الوقت - حذرت منظمة التحرير الفلسطينية، السبت، من مخاطر إجراء الإدارة الأمريكية “مساومات” مع إسرائيل بشأن البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية.
وقال “المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان” في المنظمة، في بيان، إن مثل هذه المساومات يمثل تكلفة باهظة الثمن على حساب الأراضي الفلسطينية وفرص حل الدولتين.
وأشار البيان إلى التقارير العبرية الصادرة مؤخرا عن موافقة واشنطن على بناء أكثر من أربعة آلاف وحدة جديدة في الضفة الغربية، مقابل تأجيل الحكومة الإسرائيلية بحث إقرار البناء في مشروع (منطقة إى 1) بين شرق القدس والضفة الغربية.
واعتبر البيان أن الرئيس الأمريكي جو بايدن “لا يريد الدخول في معركة مفتوحة مع الحكومة الإسرائيلية الحالية مع تجنب تفجر الوضع الفلسطيني وهو على وشك إطلاق حملته لخوض انتخابات الرئاسة القادمة، فضلا عن كونه منهك بفعل الحرب الروسية الأوكرانية وهموم الأوضاع الاقتصادية والتوترات المتزايدة مع الصين”.
ورأى البيان أن خيارات بايدن “في علاقاته مع الحكومة الإسرائيلية ونشاطاتها الاستيطانية تبدو محدودة ولا تستطيع إدارته سوى التعبير عن القلق من الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب”.
وأكد البيان أن حكومة إسرائيل “لا تعير اهتماما بالمواقف اللفظية للإدارة الأمريكية أو بالقانون الدولي وهي ماضية في خطط التوسع الاستيطاني وتقويض حل الدولتين المدعوم دوليا” لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأشار بهذا الصدد إلى قرار اللجنة اللوائية الإسرائيلية توسيع البناء الاستيطاني على أراضي قرى لفتا وبيت إكسا وبيت حنينا التحتا وشعفاط في القدس عبر بناء 1703 وحدات استيطانية جديدة.
كما لفت بيان منظمة التحرير الفلسطينية إلى مصادرة السلطات الإسرائيلية الأسبوع الماضي 70 دونما في قلقيلية في الضفة الغربية بهدف بناء 192 وحدة استيطانية جديدة.
وتسابق حكومة اليمين في إسرائيل الزمن نحو حسم الصراع الفلسطيني، وتحديداً في الضفة الغربية، من خلال تقوية المشروع الاستيطاني وصولاً إلى ضمّ الضفة، ومحاولة القضاء على أيّ مقاومة مسلحة ضد الاحتلال هناك.
وضمن هذا التوجّه، اتخذت حكومة بنيامين نتنياهو خطوة نوعية غير مسبوقة، بمصادقتها على مشروع قرار لتفويض رئيس حزب «الصهيونية الدينية» والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، إصدار المصادقة الأوّلية للتخطيط والبناء في المستوطنات، وتقصير الإجراءات القانونية لتوسيع هذه الأخيرة.
ويقضي القرار بأن يتمّ دفع مخطّطات البناء من دون مصادقة المستوى السياسي، خلافاً للوضع القائم منذ 25 عاماً؛ وبالتالي لن تكون هناك حاجة إلى مصادقة رئيس حكومة الاحتلال أو وزير أمنه لطرح مشاريع بناء استيطاني في الضفة في «مجلس التخطيط الأعلى»، التابع لوحدة «الإدارة المدنية» في جيش الاحتلال، سواء خلال مرحلتَي إيداع المخطّط أو المصادقة عليه نهائياً، والتي كانت تمتدّ على أربع عمليات مختلفة أو أكثر، وتستمرّ لعدة سنوات، وفق ما كان متبعاً سابقاً.
ويُعدّ هذا القرار بمثابة خطوة فعلية نحو بداية الضمّ للضفة الغربية، لكونه مطبَّقاً في الداخل المحتل؛ وبالتالي، سيسري على مخطّطات البناء في المستوطنات ما يسري على مخطّطات البناء في إسرائيل، حيث لا تحتاج الأخيرة إلى مصادقة رئيس الحكومة ووزير الأمن على أيّ مرحلة من خطط البناء.
