الوقت- بعد نحو ثمانية ايام من وقوع الزلزال المدمر في سوريا وتركيا، اعلنت السعودية تقدمها بطلب الى دمشق بشأن هبوط طائراتها التي تحمل المساعدات الانسانية في المطارات السورية، وهو ما رحبت به دمشق واكد مدير الطيران المدني السوري المهندس باسم منصور، ان دمشق ترحب وتشكر كل من يساهم بمد يد العون لمنكوبي الزلزال المدمر، وستوافق على هبوط طائرات الدول الراغبة بإرسال المساعدات. واضافة الى الطيران ادخلت السعودية برا احدى عشر شاحنة إغاثية من معبر قرية الحمام في ناحية جنديريس في عفرين، تحمل مواد غذائية وإيوائية مقدَّمة من مركز الملك سلمان للإغاثة من أجل توزيعها في المناطق السورية المتضررة، وتم توزيعها على مناطق سيطرة الجماعات الارهابية المسلحة في الشمال الغربي من سوريا.
هذه التطورات جاءت في وقت اعلن فيه مجلس الوزراء السعودي أنه يتابع تطورات الأوضاع الإنسانية جراء الزلزال في تركيا وسوريا. واضاف وزير الإعلام السعودي المكلّف ماجد بن عبدالله القصبي، أن المجلس يتابع جهود الرياض في التخفيف من آثاره على شعبي تركيا وسوريا من خلال المشاركة في أعمال الإنقاذ وإرسال المساعدات الطبية و الإيوائية والغذائية واللوجستية.
واوضح القصيبي، أنه يجري أيضا تنظيم حملة شعبية لصالح المتضررين من هذا الحدث المؤلم للجميع، وذلك امتدادًا للدور الإنساني الذي تضطلع به المملكة بالوقوف الدائم مع المنكوبين والمكلومين في شتى أنحاء الأرض. وفي هذه الاثناء وصلت إلى مطار حلب الدولي، أول طائرة سعودية تحمل مساعدات إغاثية للمتضررين من الزلزال في سوريا، لأول مرة منذ 10 سنوات.
يبدو ان حادثة الزلزال الكارثية هذه قد تساعد في عودة العلاقات السورية - السعودية، وخصوصا أن الرياض تريد الحوار وعودة العلاقات مع دمشق لأسباب عدة، أبرزها أن الرياض لا تريد أن تكون خارج العلاقات مع سوريا في الوقت الذي تتمتع فيه إيران بعلاقات مهمة معها. إضافة إلى أن تركيا تريد تصحيح هذه العلاقات أيضا، وفيما بتعلق بالرياض فعلاقاتها الإيجابية مع دمشق تعني بوابة لضبط النفوذ التركي في المنطقة وضمان الاستقرار في عدد من الدول كلبنان على سبيل المثال.
من جهة أُخرى السعودية باتت دولة صاحبة مشروع ورؤية إقليمية خاصة بها، وهي بحاجة إلى تصفير المشاكل لتعوم مشاريعها، ولا يمكن نجاح تلك الرؤية مع الأحقاد الشخصية مع سوريا وقيادتها. وحسب المعلومات، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة عدداً من اللقاءات السورية – السعودية، أجريت من دون أي معلومات عن مستوى اللقاء ومكانه وموعده، لكنها وصفت باللقاءات رفيعة المستوى حسب الأوسط السياسية.
أما فيما يتعلق بدمشق فشروطها واضحة بخصوص الحوار وفتح صفحة جديدة، وهذه الشروط تتمثل بضمانات أمنية واقتصادية، وجدول زمني واضح لخروج القوات الأجنبية من البلاد، مع ضمانات بعدم دعم الجماعات المسلحة وعدم الضغط على الدولة في قضية النظام السياسي الجديد. وهنا يجب ألّا ننسى ما قاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عندما أراد الانسحاب من سوريا عندما صرح علانية أن الرياض هي من طلبت بقاء قواتها في سوريا وأنها ستمول هذا البقاء، وبالتالي يمكن للرياض أن تستخدم نفوذها لخروج الأميركي من سوريا.
من ناحية ثانية، تُمارس على الدولة السورية الآن الكثير من الضغوطات الدولية، مثل الحصار الاقتصادي بهدف دفعها نحو قبول الحوار من دون شروط ولا سيما مع تركيا، لكن القيادة السورية تواصل رفض هذه الضغوطات لأنها تعلم أنها إذا قبلت الحوار من دون شروط أو بتأجيل الشروط فلن تحصل على أي شيء مستقبلاً، وبالتالي سيتم تعويم الملف السوري أكثر ويأخذ كل طرف ما يريده ويبقى الشعب السوري من دون أن يحقق أي شيء. وتعلم القيادة السورية أن الضغط الاقتصادي والإنساني والتلويح بعقوبات أمريكية جديدة، هي مسألة وقتية ليس إلّا، فإذا مرت العاصفة الشتوية هذه ودخلنا الربيع المقبل سيتغير الوضع بصورة كبيرة نحو الأفضل على جميع المستويات والأصعدة.