الوقت- في الوقت الذي تحاول فيه تركيا وقطر استئناف الرحلات الجوية في مطار كابول، أعلنت حركة طالبان أن مسؤولين إماراتيين وصلوا على متن رحلة دولية إلى مطار العاصمة الأفغانية.
وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم طالبان "أحمد الله وثيق" إن "الرحلة الأولى من الإمارات إلى مطار كابول جارية". وأضاف إن كبار المسؤولين الإماراتيين سيكونون على متن الطائرة، وسيلتقون بمسؤولين من طالبان.
لم تؤكد مصادر أخرى حتى الآن هوية المسؤولين الإماراتيين الذين وصلوا إلى أفغانستان للقاء طالبان، لكن إذا تأكد هذا النبأ فإن الإمارات هي الدولة العربية الأولى التي يدخل مسؤولوها أفغانستان بعد أن سيطرت عليها طالبان.
هذا في حين أن قطر کانت تربطها أوثق علاقة بطالبان بين الدول العربية حتى الآن، وحتى أن أول رحلة هبطت في مطار كابول بعد مغادرة الولايات المتحدة كانت طائرةً قطريةً.
لكن بعد قطر، يبدو أن الإمارات تخطط للتقارب مع طالبان. وعليه، يبدو أن جزءًا آخر من ساحة المنافسة في أفغانستان هذه الأيام يجري بين الدول الخليجية.
قطر المضيف التقليدي لطالبان
تستثمر قطر علی حرکة طالبان منذ سنوات. افتتحت طالبان مكتبها السياسي في الدوحة منذ حوالي 10 سنوات، ومنذ ذلك الحين عقدت معظم محادثات الحرکة في قطر.
لقد أظهرت قطر نفسها كدولة محايدة في التطورات في أفغانستان، ولكن هل يمكن لأحد أن يصدق أن دولةً قدمت لطالبان حوالي 10 سنوات مبنی فاخراً يصل إلی درجة سفارة والعديد من الإمکانات، يمكنها الآن أن تدعي الحياد؟
في الواقع، قطر هي أهم دولة عربية متحالفة مع طالبان، والتي كانت تعمل منذ سنوات عديدة لتقويتها، إلی أن تسيطر طالبان علی السلطة في أفغانستان في نهاية المطاف. وحتى بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، كانت الطائرات القطرية هي أولی الطائرات التي تدخل أفغانستان، والآن أيضًا يتم تشغيل مطار كابول من قبل خبراء قطريين.
کما استطاعت قطر تليين مواقف شقيقتها الكبری، تركيا، تجاه طالبان. حتی قبل شهر، انتقد أردوغان بشدة حركة طالبان لسعيه للسيطرة على مطار العاصمة الأفغانية بعد انسحاب الناتو والولايات المتحدة، والذي قوبل بمعارضة شديدة من طالبان.
ولکن، على الرغم من إصرار تركيا على السيطرة على مطار كابول بعد انسحاب الولايات المتحدة، فإن موقفها من طالبان خفف فجأةً، حتى أن أردوغان التقى بقادة طالبان. في غضون ذلك، يبدو أن قطر لعبت دورًا مهمًا لا يمكن إنكاره في اصطفاف تركيا إلی جانب طالبان.
کذلك، دعا وزير الخارجية القطري في آخر تصريح له إلى تفاعل عالمي مع طالبان، قائلاً إن الدوحة ستبذل قصارى جهدها لتحقيق الاستقرار في كابول تحت سيطرة حركة طالبان. ومع ذلك، تواجه قطر العديد من الخصوم العرب الآخرين في أفغانستان.
مثلث قطر وتركيا وباكستان مقابل الإمارات والسعودية في أفغانستان
على الرغم من أن قطر رأت نفسها في البداية دون منافس عربي في ساحة التطورات في أفغانستان، ولکن يبدو أن خصم قطر التقليدي، أي الإمارات، تحاول الآن المنافسة في أفغانستان.
