الوقت- صرحت منظمة العفو الدولية أن لندن ليس لديها رغبة في التحقيق في الجرائم التي ارتكبها الجنود البريطانيون في أفغانستان وذلك رداً على تستر بريطانيا على جرائم جنودها في هذا البلد المنكوب.
وبعد نشر تفاصيل جديدة عن جرائم الجنود البريطانيين في أفغانستان فيما يتعلق بقتل المدنيين والتنافس على مزيد من القتل وتزوير الأدلة لتبرير ذلك ، دعت منظمة العفو الدولية إلى تحقيق فعال وشفاف.
ووصفت منظمة العفو الدولية ، في بيان شددت فيه على ضرورة تطبيق العدالة ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم، الأبعاد التي تم الكشف عنها مؤخرًا لجرائم الجنود البريطانيين في أفغانستان أنها "مروعة" وقالت: من الواضح أن هذا المستوى من تصرفات الجنود البريطانيين الذين عملوا في أفغانستان ينذر بالخطر من الإفلات من العقاب بل انعدام العقاب أيضاً.
وتابعت هذه المؤسسة قائلة إن مسؤولين بريطانيين كبار يتسترون على جرائم جنودهم في أفغانستان و زاد هذا من حدة الغضب الأخلاقي ما يشير إلى أن بريطانيا غير مستعدة لإجراء تحقيقات مستقلة وفعالة في هذه الادعاءات.
وأضافت منظمة العفو الدولية: "إذا كانت بريطانيا غير راغبة في مقاضاة جيشها ، كما أظهرت ذلك بشكل مخجل فيما يتعلق بجرائم الحرب التي ارتكبتها قواتها في العراق ، فيجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تفعل ذلك".
في غضون ذلك ، وعلى الرغم من التقارير الموثقة عن جرائم الحرب التي ارتكبها جنود غربيون في أفغانستان ، وخاصة الجنود الأمريكيين ، إلا أن كريم خان ، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ، رفض التحقيق في جرائم القوات الأجنبية.
وفي تبريره لعدم التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها جنود أمريكيون وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، قال: لقد اتخذت هذا القرار بناءً على أدلة على أن أبشع الجرائم من حيث الخطورة والحجم والمدى لم يرتكبها جنود أمريكيون.
ليست المرة الأولى التي تظهر فيها الحقيقة
هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها هذه الروايات إلى العلن ففي عام 2019 كشف تحقيق صحفي بريطاني أن مجموعة من الوثائق الحكومية المسربة، كشفت أن الجيش البريطاني "تستر على جرائم حرب" ارتكبها جنوده إبان العمليات العسكرية في العراق وأفغانستان.
وحسب صحيفة "صنداي تايمز"، فإن تحقيقا استقصائيا أجرته بالتعاون مع برنامج "بانوراما" الذي تبثه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أظهر أن "قادة عسكريين (لم تسمهم) تستروا على أدلة تورط جنود بريطانيين في قتل أطفال وتعذيب مدنيين".
والتقت الصحيفة و"بي بي سي" خلال التحقيق مع 11 محققا بريطانيا أكدوا جميعا العثور على أدلة موثوقة تشير إلى ارتكاب القوات البريطانية جرائم حرب. وحسب الصحيفة فإن المحققين العسكريين "اكتشفوا اتهامات تثير القلق بأن كبار القادة حاولوا التستر على جرائم حرب ارتكبها جنود بريطانيون في أفغانستان والعراق".
وأشارت إلى اكتشاف أدلة على "جرائم قتل ارتكبها جندي من ساس (جهاز الخدمة الجوية الخاص التابع للجيش البريطاني) وحالات وفاة أثناء الاحتجاز، وضرب وتعذيب واعتداء جنسي مهين للمحتجزين على أيدي عناصر في ‘بلاك ووتش‘ (الكتيبة الثالثة في الفوج الملكي في إسكتلنديا)".
واكتشف المحققون العسكريون "ادعاءات تتعلق بتزوير وثائق خطيرة بما يكفي لمقاضاة كبار الضباط"، وفقا للتقرير. وأعرب محققون على صلة بالتحقيقات عن خيبة أملهم، لأن أدلة دامغة تم تنحيتها جانبًا "لأسباب سياسية"، وفقًا للصحيفة البريطانية.
وقال أحد المحققين: "كان يجري إخراج القرارات الرئيسية من أيدينا"، مضيفا: "كان هناك المزيد والمزيد من الضغط من وزارة الدفاع، لإغلاق القضايا في أسرع وقت ممكن".
وأوضحت "صنداي تايمز" أن الجرائم قيد التحقيق شملت قتل 3 أطفال وشاب أطلق عليهم جندي في "ساس" النار في أفغانستان في تشرين الأول/ أكتوبر 2012 أثناء تناولهم الشاي في منزلهم، وإساءة معاملة السجناء على نطاق واسع في صيف عام 2003 بمعسكر "ستيفن" في مدينة البصرة بالعراق ومقتل اثنين أثناء الاحتجاز.
في المقابل، رفضت وزارة الدفاع البريطانية هذه الاتهامات، وقالت إن تدخلها المزعوم في هذه القضايا "غير صحيح". وأضافت الوزارة في بيان: "الادعاءات بأن وزارة الدفاع تدخلت في التحقيقات أو قرارات الادعاء المتعلقة بسلوك قوات المملكة المتحدة في العراق وأفغانستان غير صحيحة".
