الوقت- لقد برز الوجودُ العسكريُّ الأجنبي في المحافظات اليمنية المحتلّة منذ البداية بشكلٍ لافت، الأمرُ الذي أثار الكثيرَ من التساؤلات عن أهداف وأبعاد هذا التحَرّك العسكري الاجنبي ومدى تأثيراته على الأمن القومي لليمن، حيث إنه خلال العدوان السعودي الإماراتي على اليمن ظهرت تحَرّكاتٌ بريطانية وفرنسية وغيرها في المحافظات الجنوبية المحتلّة، وتم بناءُ قواعدَ عسكريةٍ لها في الجزر والموانئ اليمنية وعلى مقرُبة من المنشآت النفطية والغازية، وهو ما يكشف بوضوح مطامعِ هؤلاء الغزاة والمحتلّين في ثروات اليمن ومقدراته، ويكشفُ خفايا وأسرارٍ أُخرى لهذا التواجد تنكشف واحدة تلو أُخرى مع مرور الزمن، ولهذا فإن التحَرُّكَ العسكريَّ الاجنبي في محافظة حضرموت جاء في سياق المؤامَرةِ الأمريكية والبريطانية والفرنسية لنهب الثروات النفطية والغازية في اليمن الغني بهذه الثروات، فكما هو معلوم أن المحافظات الجنوبية غنية بالثروات النفطية والغازية والمعدنية والسمكية وغيرها من الثروات الطبيعية الأُخرى، وهذا ما يسيل لعاب فرنسا وغيرها من هذه الدول التي سعت في الأرض فساداً.
في السياق نفسه لا بد من القول إنه توجد في المحافظة اليمنية الجنوبية والشرقية المحتلّة العديد من المنشآت الحيوية، مثل منشأة بلحاف ومينائها، حَيثُ كانت شركة “توتال” الفرنسية هي السباقة في تلك الصفقة مع النظام السابق الذي تآمر على مقدرات البلاد وباعها بأرخص الأثمان، فتحَرّكت فرنسا ودعمت الإمارات لتحريك عناصرها وقواتها من المرتزِقة لإخراج ميليشيا الإصلاح المسيطرين على حقول الغاز في صافر وكذلك في منطقة عسيلان في شبوة وهو حقل “جنة” وبعد ذلك تم قطع صادرات الغاز في ظل الصراع الدائر بين أدوات العدوان، وبعد إزاحة الإخوان تم تشغيل هذه المنشأة الغازية، وذلك بعد لقاء السفير الفرنسي مع عمار صالح الذي قلده أعلى وسام فرنسي؛ مِن أجلِ إدارة شؤون هذه المحافظة وضخ الغاز لشركة توتال ومن ثم إلى دول أُورُوبا. فالمحافظات المحتلّة ولا سِـيَّـما النفطية منها باتت محطة للقواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية التي تسعى لنهب ثروات الشعب اليمني بقواتها العسكرية على الأرض وبأدواتها العملية.
نهب النفط والغاز اليمني
لقد كان هدف التدخل الخارجي والتحَرّك المباشر وبهذا العدد من مختلف القوات البريطانية والفرنسية والأمريكية هو مِن أجلِ نهب النفط والغاز اليمني، لسد حاجة الفراغ الذي يعانون منه بعد انقطاع صادرات روسيا، حيث إن الشركات التي نقبت في هذه المحافظات هي شركة “هنت الأمريكية، وبترومسيلة، وكذلك توتال الفرنسية” وهي شركات ممعنة في نهب وسرقة مقدرات اليمن منذ عقود وباتّفاقيات مع الخونة والعملاء السابقين والحاليين”، فقد تم توريط الشعب اليمني في السابق في اتّفاقيات خاسرة وصفقات فاسدة ما زالت إلى اليوم مع هذه الشركات، حيث إن التحَرُّكَ العسكري الأمريكي والبريطاني والفرنسي في المحافظات والمناطق المحتلّة اليوم له أبعادُه الاقتصادية التي تنطلق منها، وخَاصَّةً بعد المتغيرات الدولية التي طرأت؛ بسَببِ الحرب الروسية الأوكرانية، وبسبب تفاقم المشكلة الاقتصادية لدى تحالف العدوان، وانهزام وتراجع المشروع الغربي وأحادي القطبية، وهو بذلك يريد أن يسيطر على المحافظات والأراضي اليمنية المليئة بالثروات النفطية والغازية لتعويض ذلك.
وفي السياق نفسه، فإن التحَرّكاتِ الفرنسية والغربية في المحافظات المحتلّة ولا سِـيَّـما النفطية منها كمحافظتي “شبوة، وحضرموت” هي مخطط لها لنهب الثروات النفطية والغازية التي تتمتع بها اليمن وهم يعرفون ويدركون جيِّدًا بأن اليمن يمتلك مخزوناً هائلاً من النفط والغاز، وَوفقاً لتقارير ودراسات وأبحاث وحتى ما نشرته بعض وسائل الإعلام الأمريكية كما جاء في صحيفة “التايمز” الأمريكية التي نشرت تقريرها في عام 2013م، وتتحدث بأن كميةَ النفط المتواجد في اليمن يزيد على نفط دول الخليج مجتمعة.
نعم إن هذا يشكل أحد أهم الأهداف التي تحَرّك لأجلها تحالف العدوان على اليمن في البداية للسيطرة على منابع النفط والغاز، فشركاتِ التنقيب الأمريكية والفرنسية وغيرها المُستمرّة منذ بدأ العدوان سعت لنهب خيرات اليمن ومقدراتها النفطية والغازية، لكن القواتُ المسلحة اليمنية بجيشها ولجانها الشعبيّة أكدت للجميع أنها قادرةٌ على قطع كُـلّ الأيادي التي تسرق وتنهب ثروات ومقدرات الشعب اليمني، فكُـلّ التحَرّكات المعادية في هذا الصدد كانت مرصودةٌ بدقة منذ البداية .
صنعاء توجه رسالة نارية إلى فرنسا
وجهت حكومة الإنقاذ الوطني رسالة نارية إلى الحكومة الفرنسية رداً على تصريحات متحاملة لسفيرها ، مؤكدة أن اعادة تصدير الغاز ممكنة شريطة أن يكون وفق السعر العالمي .وقال نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني حسين العزي في تدوينة على (تويتر) : " لم يعد في مقدور فرنسا سرقة الغاز اليمني وهذا ما يدفع سفيرها البليد للحديث عنا بكل ذلك الحقد " . وأضاف: " أقول لباريس: لا داعي لأن يلعب سفيركم دور الغرق في البكائيات والأكاذيب والأحقاد وليس من الجيد استعداء الشعب اليمني نحن أصدقاء وشراء الغاز اليمني ممكن ولكن بالسعر العالمي فقط " .
وفي السياق نفسه وفي وقتٍ سابق وجهت الهيئة العليا لمكافحة الفساد في اليمن، مذكرة للمجلس السياسي، اعلى سلطة في صنعاء،..., وثيقة تنهي استحواذ فرنسا على غاز اليمن، و طالبته باتخاذ الإجراءات لاستعادة حقوق اليمن المنهوبة من الغاز المسال الذي تستحوذ عليه فرنسا. جاء ذلك في اعقاب صدور حكم محكمة الأموال العام بإنهاء استحواذ شركة توتال الفرنسية على الغاز ومطالبته بتعويضات ضخمة..وطالبت الهيئة رئاسة المجلس بالتوجيه بسرعة اتخاذ الإجراءات المناسبة والتدابير لتحسين الوضع التفاوضي في الجانب الاقتصادي.
وكانت محكمة الأموال العامة أصدرت في وقت سابق حكما يقضي بإلغاء حق الامتياز لشركة واي ان جي المشغلة لشركة بلحاف للغاز المسال والتي تستحوذ شركة توتال الفرنسية على 39% من حصتها.. وقضى الحكم أيضا بمطالبة الشركة بتعويضات للخسائر التي تسببت بها في اتفاقية الغاز، وتسببت التوجهات الأخيرة بغضب فرنسي برز بالتصريحات الأخير للسفير وزيارته لحضرموت حيث هاجم من وصفهم بـ"الحوثيين" من هناك.
