "إسرائيل" اتخذت مؤخرا إجراءات "تمثلت في بناء أسوار من الأسلاك الشائكة وبناء جدران خرسانية حول القرية بأكملها"، ما أدى إلى "فصلها عن البيئة التاريخية الطبيعية داخل أراضي لبنان وفرض سلطتها عليها".
أهداف إسرائيلية خبيثة
بوضوح، تحدث حزب الله أن هدف ما حدث هو "الاحتلال الكامل للقسم اللبناني بقوة السلاح وفرض الأمر الواقع"، وقد لبت الدولة اللبنانية وجميع مؤسساتها إجراءات منع إجراءات هذا الاحتلال المقيت، ودعت وزارة الخارجية اللبنانية، في الفترة الماضية، المسؤولين الدوليين إلى الضغط على تل أبيب للتراجع عن قرارها بمنع دخول اللبنانيين إلى القرية، متهمة إياها "بالسعي لضم القرية في انتهاك واضح لقرار مجلس الأمن رقم 1701"، ليخلق واقعا جديدا على الأرض، فيما دعت اليونيفيل كلا من حكومة الاحتلال ولبنان إلى " التزام الهدوء "ووصفت الإجراءات بالقرب من الخط الأزرق الذي يفصل بين لبنان وفلسطين بأنها "حساسة للغاية.
وعلى هذا الأساس، أزمة جديدة تضاف إلى أزمات الكيان الصهيونيّ الغاصب للأراضي العربية، تضاف إلى هزائمه الكبيرة، وخاصة في ظل الأزمات الداخلية التي وقع فيها الإسرائيليون بشدّة في الأيام الماضية، واعترافهم بأنّ "قوة الردع الإسرائيلية ضد حزب الله تضررت وفشلت بشكل كبير"، وكأن الحزب –بتأكيد الإعلام العبري- ينتصر على جميع المستويات، بطريقة كشفت تآكل الردع الإسرائيلي وأثبتت أن حزب الله لا يخشى الرد العسكري الإسرائيلي، ومن ناحية أخرى إن الرد اللبناني الحازم يدل على أن "إسرائيل" باتت في موقف أضعف اليوم، فيما تعلم قوات الأمن والجيش الصهيونيّ أن أي عملية عسكرية ضد حزب الله سيكون رداً قاسياً من الحزب وسينفذ حزب الله عملية ستوجه ضربة كبيرة لجبهة "إسرائيل" الداخلية، وخاصة أنّ المقاومة اللبنانيّة المتمثلة في "حزب الله" حققت انتصارات كبيرة على الصهاينة، وفرضت معادلاتها وغيّرت المحاور القتالية بشكل كبير.
وبما أن كيان الاحتلال الإسرائيلي لا يفهم سوى لغة القوة، فإن قوة الحزب على كمية ونوعية الصواريخ التي يمتلكها، واستخدام استراتيجية الحزب عادةً القذائف والصواريخ كأسلحة هجومية، إضافة إلى وحدات المشاة الخفيفة والدروع المضادة للدروع، فضلاً عن الطائرات المسيّرة، لذلك، تؤثر حقيقة أن حزب الله لا يأبه الإسرائيليين، وعلى الكيان الصهيوني الذي انخفض صوت تهديده كثيرا عن السابق، وبات يعترف بأن الموقف الاستراتيجي والردع لكيانه آخذان في التآكل التام، ناهيك عن أنه يمر بأزمة خطيرة، سببها الرئيسي هو تمزقه وتعميق الانقسامات الداخلية للصهاينة، وهي فجوة يدركها أعداء "إسرائيل" جيدًا، وعليه تتجنب القيادات الإسرائيلية الدخول في حرب مع لبنان ربما تتحول إلى حرب واسعة النطاق، وهي معركة تضر بالإسرائيليين أكثر مما يتخيلون.
وفي هذا الشأن، تعلم "إسرائيل" أنّ قوة المقاومة اللبنانية العسكرية تستند بالدرجة الأولى على كمية ونوعية الصواريخ التي يمتلكها حزب الله، وتستخدم استراتيجية الحزب عادةً القذائف والصواريخ كأسلحة هجومية، إضافة إلى وحدات المشاة الخفيفة والدروع المضادة للدروع، فضلاً عن الطائرات المسيّرة، وقد بيّن الإعلام العبريّ قبل مدّة أنّ مدى تأثير حزب الله على التدريبات الإسرائيليّة السابقة، وكيف أنّ هاجسه بالنسبة للكيان الاحتلال لا يزال كما كان في السابق، أيْ الهاجس نفسه، الذي يقُضّ مضاجع الإسرائيليين، قيادةً ومستوطنين، بالتزامن مع حديث تقارير إعلامية كثيرة أنّ حزب الله يمتلك كميات كبيرة من الصواريخ المضادة للطائرات والقذائف المضادة للسفن، فضلًا عن آلاف من القذائف المضادة للدبابات التي يتمتع عناصره بمهارات في استخدامها، وتشمل نقاط القوة التكتيكية لحزب الله التغطية والإخفاء، والنيران المباشرة، وإعداد المواقع القتالية.
الخلاصة، أشار وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى أن الكيان لن يتسامح مع ما وصفها "التهديدات المتنامية لأمن الصهاينة" وسيعمل بالطرق المطلوبة للدفاع عنهم، وأعرب غالانت عن تقديره للأمين العام للأمم المتحدة لدوره ومساهمته الشخصية في حل قضية الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس في قطاع غزة، لكنّه تناسى أنّ لبنان بات "خطاً أحمر" يقف بوجه الاحتلال على الدوام، ولن تحصد تل أبيب بوجود المقاومين سوى الخذلان، وها هي اليوم تتبع الأساليب التي كانت تتبع معها، في دليل على نهاية الردع الإسرائيليّ.