الوقت-لا يخفى على أحد أن القمع والاضطهاد غير المسبوق بحق المسلمين في الهند قد أصبح عرضاً مستمراً ومتواصلاً على مدى السنوات الماضية، بل إنه مازال متواصلاً إلى الان ولا يلوح في الأفق أن هناك تغييراً ما قد يحدث في سبيل التخفيف من العنصرية التي يمارسها المتطرفون في الهند ضد المسلمين، وهذا بحد ذاته يدل على أن التنبؤ بما قد تؤول إليه الأمور في نهاية المطاف يبدو مبهماً، بعد أن وصل التحريض على القتل ضد المسلمين إلى درجة كبيرة. وفي سبيل التخفيف وامتصاص حالة الغضب لدى الشعوب العربية والإسلامية هناك محاولة من قبل الهند لإرضاء الدول الخليجية.
" التصريحات المسيئة للرسول" ، هل تلحق الأذى بمصالح الهند؟
في أعقاب التصريحات المسيئة للرسول التي صدرت عن مسؤول رفيع هندي، حاول الدبلوماسيون الهنود في الخليج التقليل من التعليقات، واعتبارها تمثل الهامش ، ولا تعكس سياسة الحكومة، وظلت الدول الإسلامية على الهامش فيما يتعلق بمعاملة الهند لأقليتها المسلمة خشية اتهامها بالتدخّل في الشؤون الداخلية، وفي السياق نفسه هناك علاقة مهمة مادية بين الهند و دول الخليج التي غالبيتها من المسلمين، فالهند من الممكن أن تتجاهل أمريكا وحلفاءها، لأن اعتراضاتهم عادة لا تتعدى الكلام ولكن عندما يتعلق الأمر بالدول الخليجية فالهند تدرك أنها بحاجة إليهم أكثر مما هم بحاجة لها، وفي ظل المواقف الرافض للتصريحات المسيئة التي أطلقها مسؤول هندي ضد الاسلام كانت قطر أول دولة احتجت، وهي أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال للهند، ومقصد مهم للعمالة الهندية المهاجرة، من ناحية اخرى توفر الدول الخليجة ثلثي احتياجات الهند من النفط، وتستضيف 9 ملايين عامل هندي. ولدى هذه الدول القدرة المالية وربما الجاهزية لإلحاق الأذى بمصالح الهند. وطالما نظرت الدول الإسلامية بنوع من القلق للطريقة التي يحاول فيها المتطرفون الهنود تحويل الهند إلى دولة هندوسية.
الحكومة الهندية تحاول التخفيف من حالة الغضب ضدها
عمل ناريندرا مودي، رئيس الوزراء، على بناء توازن حساس بين أجندته القائمة على مصالح الأغلبية الهندوس وبناء علاقات دافئة مع الدول الإسلامية، باستثناء باكستان ومع تصاعد الخطاب العام في الهند، لوحظ أن أنصار الحزب في الهند اصبحوا ناقدين بشكل واسع، لذلك فقد بات من الصعب الحفاظ على التوازن الحساس، هذا وظلت الدول الإسلامية على الهامش فيما يتعلق بمعاملة الهند لأقليتها المسلمة خشية توبيخها واتهامها بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية. ولكن الهجوم على عنصر أساسي في الدين هو جريمة من فئة مختلفة.
وفي السياق نفسه تحاول الحكومة الهندية التخفيف من الضرر دون الظهور بمظهر ضعف. حيث حاولت نفي الاتهامات من منظمة التعاون الإسلامي التي قالت إن التعليقات هي تمثيل للتمييز المنظم ضد المسلمين في الهند. لكنها حاولت التواصل، وبشكل منفصل مع أعضاء في المنظمة لنزع فتيل الغضب. وبدلاً من اختفاء الغضب زاد. وانتشر الاحتجاج من بعض الدول الخليجية إلى بقية العالم الإسلامي. وعبّرت 20 دولة، بما فيها تركيا وأندونيسياعن عدم ارتياحها. من جهةٍ اخرى يأمل مسلمو الهند، وعددهم 200 مليون نسمة، أن يؤدي الغضب لدفع الحكومة إلى معاملتهم بمزيد من الاحترام، ولكن قيام المتطرفين في الهند بالتحريض المستمر على العنف ضد المسلمين، يثير العديد من المخاوف.
في الختام تزايد الظلم ضد المسلمين في الهند بشكل كبير فالدعوات للتطهير العرقي وقتل المسلمين التي لم تعد أمراً غريباً في الهند، بل إن تلك الدعوات العنصرية تلقى دعماً وتأييداً من قبل قادة سياسيين ومسؤولين عن الأمن، فاليوم بات المتطرفون الهندوس يهيمنون فعلياً على السياسة في البلاد، حيث وصل الخطاب العنيف إلى مرحلة جديدة خطيرة، من دعوات للاستعداد لـ"قتل مليوني مسلم"، إلى محاولة عزل المسلمين بقرار حظر ارتداء الحجاب في مدارس جنوبي البلاد، وغيرها من الاعتداءات المتكررة.وما يزيد قلق مسلمي الهند على مصيرهم، أن هذا التوجّه العنصري ضدهم بات مكرساً داخل السلطة، بل نهجاً من المتوقع أن يسير عليه من يخلف مودي في السلطة.