الأطماع الفرنسية
كشف تحقيق تفاصيل جديدة تنشر لأول مرة عن ثروة اليمن الغازية والأطماع الفرنسية الأمريكية بعنوان ” الغاز الطاقة المهدرة”.وأكد التحقيق الذي بثته قناة المسيرة الفضائية الجمعة، أن احتياطي اليمن المعلن من الغاز عند سقف 18 ترليوناً و300 مليار قدم مكعب يقتصر على قطاعي 18 و5
.ولفت التحقيق إلى أن مطامع زيادة مخصصات تشغيل محطة تسييل الغاز في بلحاف ومخصصات التصدير كشفت عن قرابة 4 ترليونات قدم مكعب من الغاز غير معلنة في عدد من القطاعات، فثروة الغاز لا تقتصر على مأرب أو شبوة وحضرموت فقط بل تشمل محافظة الجوف. ولهذا فإن المسوحات الزلزالية المنفذة في قطاعات الجوف والآبار المحفورة هناك في أكثر من قطاع عكست نتائج مشجعة فيما يخص الثروة الغازية ، كما أن التدخلات الأجنبية حالت دون استكمال الاستثمار في الجوف وخصوصا أن هناك شركات قدمت عروضا بهذا الخصوص. كما أن المطامع الفرنسية والأمريكية قائمة على إمكانية إنتاج الغاز من قطاعات أخرى غير السابقة في ظل جاهزية البنى التحتية المتعلقة بالنقل والتسييل.
في السياق نفسه لا بد من الإشارة إلى أنه كان هناك مفاوضات إماراتية فرنسية لإعادة تشغيل منشأة بلحاف الغازية في شبوة حيث وصلت قوة فرنسية خاصة إلى منشأة بلحاف لتأمين إعادة تشغيلها وأكد وزير الخارجية الأسبق أبو بكر القربي وجود تحضيرات لإعادة تشغيل بلحاف وكشف القربي حينها عن مفاوضات فرنسية مع بعض دول الإقليم لتشغيل منشأة بلحاف وأكد سياسيون أن أحداث شبوة كان هدفها الاستيلاء على الغاز والنفط في المحافظات الشرقية وأطلقت تحذيرات من استئناف تصدير النفط دون تعديل الاتفاقية مع الشركة الفرنسية حيث إن تلك الأحداث كانت غطاء مفضوحاً لتحرك فرنسي لإعادة تصدير الغاز .
توتال، زعيمة ناهبي الموارد اليمنية
إن شركة توتال التي وقعت عقوداً مع الحكومة اليمنية لاستخراج النفط والغاز في الماضي، مع بدء الحرب بين التحالف المعتدي تمت إتاحة الفرصة الجيدة لهذه الشركة لنهب هذه الموارد دون دفع أي تكلفة. وفي غضون ذلك، ادعى محمد عبد الرحمن شرف الدين، الخبير الاقتصادي اليمني، في مارس 2016، أن شركة توتال سرقت كمية من النفط في منطقة "الخرخير"، وأن هذا الإجراء نفذته السعودية والرئيس اليمني الفار عبد ربه منصور هادي. ووفقًا لذلك، في عام 2014 وقبل أشهر قليلة من بدء الحرب، التقى كريستوف دومارجري، الرئيس التنفيذي لشركة توتال آنذاك، بمنصور هادي لمناقشة توسيع هذه الشركة في البلد المضيف. وقال مارجري إن العلاقة مع اليمن حكيمة وإن شركة توتال تقوم بتوسيع وتطوير حقولها النفطية في هذا البلد.
من ناحية أخرى، أكد عبد العزيز بن حبتور، رئيس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية، في كلمة في وقتٍ سابق: أن "مرتزقة التحالف السعودي نهبوا أكثر من 14 مليار دولار من عائدات النفط والغاز اليمنية وأودعوها في البنك الأهلي السعودي". وفي الوضع الحالي، يمكن لهذا العدد أن يحل جزءًا كبيرًا من مشاكل اليمن المعيشية، لكن السعوديين لم يسمحوا بمثل هذا الأمر، وإضافة إلى قتل مئات الآلاف من الناس وتشريد الملايين، فقد لجؤوا أيضًا إلى نهب اليمن، حتى أنهم بحصارهم البحري، لم يسمحوا لأنصار الله بتزويد اليمن بالوقود من الخارج. ولقد حذر أنصار الله مراراً وتكراراً من دخول وفد من القوات العسكرية الأمريكية إلى محافظة حضرموت بهدف إقامة قاعدة لنهب نفط المحافظة. وبعد دخول القوات الأمريكية محافظة حضرموت، دخلت القوات الفرنسية أيضًا محافظة شبوة لنقل موارد اليمن المهمة إلى الأسواق الأوروبية بدعم مباشر من التحالف المعتدي.
