الوقت- في الأيام الأولى من شهر نوفمبر 2021، أفادت وسائل إعلام مصرية وفلسطينية عن زيارة عباس كامل، رئيس جهاز الأمن المصري، إلى الأراضي المحتلة نهاية الشهر الجاري للقاء مسؤولين الكيان الصهيوني. وبحسب التقرير، ستراجع مصر ست قضايا خلال الرحلة. الآن، وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت وسائل الإعلام أن رئيس مجلس الأمن الداخلي في النظام الصهيوني يعتزم السفر إلى مصر للتحقيق في بعض قضايا زيارة عباس كامل.
إعادة إعمار قطاع غزة ووقف إطلاق النار طويل الأمد
الحالة الأولى التي قيل إنه تم ناقشها رئيس مجلس الأمن الداخلي للكيان الصهيوني مع عباس كامل هي بدء إعادة إعمار غزة. في هذه الحالة يقال إن الهدف الأهم هو إعادة غزة إلى الحياة الطبيعية، والتي تتحقق بإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة في مواجهة وقف إطلاق نار متوسط المدى لمدة 5 سنوات، أو 10 سنوات، أي وقف إطلاق النار طويل الأمد. وذكرت وسائل الإعلام أن فصائل المقاومة أعلنت شروط اتفاق وقف إطلاق النار، وأن وقف إطلاق النار بشروط أُخرى لن يتم بأي حال من الأحوال.
قضية الإفراج عن الأسرى
الحالة الثانية التي ستناقشها "ايال حولتا" مع عباس كامل هي قضية تبادل الأسرى الفلسطينيين مع أسرى الكيان الصهيوني. منذ عام 2014، خلال حرب الـ 51 يومًا، كان أربعة جنود إسرائيليين في أسر المقاومة الفلسطينية. خلال السنوات السبع الماضية، لم يتوصل الكيان الصهيوني لأية معلومات عن هؤلاء الأسرى. وبتأجيل هذه القضية حاول الصهاينة تحرير هؤلاء الأسرى؛ لكن الحماية الدقيقة للمقاومة لم تمكن الصهاينة من الوصول إلى المرحلة التي يمنك التأكد فيها من أن هؤلاء الأسرى على قيد الحياة. في العام الماضي فقط، أظهرت أنباء من المقاومة الفلسطينية أن أحد هؤلاء الأسرى على قيد الحياة وأصيب خلال قصف قطاع غزة، لكن لم يصل الصهاينة إلى أية أخبار أخرى عنه.
قضية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية
لطالما سعى الصهاينة إلى تأمين قطاع غزة من خلال منح السيادة على قطاع غزة للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية تعاون أمني مع السلطة الفلسطينية. من ناحية أخرى، تسعى فصائل المقاومة الفلسطينية إلى توحيد الفصائل الفلسطينية من خلال التأكيد على تشكيل حكومة وحدة وطنية. وذكرت مصادر مطلعة أن موضوع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية مطروح أيضا في المقترحات المصرية كمطلب لجماعات المقاومة.
الكيان الصهيوني يعارض اقتراح مصر
وبحسب تصريحات مسؤولي النظام الصهيوني، فمن الواضح بالفعل أن النظام لن يقبل المسألتين المقترحتين في خطة عباس كامل على الإطلاق، لأنها تتعارض مع الأهداف التي حددها الكيان لنفسه، وبذلك سيخرج المقترح الثالث من موافقته ضمنا. يعارض النظام الإسرائيلي بشكل أساسي وحدة الفصائل الفلسطينية، وقد وضع حتى الآن كل عقبة ممكنة أمام ذلك، لأنه يعلم أن أي وحدة بين الفصائل الفلسطينية ستضيق بشدة المجال أمام هذا الكيان. ثانياً، الصهاينة لا يريدون مبادلة مماثلة لما حدث في تبادل شاليط، حيث تم تبديل هذا الأسير الصهيوني بـ 1021 أسيراً فلسطينياً، الأمر الذي خلق انتقاداً إعلامياً قوياً ضد الصهاينة. الآن يبحثون عن تبادل أصغر بكثير لن تقبله المقاومة على الإطلاق. لذلك، يبدو من غير المحتمل أن ترى هذه الحالة لون التقدم. وفي هذا الصدد، أعلنت وسائل إعلام النظام الصهيوني أنها لن تقبل التبادل حتى تتعرض حكومة هذا النظام لضغوط الصهاينة المقيمين في الأراضي المحتلة وعائلات الأسرى الصهاينة. ولأن هذا الضغط غير موجود في الوقت الحالي، فمن غير المرجح أن تتحرك حكومة الكيان الصهيوني تجاهه.
ما يطالب به الصهاينة على ما يبدو هو وقف إطلاق نار متوسط أو طويل الأمد مع قطاع غزة. لكن هناك فرق كبير بين فصائل المقاومة الفلسطينية وبين الكيان الصهيوني. تقبل المقاومة بوقف إطلاق النار عندما لا يتخذ الصهاينة أي إجراء ضد قطاع غزة ويرفع الحصار عن قطاع غزة بشكل كامل، بينما الصهاينة لا يريدون لغزة مساحة تبادل مفتوحة. وفي هذا الصدد، قدموا في الأشهر الأخيرة خطة لإنشاء منطقة تجارية مشتركة خاصة حتى لا تكون لغزة في مساحة من الحرية. من ناحية أخرى، يريد الصهاينة وقف إطلاق النار سويًا مع قضية الأسرى التي لا تريد مقاومة على الإطلاق. وانطلاقا من الاسباب السابقة يمكن القول ان الخطة التي قدمها عباس كامل هي بالفعل خطة غير مثمرة وفاشلة، وهي، مثل المصالحة الوطنية الفلسطينية، ليس لها اساس للتنفيذ.
يبدو أن زيارة رئيس مجلس الأمن الداخلي للنظام الإسرائيلي إلى مصر، آيلات حولتا، تتم لغرض خفي، والتصريحات التي تم الإدلاء بها لهذه الزيارة هي فقط لخداع الرأي العام. يلعب الصهاينة دورًا رئيسيًا في شبه جزيرة سيناء واضطراباتها، وهم يمارسون ضغوطًا كبيرة على مصر فيما يتعلق بأمن الكيان الصهيوني في هذه المنطقة، لذلك ، يبدو أن زيارة المسؤول الصهيوني لمصر أكثر شمولا من قضية عباس المزعومة، وهي من أجل إقامة تنسيق أمني لا علاقة له بشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة.