الوقت- أكد وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي أن قضية المياه تأتي في صدارة اهتمامات المصريين ، وأن مصر لن تفرط في متر مكعب واحد من حصتها المائية، مع تمسكها بالتوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، مضيفاً أن الدولة المصرية اتخذت الإجراءات الكفيلة لترشيد استهلاك المياه وتنويع مصادر الإنتاج بما يجنب حدوث أي أزمات سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل، وأن مصر جاهزة للتعامل مع أي طارئ فيما يخص قطاع المياه.
وأكد أن مصر تُعد من أكثر دول العالم التي تُعانى من الشح المائي، وتعتمد بنسبة 97% على مياه نهر النيل ، مضيفاً أن الزيادة السكانية تمثل تحدي رئيسي للموارد المائية ، وأنه من المتوقع أن يصل إجمالي السكان في مصر لأكثر من 175 مليون نسمة في عام 2050 وهو ما يمثل ضغط كبير على الموارد المائية.
وأوضح عبد العاطى حرص مصر على التوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي ، ولكن المفاوضات متجمدة في الوقت الحالي بسبب التعنت الأثيوبي ، مشيراً إلى أن ملف سد النهضة هو ملف الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة.
بدورها قالت إثيوبيا إنها لم توقع اتفاقا لوقف سد النهضة وإن عملية إنتاج الطاقة منه أمر طبيعي نتيجة التقدم في البناء، مجددة تأكيدها على عدم إضراره بمصر.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي، الخميس، إن "إثيوبيا لم توقع اتفاقا لوقف سد النهضة وإن عملية إنتاج الطاقة أمر طبيعي نتيجة تقدم البناء الذي تم".
وأضاف: "نجدد تأكيدنا لمصر أن هذا السد لن يضر مصر، وما ينفعنا هو التعاون من أجل الازدهار المشترك".
وتابع قائلا: "مصر تعلم أكثر منا أن الحرب ليست ذات جدوى حول خلافاتنا الحالية بشأن سد النهضة".
ونفى أن يكون سبب توقف المفاوضات من جانب بلاده، موضحا أن "توقف المفاوضات الثلاثية بسبب مجريات الأوضاع في السودان".
والأحد الماضي احتفلت إثيوبيا بتدشين أول عملية توليد كهرباء من سد النهضة بحضور رئيس الوزراء الإثيوبي، بطاقة 375 ميجاوات من توربينة واحدة من بين توربينتين تم تركيبهما بالسد، فيما ينتظر أن يتم إنتاج الطاقة من التوربينة الثانية لاحقا ليصل إجمالي الإنتاج الأولي من التوربينتين ما يعادل 750 ميجاوات.
ورفضت مصر والسودان الإعلان الإثيوبي بشكل منفرد، دون التوصل لاتفاق مع دولتي المصب، وفيما اعتبرت القاهرة بدء توليد الكهرباء من سد النهضة، "إمعانا إثيوبيا في خرق التزامات اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015"، أكد المتحدث باسم ملف "سد النهضة" بالخارجية السودانية السفير عمر الفاروق أن تشغيل السد دون اتفاق مخالف لروح التعاون.
وتعول إثيوبيا على سد النهضة ليكون قاطرة التنمية في البلاد مستهدفة الوصول إلى 6 آلاف ميجاوات عند الانتهاء من بناء السد الذي تخوض حوله مفاوضات شاقة مع دولتي المصب؛ مصر والسودان.
والمفاوضات المرتبطة بسد النهضة متوقفة رسميا منذ أبريل/نيسان الماضي بعد فشل مصر والسودان (دولتي المصب) وإثيوبيا (دولة المنبع) في التوصل لتفاهمات قبل بدء الملء الثاني للسد الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق.
وفي هذا السياق طالب الخبير الدولي عباس شراقي وأستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة من جديد بضرورة إستئناف المفاوضات قبل شروع أديس أبابا الشروع رسميا في بدء إجراءات الملء الثالث بعد تجفيف الممر الأوسط بعدما أعلنت رسميا وافتراضيا بدء إنتاج الكهرباء.
