الوقت- شهدت الأيام القليلة الماضية انجازات كبيرة في سوريا و العراق ضد التنظيمات الارهابية و خصوصا تنظيم داعش جعلته محاصرا أكثر من ذي قبل، فلم يجد للانتقام إلا بالعمليات الانتحارية التي توزعت على مدن سوريا و العراق و لبنان، لترويع المدنيين بعد أن روعهم مجاهدو المقاومة في الميدان.
ليلة الجمعة 12 تشرين الثاني هز انفجار ضخم ضاحية بيروت الجنوبية، و تحديدا في برج البراجنة نزلة عين السكة قريبا من مستشفى الرسول الأعظم و الأمن العام اللبناني، الانفجار الأول أوقع عددا من الضحايا تبعه بفارق دقائق انفجار آخر زاد من عدد الشهداء لتصل الحصيلة النهائية إلى 43 شهيدا و الجرحى الى 231. عوامل عدة زادت من حجم الخسائر البشرية منها وقوع التفجير في ساعة الذروة بعد صلاة المغرب، والاكتظاظ السكاني الذي يميز منطقة البرج تحديدا حيث تنشط حركة البيع و الشراء في سوقها إضافة الى منازل المواطنين. كما يسجل في العملية الانتحارية الأخيرة أسلوب جديد من حيث التنفيذ حيث تمت على مرحلتين لايقاع عدد أكبر من الضحايا و أفشل أمن حزب الله محاولة أخرى عبر قتل الانتحاري قبل تفجير نفسه.
تفجير بئر العبد لم يكن الأول من نوعه فمنذ 9 تموز 2013 حصل التفجير الأول في ضاحية بيروت الجنوبية منطقة بئر العبد، و تبعها عدة انفجارات في حارة حريك و الرويس و بئر حسن و غيرها. و مرد ذلك بطبيعة الحال الخسائر التي كبدها حزب الله للمجموعات المسلحة بعد انخراطه في الحرب الى جانب الجيش السوري و مجموعات المقاومة الشعبية، ما دفع المجموعات الارهابية و من خلفها مخابرات الدول الداعمة لتلك الجماعات و المعروفة لدى اللبنانيين و العالم، الى محاولة ضرب قاعدة المقاومة في الداخل اللبناني سعيا منها للتأثير على جمهورها و الضغط على قيادة حزب الله للانسحاب من الحرب السورية.
لكن ما الذي جعل تنظيم داعش يكثف محاولاته لضرب الداخل اللبناني؟ يجيب عن هذا السؤال انجازات المقاومة و الجيش السوري في حلب و ما تكبده تنظيم داعش الي خسر معركته في مدينة الحاضر في ريف حلب كما فقد الأمل في السيطرة على مطار كويرس بعد 3 سنوات من حصاره، و تأمين طريق حلب-دمشق و حلب-حمص موازاة مع القصف العنيف على مقراته من خلال الحملة الجوية الروسية المتواصلة الى جانب قوات النظام. تحریر سنجار في العراق ضربة أخرى تلقاها التنظيم بعد سيطرة قوات البيشمركه عليها في معركة دامت أشهر، مما يقطع على التنظيم طرق الامداد بين سوريا و العراق، كذلك شهدت العاصمة السورية تقدما للجيش في ريفها منطقة حي جوبر الذي يشهد مواجهات عنيفة بين قوات الجيش السوري و التنظيمات الارهابية. في العراق استعادت قوات الحشد الشعبي و الجيش العراقي مدينة بيجي الاستراتيجية كما تحاصر مدينة الرمادي أحد أهم معاقل التنظيم قبل الهجوم عليها لاستعادتها من ثلاث محاور.
و بالعودة الى التفجير باشر أهالي منطقة برج البراجنة لملمة آثار الجراح و إعادة تأهيل المنازل و المحلات التجارية المتضررة مؤكدين وقوفهم الى جانب المقاومة حتى آخر قطرة دم و آخر نفس، و هو موقف يسجل لشعب المقاومة في لبنان حيث أنه و بعد كل مأساة و كل مجزرة ترتكب ترتفع الشعارات التي تفشل مخططات الارهابيين في زعزعة معنويات القاعدة الشعبية، التي يقاتل الكثير من أبنائها في سوريا و التي قدمت المئات من أبنائها في الحرب ضد اسرائيل و التكفيريين. أما في سوريا يوجه مجاهدو المقاومة رسالة الى أهلهم في برج البراجنة و الضاحية الجنوبية و كل لبنان بأنهم سيثأرون لدمائهم و يقتصون من الجاني في سوريا و ليس في لبنان كما أكد على ذلك أمين عام حزب الله سابقا عندما دعا المتطرفين في لبنان الى تصفية الحساب مع حزب الله في أرض الميدان و تحييد الداخل منعا للفتنة المذهبية التي تسعى مخابرات بعض الدول لتحريكها بين السنة و الشيعة. كما أكد حزب الله و جمهوره بأن شعب المقاومة عينه على فلسطين و ليس له عدوّ غير اسرائيل و التكفيريين، ملتفين على محاولات البعض تحميل مسؤولية التفجير الى عناصر من مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين الذي يبعد أمتار قليلة عن مكان وقوع التفجير.