الوقت_ "بنيامين نتنياهو هو الخطر الأكبر على إسرائيل"، هذا ما أشار إليه مؤخراً رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، معتبراً أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ أكثر خطراً على الكيان أكثر من إيران وحزب الله، على حد وصفه، حيث بات الكيان بالفعل يسير في طريق مختصر واحد نحو "الهاوية" وهذا ما تنبأ به كثيرون منذ اليوم الأول لنتائج انتخابات الأول من تشرين الثاني/نوفمبر ووصول الأحزاب الدينية المتشددة واليمينية المتطرفة للحكم، الشيء الذي أدّى لوصول نتنياهو وللمرة السادسة للحكومة الأكثر فاشيّة منذ بداية الاحتلال العسكري الصهيوني لفلسطين والأراضي العربية، ليصبح الكيان مستعبدا لحاجات رجل واحد كما يقول الإسرائيليون ومسؤولوهم، وبالتالي تعميق الأزمة الداخلية وحالة الانقسام بين الإسرائيليين، مع تزايد الشروخات بشكل يهدد "المجتمع الإسرائيليّ".
"أشعر بالقلق مما يفعله رئيس حكومة الاحتلال الحالي بنيامين نتنياهو داخل إسرائيل"، عبارة جاءت على لسان رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، في مقابلة تلفزيونية مع “القناة 13”، حيث يسعى نتنياهو إلى تعديل النظام القضائيّ في وقت يواجه الأخير تهماً بالفساد في سلسلة من القضايا، وخاصة أن الحقيبة الوزارية المتعلقة بالعدل أُسندت إلى ياريف ليفين المقرّب من رئيس الوزراء، فيما تسيطر الخلافات الكبيرة في "إسرائيل" على المستويين الداخليّ والخارجيّ، لدرجة أنّ"إسحاق هرتسوغ"، رئيس الكيان الإسرائيليّ، أطلق مجدداً صافرة التحذير وكرر تصرايحاته بشأن أزمة هذا الكيان في الفترة الأخيرة، بقوله: "يمكن أن يكون لهذه الخلافات عواقب دبلوماسية واقتصادية واجتماعية وأمنية خطيرة على إسرائيل"، وخاصة عقب مصادقة البرلمان (الكنيست) الإسرائيلي، في القراءة الأولى على خطة “الإصلاحات القضائية” التي توصف بالخبيثة، والتي تعتبرها المعارضة انقلاباً على "ديمقراطية” الاحتلال حسب تعبيرها.
وتأكيداً على ذلك، أوضح لابيد أنّه لن يدخل في حكومة مع نتنياهو، مضيفاً إنّ نتنياهو ورجاله يقضون شيئاً فشيئاً على الاقتصاد والأمن في الكيان"، في ظل التخوف الكبير من تعديل حكومة نتنياهو المتطرفة النظام القضائيّ، رغم الضغوط الخارجية والداخلية المستمرة على حكومة الاحتلال العنصرية لوقف أو إبطاء عملية التشريعات الإشكالية للغاية، وذلك بالنظر إلى أنّ كيان الاحتلال أصبح مستعبداً بشكل كامل لاحتياجات الجماعات الإسرائيليّة المتطرفة، وبالتالي الجميع يتنبأ بأن الإسرائيليين سيدفعون أثماناً باهظة، وخاصة أنّ مؤسسات الكيان باتت مسخرة بالمطلق لخدمة الفاشيين.
وفي إثبات جديد لنظرية هرتسوغ التي تلخص في أن "إسرائيل في وضع سيء للغاية، والصراعات الداخلية تمزق الصهاينة"، بين لابيد في تصريحاته أنّ هذه الأزمة غير مسبوقة في الكيان، مضيفاً إنّها الأزمة القومية الأخطر التي جاءت نتيجة ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية، حيث إن "إسرائيل" تواجه أزمة تاريخية تنذر بالانهيار من الداخل، كما أنّ الصهاينة يعيشون في أصعب اللحظات التي مروا بها ويعلمون جميعًا من أعماق قلوبهم أن هذه الأزمة تشكل خطرًا داخليًا عليهم، وخاصة مع تعميق الأزمة الداخلية وحالة الانقسام بين الإسرائيليين، و تزايد الشروخات بشكل يهدد الكيان العبري.