وتساءل شراقي أين السنغال رئيس الاتحاد الأفريقى؟ وقال: إن الوقت يمر ولايبدو فى الأفق أي بوادر لاستئناف المفاوضات، تفاءلنا خيراً بلقاءات الرئيس السنغالى بقيادات مصر واثيوبيا ولكن لم يتحرك ساكنا، علينا تشجيع السنغال وحثها نحو القيام بدورها فى وجود الاتحاد الأوروبى الذى أعلن استعداده مراراً للمشاركة فى المفاوضات.
وانتقد شراقي ما أعلنته أثيوبيا من إدعاءات حول توقف المفاوضات بسبب الأوضاع في السودان، مشيرا لما أعلنه المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي، الخميس خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي من أن سد النهضة لن يضر مصر، وأن توليد الكهرباء مرحلة طبيعية فى البناء، وأن توقف المفاوضات الثلاثية كان بسبب الأوضاع في السودان.
وأشار شراقي إلى أن المفاوضات توقفت تماما بعد فشل لقاء وزراء الخارجية والرى فى الأسبوع الأول من أبريل 2021 بكينشاسا، ومنذ ذلك التاريخ لم تجتمع اللجنة الثلاثية للمفاوضات، رغم توصية مجلس الأمن فى بيانه الرئاسى فى 15 سبتمبر الماضى والذى يدعو إلى سرعة استئناف المفاوضات فى وجود أطراف دولية فعالة للوصول إلى اتفاق ملزم ومقبول للطرفين خلال فترة زمنية معقولة.
وأوضح أن الأوضاع فى السودان بدأت في التوتر بعد قرار الفريق أول البرهان لحل المجلس السيادى الانتقالى فى 25 أكتوبر 2021، وما بين ابريل وأكتوبر 6 أشهر رفضت خلالها اثيوبيا وجود دور للأطراف الدولية وأرادت أن يكونوا فقط مراقبين “مشاهدين” ليس لهم حق التدخل أو ابداء الرأى.
وأكد شراقي أن المتحدث الرسمى لاديس أبابا تناسى أن بلاده كانت فى حرب أهلية طاحنة لأكثر من عام خرج خلالها رئيس الوزراء الاثيوبى لقيادة الجيش بنفسه وأن ذلك تسبب فى عدم استئناف المفاوضات.
وقد استقرت الأوضاع في أثيوبيا والسودان إلى حد ما ومع ذلك لم تستأنف المفاوضات رغم أن أعمال انشاء سد النهضة مستمرة، قد تكون ببطئ نتيجة الأحداث الاثيوبية والأوضاع الاقتصادية المتردية ولكنها تسير، بدليل احتفال اثيوبيا بتشغيل أول توربين الأحد الماضى 20 فبراير 2022، وعزمها المضى قدما نحو تشغيل الثوربين الثانى، والتخزين الثالث حتى وإن كان ضعيفاً.
واضاف أن ضعف التشغيل (المشكوك في أمره) أو التخزين القادم المتوقع أن يكون ضعيفاً أيضاً إلا أنهما يحسبان كإجراءات إثيوبية أحادية لفرض سياسة الأمر الواقع.
تدرك الحكومة الإثيوبية أن المجتمع الدولي لا يضع قضية السد على قمة جدول أعماله في الوقت الحالي بسبب الأزمة الأوكرانية، والهجوم الروسي، كما أن الاتحاد الإفريقي أثبت عدم قدرته على التعاطي مع الأزمة بشكل جدي.
كما تدرك الخارجية المصرية جميع هذه التحديات، وتحاول إعادة وضع قضية السد على جدول اهتمامات المجتمع الدولي، رغم انشغاله بالأزمة الأوكرانية، ولعل بيان البرلمان العربي بشأن تشغيل إثيوبيا للسد، دون توافق مع مصر والسودان، يدخل ضمن هذه الجهود.
ربما يقطع التطور الأخير بشأن تشغيل السد من قبل الجانب الإثيوبي، الطريق على أي جهود للوساطة في هذه القضية، ويظل التحدي الأكبر أمام الإدارة المصرية، هو كيفية إعادة طرح القضية بشكل يعيد الاهتمام الدولي والإفريقي لها.