والواقع أن تداعيات هذه الخطوة لن تتأخّر، بل سرعان ما سيتبعها «تسونامي» من مشاريع الاستيطان في الضفة وتحديداً في القدس، كما ستُترجَم خلال أيام بالمصادقة على مخطّطات بناء تشمل آلاف الوحدات السكنية، فيما من المقرّر أن تُنشر اليوم عطاءات لبناء 4560 وحدة استيطانية في العديد من مستوطنات الضفة الغربية، من أصل 10 آلاف وحدة كان تمّ في اجتماع لوزارة الإسكان إقرار طرحها تمهيداً لبنائها. وسبق ذلك إيعاز سموتيريتش إلى موظفي الوزارات بالاستعداد لاستيعاب نصف مليون مستوطن آخر في الضفة، وتحسين البنية التحتية في المستوطنات.
وقال سموتريتش، في عدة مداولات مغلقة، إنه يعتبر مضاعفة عدد المستوطنين في الضفة «مهامَّ أساسية» للحكومة، فيما نقلت صحيفة «هآرتس» في حينه، عن مصادر ضالعة في هذا المخطط قولها إن الوزير في وزارة الأمن تعهّد خلال مداولات بأن تمويل المخطط «لن يشكّل مشكلة».
وبدأ يتّضح انعكاس مشاركة سموتريتش في الائتلاف الحكومي على التوسع الاستيطاني في الضفة، كون ذلك كان جزءاً من التفاهمات بينه وبين نتنياهو قبل تشكيل الحكومة. ومنذ دخوله إلى وزارة الجيش، كوزير ثانٍ فيها، تمّت المصادقة على عدد من الوحدات السكنية، يفوق ما جرى إقراره في أي عام كامل.
وتهدف حكومة اليمين، خلال الفترة المقبلة، إلى منح الحرية الكاملة للمشروع الاستيطاني في الضفة، وهو ما سيؤدي إلى تغيير الوضع الديموغرافي وتحديداً في القدس من خلال زيادة عدد المستوطنين إلى مليون، وتقطيع أوصال الضفة وعزل مناطقها بعضها عن بعض، واستكمال مخطّطات السيطرة على القدس من خلال الكتل الاستيطانية وبناء الجدار الفاصل لإقامة «القدس الكبرى»، وخاصة مع ترويج حكومة اليمين لمخطط «E1» الاستيطاني الذي يخدم هذا التوجه، وقبله قرار فكّ الارتباط الصادر عام 2005، والذي يعني السماح للمستوطنين بالعودة إلى المستوطنات المخلاة في شمال الضفة.
وحذّرت منظمة «ييش دين» الحقوقية (الإسرائيلية) من أن القرار الأخير «دراماتيكي ومدمر، ويهدف إلى السماح ببناء مستوطنات من دون اعتراف في الضفة، وجعل أي معارضة لهذا البناء غير ذات صلة. القرار في حال قبوله سيترك لأنصار سموتريتش القدرة على تعزيز التوسع وإقامة المستوطنات من دون أي رقابة، وندعو كل جهة تعارض ضمّ الضفة إلى التدخل الفوري لإحباط القرار الذي سيسمح بالضمّ الكامل في المستقبل القريب».
الواضح أن الاستراتيجية الإسرائيلية بشقّيها: تصعيد الاستيطان والتصعيد العسكري، لا تكترث لانعكاس ذلك على مكانة السلطة، على رغم تحذير بعض المصادر العبرية، عبر وسائل الإعلام، من أن تؤدي العملية الواسعة في شمال الضفة إلى تقويض مكانة السلطة، فيما القلق الحقيقي لدى حكومة الاحتلال يكمن في احتمال تطور تلك العملية إلى حرب مع قطاع غزة أو مع جبهات أخرى.