لذلك، شدّد لابيد على أنّ الكيان بعد ستة أشهر من الآن سيكون مفككا من الداخل و”مجتمعه” منشغل بكراهية الواحد للآخر، كما حذّر من تمرير قانون ما تسمى الاصلاحات القضائية التي “سيضر بالاقتصاد والأمن الإسرائيليين"، وذلك بالاستناد إلى ان الكيان الغاصب ليس لديه دستور، ويمكن للمحكمة العليا إلغاء قوانين يقرّها البرلمان إذا اعتبرتها تمييزية، لكن حكومة الاحتلال الجديدة أقرت “بند الاستثناء” بما يسمح لها بإعادة وضع قانون رفضه القضاة قيد التطبيق، في وقت تلوح فيه “معركة” كبيرة في الأفق بين المحكمة العليا وأنصار هذا التعديل القانونيّ، ومؤخراً أصدر البرلمان التابع للعدو بشكل مستعجل قانوناً يسمح لأي شخص مدان في جريمة ولم يصدر بحقه حكم بالسجن الفعلي، بأن يكون وزيراً، وهو تشريع استفاد منه في الحكومة الحالية على وجه الخصوص الوزير العنصريّ أرييه درعي من حزب "شاس" والذي أدين سابقا بارتكاب انتهاكات ضريبية، ومن ناحية أُخرى إذا صوّت النواب على إلغاء محاكمة نتنياهو بتهمة الفساد على سبيل المثال، وألغت المحكمة بعد ذلك هذا التصويت، فإن “بند الاستثناء” سيجعل من الممكن تعليق قرار المحكمة بإلغاء المحاكمة، وهذا ما يحظى بمعارضة مئات الآلاف من الإسرائيليين.
وبناء على ذلك، أشار رئيس المعارضة الإسرائيلية إلى أنّ “إسرائيل على حافة الهاوية، وفي لحظة حسم”، وأنّها “سائرة نحو الخراب إذا تمّ إقرار قانون التعديلات القضائية"، في الوقت الذي تسيطر فيه الخلافات الإسرائيلية الداخلية على المشهد، بالأخص في الأيام الأخيرة حول استقلالية الجهاز القضائي، وحماية السلطات الثلاث، والدفاع عن مكانة المحكمة العليا، وحماية "منظومة الديمقراطية"، لكن الأصل في الانشقاقات ضمن بنية الكيان السياسيّة والاجتماعية أنها تعاني في الجوهر من مشكلات أعمق وأكبر بكثير من هذا السجال حول الجهاز القضائي، حيث تعكس هذه الخلافات تغيرات عميقة في صفوف الإسرائيليين واختلافات مستترة في السياسة والمجتمع ومجمل التوجهات، بين شرقيين وبين غربيين، بين متدينين وبين علمانيين، بين مؤيدين ومعارضين لبعض الملفات كالضم وهكذا.
وفي هذا الإطار، تحدث رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين أنّ "إسرائيل" قد تصل إلى حرب أهلية في غضون أسابيع، واصفاً حكومة نتنياهو بـ "حكومة الإرهاب"، فيما رأى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق أفيغدور كهلاني أنّ الكيان في “منتصف حرب أهلية”، معتبراً أنّ استخدام رموز الحرب يزيد من الصراع، وهذا أيضاً ما حذّر رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالي بينيت وهو الوصول إلى “حرب أهلية في إسرائيل”، داعياً إلى التفاوض بشأن قانون التعديلات القضائية، وتأتي جملة التصريحات تلك، بعد خروج مئات آلاف المتظاهرين في الكيان المحتل، ضد حكومة الاحتلال بقيادة نتنياهو، نتيجة سعيه لإقرار التعديل القضائي، الذي يُضعف سلطات القضاء، في مقابل تعزيز سيطرته على مفاصل مؤسسات الكيان، ومنها الأمنية والعسكرية، وتجددت التظاهرات مؤخراً ضد التعديلات القضائية، للأسبوع الحادي عشر على التوالي، حيث نظمت الاحتجاجات في أكثر من 125 موقعا، من ضمنها تظاهرات رئيسية في “تل أبيب” (يافا) وحيفا وبئر السبع والعاصمة الفلسطينية القدس.
في النهاية، يجمع الإسرائيليون على "نهاية الكيان"، في وقت تفقد حكومة نتنياهو شرعيتها يوماً بعد آخر، وتأخذ الكيان إلى طريق نهايته وخيمة، نتيجة تعنت نتنياهو، فيما يردد غالبية الإسرائيليين عبارة “إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة”، وإنّ موضوع "نهاية إسرائيل" يطغى بشكل كبير على لسان المواطنين والكثير من المحللين والمسؤولين الإسرائيليين، استناداً إلى أدلة كثيرة أهمها الصراع على السلطة والتماسك الداخليّ الذي بات مجرد ماض لا رجعة إليه.