الوقت_ عقب مرور حوالي 100 يوم على الجريمة الإسرائيلية بحق الصحفية الفلسطينية - الأمريكية شيرين أبو عاقلة، طالبت الأمم المتحدة، مجدداً، بتحقيق شامل بمقتلها خلال تغطيتها عملية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، في وقت تسعى فيه أمريكا لمنع محاسبة "إسرائيل" التي تحاول التنصل من جريمة إعدام الصحفيّة الشهيرة، حيث رفضت الإدارة الأميركية دعوات لإجراء تحقيق مستقل خاص بها، رغم نشر تقارير أجنبيّة كثيرة حول محاولة الولايات المتحدة الدولة المؤثرة في الأمم المتحدة دفن تقارير حول مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وقد اتُهمت واشنطن بمحاولة إخفاء نتائج تحقيقها في مقتل أبو عاقلة، وتعرضت لانتقاد بسبب تصريحات بدا وكأنها تنقذ "إسرائيل" عن مسؤولية مقتل الصحفية الفلسطينية - الأمريكية، في ظل اتهامات من الفلسطينيين بأنّ الموقف الأمريكي من التحقيقات ومحاولتهم تبرئة جيش الاحتلال، يفضح المواقف المتواطئة لبعض الدول مع الاحتلال وجرائمه، على الرغم من أن الصحفيّة أُعدمت بنيران جنديّ إسرائيليّ من مسافة حوالي 180 متراً وفقاً لتحقيق نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قبل مدّة.
"موقفنا بشأن قتل شيرين أبو عاقلة لم يتغير"، هذا ما أشار إليه نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق ، في مؤتمر صحفي عقده مؤخراً بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، رداً على أسئلة الصحفيين بشأن موقف الأمين العام أنطونيو غوتيريش من إجراء تحقيق دولي في الجريمة التي نفذتها قوات العدو الإسرائيليّ بحق الصحفيّة المعروفة التي كانت تعمل مراسلة في قناة الجزيرة القطريّة في جنين بالضفة الغربيّة المحتلة أثناء تغطيتها اقتحام العصابات الصهيونيّة لجنين، والتي دفعت العالم بأسره للتنديد بالتصرفات الوحشيّة التي قامت بها قوات العدو الإسرائيليّ، واستمرت خلال تشييع جثمان الصحفية الفلسطينية إلى مثواها الأخير، إضافة إلى اعتداء الشرطة بالضرب على مشيعي الجنازة في القدس، باعتبار أنّ أبو عاقلة عملت مع مجموعة كبيرة من وكالات الأنباء العربية والدولية لتغطية الأحداث الكبرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة ووثقت لسنوات طويلة اعتداءات قوات الاحتلال وجرائمهم.
"ما زلنا نريد أن يجري تحقيق شامل، ونريد محاسبة المتورطين في عملية القتل تلك"، هذا ما ركّزت عليه الأمم المتحدة في ظل تقارير دوليّة كثيرة ومن جهات مهمة أكّدت أن جنديًا تابعاً لقوات العدو الإسرائيليّ أطلق الرصاص عمداً على أبو عاقله، وهذا كان واضحاً بشكل كبير من مقاطع الفيديو التي انتشرت عقب مقتل الصحفية، حيث أجمع العالم على شناعة الجريمة التي ارتكبتها العصابات الصهيونيّة بحق الصحفيّة الشهيرة، وحملوا القوات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن الجريمة بحق أبو عاقلة التي قضت خلال قيامها بواجبها الصحفي لتوثيق الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال، وقد أظهرت تلك القضية بالفعل حقيقة إرهاب الاحتلال ووحشيته، وبينت كعين الشمس مدى استهتار تل أبيب بالإنسانيّة وبالرأي العام العالميّ وبالقيم والأعراف الدولية.
"ندعم التحقيقات التي يتم قبولها من قبل كل الأطراف المعنية"، عبارة يجب أن تتبناها الأمم المتحدة بالفعل، بالتزامن مع تقارير دوليّة بينت عقب فحص أكثر من 60 مقطع فيديو ومنشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي وصورًا لجريمة الاغتيال، وبعد إجراء فحصين ميدانيين للمنطقة، وإجراء تحليلات صوتية مستقلة لأصوات إطلاق النار، أنّ التحليل الصوتي لإطلاق النار الذي أدى إلى مقتل الصحفية المعروفة يشير إلى أن شخصاً أطلق عليها الرصاص من مسافة تقريبيّة تكاد تطابق المسافة بين الصحفيين ودورية قوات الاحتلال الإسرائيلي التي كانت في المكان، قائلة إن تحليل الصور المتوافرة ولقطات الفيديو وبيانات شهود العيان، تؤكد بما لاشك فيه أن جندياً إسرائيليّاً هو من أطلق رصاصة الإعدام الميداني.
ورغم تأييد غوتيريش لقيام المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جريمة قتل أبو عاقلة، يؤكّد التحقيق الصحفيّ الأمريكيّ أن "إسرائيل" وعصاباتها الصهيونيّة هم المسؤولون عن إطلاق النار وقتل أبو عاقلة، رغم محاولة جيش العدو تبرئة نفسه من دم أبو عاقلة من خلال قوله إن جنديا من جنوده ربما أطلق الرصاص، لكن رصاصة الجريمة جاءت من "مسلح فلسطيني"، ولم تظهر تل أبيب أي أدلة عن وجود مسلح، ولا تدعم أشرطة الفيديو مزاعم الاحتلال حول مواجهات مسلحة في الدقائق التي سبقت العملية الإجرامية، فيما تظهر كل الأدلة والروايات وشهود العيان في تحقيقات كثيرة أنه لم يكن هناك إطلاق النار وقت القتل أبداً.
خلاصة القول، من الضروريّ أن نشاهد تطبيقاً واقعيّاً لتصريحات الأمم المتحدة، وخاصة أنّ "إسرائيل" الدمويّة تتستر على جناياتها من خلال وسائل الإعلام العالميّة التي يدير اليهود الكثير منها، في ظل الاتهامات الدولية والحقوقيّة الكثيرة والمُثبتة للصهاينة بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، والتي توصف بأنها "جرائم ضد الإنسانيّة"، وإن التحقيقات الصحفيّة الدوليّة حول جريمة إعدام أبو عاقلة هي شهادة دولية قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة بمساندة من بعض العواصم ذات التاريخ الدموي ضد هذا الشعب الذي يطرد من أرضه بشتى الوسائل وبمختلف الأساليب والأسلحة دون تحريك أيّ ساكن رغم شعارات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطيّة، وذلك لدعم الإسرائيليين في محاولاتهم المستميتة للهيمنة على فلسطين وشعبها بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لمصلحة اليهود الصهاينة.