ولقد أعلنت مصادر إعلامية، في 27 أغسطس / آب، أن وفداً عسكرياً فرنسياً ووفدا من شركة توتال التقى عوض بن الوزير العولقي، المحافظ المعين من قبل الإمارات، بعد وصوله إلى مدينة عتق، وأشارت هذه المصادر إلى أنه في هذا الاجتماع، وبحضور ضباط إماراتيين، تمت مناقشة الاستعدادات لاستغلال منشآت غاز "بلحاف" التي استولت عليها شركة توتال الفرنسية والقوات الإماراتية، ويقال إن توتال ستستثمر 5 مليارات دولار في استخراج الغاز في هذه المنطقة. كما تظهر الأدلة، أن الغربيين كانوا جشعين وعيونهم على موارد اليمن النفطية والغازية منذ البداية، وبعد اندلاع حرب أوكرانيا التي أدت إلى أزمة الطاقة في الغرب، ركزوا على هذه الموارد لحل مشاكلهم من اليمن.
وأخذ رسو ناقلات النفط التابعة للتحالف العدواني في الموانئ الجنوبية لليمن يؤدي إلى سرقة النفط بشكل متزايد في الأشهر الأخيرة، ما يشير إلى أن قضية الطاقة تحظى بالأولوية أكثر من أي وقت مضى. وتحاول واشنطن والأوروبيون الاستفادة من موارد الطاقة اليمنية بسبب قطع صادرات النفط والغاز الروسية إلى أوروبا. ولأن الإمارات والسعودية ليس لديهما القدرة على استخراج موارد النفط والغاز، لذلك فإن جميع الأعمال تقوم بها شركات أجنبية بقيادة شركة توتال، تُظهر كيف يسرق الغربيون ثروات اليمنيين.
وكان واضحا منذ بداية حرب التحالف التي اجتاحت اليمن أن الهدف الأساسي من هذه الهجمات هو السيطرة على احتياطيات النفط والغاز في هذا البلد، واحتلال المناطق الجنوبية التي تحتوي على موارد النفط والغاز. وأظهرت هذه الحقيقة أن المناطق الجنوبية من اليمن تحت سيطرة المرتزقة السعوديين والإماراتيين وتدار مباشرة تحت إشراف المجلس الرئاسي اليمني، لكن على الرغم من إعلان تضامن القادة السياسيين في هذه المنطقة مع المعتدين، فإن الحكومة القائمة لا تفعل شيئا لتوفير احتياجات الطاقة لتلك المناطق وهم مثل اليمنيين الآخرين، يعيشون في أسوأ الظروف، وكل النفط والغاز تتم سرقته من قبل السعودية والإمارات وشركائها الغربيين واليمنيين باعتبارهم المالكين الرئيسيين لـ هذه الموارد. إن محافظات حضرموت وشبوة وجزيرة سقطري غنية بموارد النفط والغاز، وقد ضحى المرتزقة السعوديون الإماراتيون بحياتهم مرارًا وتكرارًا لنهب نفط البلاد في مناطقهم المحتلة من أجل الحصول على حصة أكبر من هذه الموارد.
في الختام إن نهب موارد النفط والغاز اليمنية من قبل التحالف المعتدي وشركائه الغربيين، قابلة رصد من أنصار الله لكل تحركاتهم وقد اكتسبوا الآن قوة فلن يسمحوا بنهب هذه الثروات الغنية. وكان أنصار الله قد أعلنوا مرارًا أنه إذا لم يغادر المعتدون حقول النفط والغاز اليمنية فسوف يستردون حقوق الأمة منهم بالقوة، ولكي يظهروا مدى جديتهم في هذا الصدد، فقد استهدفوا ناقلات نفط المعتدين مرتين في اليمن. وكان أنصار الله قبل عملياتهم يحذرون المعتدين لوقف أعمالهم الشريرة،. إضافة إلى ذلك فقد سبق وأن وجه أنصار الله إنذارًا للشركات الأجنبية الموجودة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لمغادرة اليمن في أسرع وقت ممكن لتجنب غضب اليمنيين. ومع ذلك، ستواجه الشركات الغربية والمعتدون صعوبة في نهب النفط والغاز اليمني، ولن يقتصر الأمر على تصدير براميل النفط، بل سيتكبدون أيضًا تكاليف إضافية من خلال استهداف ناقلاتهم النفطية.