وتابع البيان: "طوال العملية، كانت قرارات المدعين العامين والمحققين مستقلة عن وزارة الدفاع التي اضطلعت بالإشراف الخارجي وإسداء المشورة القانونية".
وأشارت الوزارة إلى أن الشرطة العسكرية أجرت "تحقيقات شاملة في مزاعم حول سلوك القوات البريطانية في كل من العراق وأفغانستان"، وقررت هيئة القضاء العسكري المستقلة عدم محاكمة أي من الحالات المحالة إليها.
التقرير الأخير يثبت التورط
كشف تحقيق أجرته هيئة بي بي سي مؤخراً أن عناصر كوماندوز في القوات الجوية الخاصة البريطانية (إس إيه إس) قتلوا 54 أفغانيا على الأقل، في ظروف ملتبسة، لكن هيكل القيادة العسكرية أخفى احتمال وجود ملابسات.
وكشف التحقيق، الذي استغرق 4 سنوات، عن مواطنين أفغان، غير مسلحين، قُتلوا بشكل متكرر “بدم بارد” على أيدي قوات النخبة البريطانيين خلال مداهمات ليلية في الحرب طويلة الأمد، ووضعت عليهم أسلحة لتبرير الجرائم.
وكان ضباط كبار، من بينهم الجنرال “مارك كارلتون سميث”، الذي كان قائد القوات البريطانية الخاصة آنذاك، على علم بوجود تساؤلات لدى القوات بشأن العمليات، لكنهم لم يبلغوا الشرطة العسكرية بها.
وبموجب القانون البريطاني الخاص بالقوات المسلحة، فإن عدم إبلاغ قائد عسكري الشرطة العسكرية معرفته بجرائم حرب محتملة يعد مخالفة جنائية.
ورفض “كارلتون سميث”، الذي تقاعد الشهر الماضي من منصب قيادة الجيش، التعليق على التقرير وقال إن تحقيقاته استندت على وثائق قضائية ورسائل الكترونية مسربة وتقارير صحفية من الذين توجهوا إلى مواقع العمليات في أفغانستان.
وقالت وزارة الدفاع إن تحقيقات سابقة في سلوك القوات البريطانية في أفغانستان لم تتوصل إلى أدلة تكفي لتوجيه اتهامات.
وأكدت في بيان لها بأن “أي أدلة جديدة لم تُقدم لكن الشرطة العسكرية ستنظر في أي اتهامات إذا ظهرت أدلة جديدة”.
وأضافت إن “القوات المسلحة البريطانية خدمت بشجاعة ومهنية في أفغانستان وسنحرص دائما على التزامها بأعلى المعايير”.
وأظهرت تقارير عقب تنفيذ المهمات، أن الضباط فوجئوا بالأعداد الكبيرة للخسائر البشرية التي ألحقتها الوحدة، في وقت لم ترد أي تقارير عن إصابات في صفوف الجنود خلال اشتباكات مسلحة في الظاهر، مع مقاتلي طالبان.
وقال ضابط كبير في مقر القوات الخاصة إن “عددا كبيرا من الأشخاص قتلوا في مداهمات ليلية، والتفسيرات المقدمة لم تكن منطقية. عند اعتقال شخص ما لا ينبغي أن ينتهي به الأمر ميتا”.
وأضاف: “حصول ذلك مرة تلو الأخرى أثار قلقا في المقر العام. بدا واضحا آنذاك أن شيئا ما ليس على ما يرام”.
وبرز قلق بشكل خاص إزاء رصد الثقوب التي خلفتها أسلحة القوات الخاصة البريطانية في مجمعات سكانية أفغانية بعد المداهمات، على علو منخفض؛ ما يشير إلى أن المشتبه بهم كانوا راكعين أو منبطحين أرضا.
ونُقلت العديد من التحذيرات إلى هرم القيادة، لكن سُمح لفرقة النخبة باستكمال مهمتها ومدتها ستة أشهر، ونُشرت لمهمة أخرى في 2012.
وفي 2014، فتحت الشرطة الملكية العسكرية تحقيقا في أكثر من 600 مخالفة تُتهم القوات البريطانية بارتكابها في أفغانستان، ومن بينها عمليات قتل ارتكبها عناصر من النخبة.
غير أن محققي الشرطة العسكرية قالوا إن الجيش البريطاني “عرقل” عملهم وبأن التحقيق انتهى في 2019.
وقال الكولونيل “أوليفر لي”، الذي كان قائد جنود البحرية الملكية في أفغانستان في 2011، إن الاتهامات “مروعة بشكل لا يصدق” وتستحق تحقيقا عامّا و شاملا.
لن تؤثر هذه التقارير في شيء لأن الدماء البريئة قد أسيلت والشعوب الفقيرة لن تحصل على حقوقها من محتل أرعن ولكن كل ما في الأمر هو فضح ديمقراطيتهم المزيفة وحقوق إنسانهم الأكذوبة وأخلاقهم النتنة التي يتغنون بها أمام المجتمع الدولي ويختبؤون خلف أصابعهم المهم في الأمر هو أن تراهم شعوب العالم على حقيقتهم لأن الحكومات والمنظمات الدولية كلها متورطة في الجريمة.