وفي هذا السياق، وفقًا لمسؤولين في طالبان، وصل مسؤولون إماراتيون لم يكشف عن أسمائهم إلى كابول للقاء قادة طالبان. ويشار إلی أن الإمارات لا تتمتع بعلاقات وثيقة ودافئة مع قطر، وتحاول حاليًا ترسيخ نفسها في أفغانستان التي تسيطر عليها حركة طالبان.
كانت الإمارات واحدةً من الدول القليلة التي اعترفت بحكومة طالبان خلال نظام طالبان السابق في التسعينيات، والآن بعد أن أحرزت قطر قصب السبق، يدرك المسؤولون الإماراتيون أنهم قد تخلفوا عن منافسهم القطري. لكن ما إذا كانت طالبان ستسمح للإمارات بالتوسع في أفغانستان، فيعتمد على نهج دولة عربية أخرى، أي السعودية.
لدى طالبان نظرة واحدة إلى الإمارات والسعودية، وإذا كان بإمكان السعوديين العمل مع طالبان، فستكون الإمارات قادرةً أيضًا على فعل الشيء نفسه، تمامًا كما اعترفت الإمارات إلى جانب السعودية بحكم طالبان في التسعينيات.
ومع ذلك، تواجه كل من الإمارات والسعودية منافسين آخرين على الساحة الأفغانية، هما باكستان وتركيا. قد تتحلى باكستان بضبط النفس فيما يرتبط بتحركات الإمارات تجاه أفغانستان، لكن تركيا أثبتت دائمًا أنها تواجه صعوبةً في التعامل مع الإمارات والسعودية في الخصومات الإقليمية.
وهكذا، في حين أن للمثلث القطري الباكستاني التركي تأثيرًا كبيرًا في أفغانستان التي تحكمها طالبان، فإن الظروف بالنسبة للإمارات والسعودية صعبة ومحدودة بسبب وجود منافسين آخرين، وقد لا تتمكن الإمارات من إقامة علاقة دافئة مع طالبان خلال هذه الفترة، كما فعلت في التسعينيات.
بالإضافة إلى ذلك، هناك استياء تاريخي لدی طالبان من السعوديين. في عام 1998، طلبت السعودية من طالبان تسليم أسامة بن لادن، زعيم شبكة القاعدة في أفغانستان وهو مواطن سعودي کان يعيش في أفغانستان، إلى الرياض، لكن طالبان رفضت ذلك. وقد أضر رفض طالبان هذا بشدة بالعلاقات السعودية مع طالبان.
حتى بعد ذلك أيضًا، تسببت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في انهيار العلاقات بين الرياض وطالبان، حيث قطعت السعودية والإمارات العلاقات الدبلوماسية مع أفغانستان التي کانت تسيطر عليها طالبان، بعد أحداث 11 سبتمبر مباشرةً.
بل إن السعوديين في ذلك الوقت اتهموا طالبان بالإساءة إلی الإسلام؛ من خلال إيواء الإرهابيين. وهذا ما جعل طالبان تنظر إلى العلاقات مع السعودية والإمارات بالخلفية نفسها من الخلافات حتی يومنا هذا.
وفي هذا الشهر أيضًا، عندما سيطرت طالبان على العاصمة الأفغانية كابول، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا حذرًا، قالت فيه: "إن السعودية تؤيد قرار الشعب الأفغاني بالتحرك دون تدخل". وعليه، لا يبدو أن السعودية في عجلة من أمرها لاستئناف العلاقات مع حليفتها السابقة طالبان.
وبالتالي، لا يبدو أن جليد العلاقات السعودية الباردة مع طالبان آخذ في الذوبان في وقت قريب، كما أن برودة علاقات السعودية مع طالبان ستؤثر أيضًا على علاقات الحرکة مع الإمارات، وربما على الرغم من جهود أبوظبي لاستئناف العلاقات مع طالبان بإرسال مسؤوليها إلی کابول، ولکن وجود الخصمين التركي والقطري من جهة، وعلاقات الحرکة الباردة مع السعودية من جهة أخرى، سيؤثران على العلاقات مع الإمارات أيضًا، وستواجه أبو ظبي قيودًا في تجديد الصداقة مع طالبان.