الوقت – بعد ان سجل حزب العدالة والتنمية انتصارا في الانتخابات البرلمانية التركية يعتقد المراقبون ان المشهد السياسي التركي سيشهد بعض التغييرات وسيستطيع الرئيس التركي تكليف زعيم اكبر حزب فائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة ولذلك يتوقع ان يبادر احمد داود اوغلو الى تشكيل هذه الحكومة في غضون شهر ولكن يبقى هناك سؤال تام حول كيفية واسباب فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات.
ان الاحداث التي وقعت في تركيا بين الجولة الماضية للانتخابات والجولة الاخيرة تدل على قيام حزب العدالة والتنمية بوضع برنامج خاص من اجل تسجيل الفوز فتركيا شهدت خلال تلك الفترة هجوما تفجيريا في مدينة سوروج وتفجيرات في انقرة ضد المواطنين الاكراد وعودة الحرب بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني وقد اتهم معارضو الحكومة التركية هذه الحكومة بأنها هي من دبرت تلك الاحداث ووترت الاجواء لايقاف دعم الناخبين لحزب الشعوب الديمقراطية الكردي المعارض الذي كسب اصواتا كثيرة في الجولة السابقة من الانتخابات البرلمانية.
ويعتقد المراقبون ان اتهام داعش بالوقوف وراء تفجيرات تركيا ربما ليس صحيحا لأن داعش كان يجب ان يستهدف الحكومة التركية ردا على تعاونها مع الحلف الغربي وليس الاكراد في وقت نرى بأن الهجمات والتفجيرات استهدفت الاكراد المعارضين للحكومة التركية.
ان حزب العدالة والتنمية لم يألوا جهدا خلال الخمسة شهور الماضية التي فصلت الانتخابات البرلمانية السابقة عن الحالية لحذف معارضيه، وقد قال احمد داود اوغلو ان السبيل الوحيد امام حزب العدالة والتنمية هو تشكيل حكومة الحزب الواحد كما اصر اردوغان ايضا على شعار "حكومة قوية، حزب واحد" وكانت لهجة قادة حزب العدالة والتنمية عنيفة جدا وقد احتمل الجميع ان هذا الحزب سيستخدم كافة الادوات مثل التزوير وحل حزب الشعوب الديمقراطية بعد تلفيق التهم لقادته والارهاب والقمع الدامي للمواطنين وحتى الانقلاب العسكري من اجل الفوز في الانتخابات وفي الحقيقة قد نفذ هذا الحزب كل ما احتمله معارضوه واحدا واحدا.
ان حزب العدالة والتنمية فضل قتال حزب العمال الكردستاني على حفظ الامن من اجل كسب اصوات الشعب التركي كما قمع المؤسسات غير الحكومية والتجارية المعارضة ومارس الارهاب ضد الصحفيين والشخصيات المعارضة واوجد الفوضى المفبركة ليزيد الضغط على معارضيه ويدفع المواطنين نحو انتخاب الحزب الواحد في الانتخابات البرلمانية ليكون "منقذا" لهذا الشعب، ان اردوغان اطال عمدا الفترة الفاصلة بين الجولتين الانتخابيتين ليزعزع الاقتصاد التركي ويدفع المواطنين نحو المطالبة بتشكيل حكومة بأسرع ما يمكن كما استغل اردوغان وحزبه العمليات الارهابية وتوابيت الجنود الاتراك القتلى في الحرب مع حزب العمال الكردستاني والتهديدات الارهابية والقلق من حدوث الازمات الاقتصادية واستطاعوا رفع نسبة اصوات حزب العدالة والتنمية في هذه الجولة من الانتخابات البرلمانية الى 49.4 بالمئة بعد ان كانت 40.8 بالمئة في الجولة السابقة.
وقال اردوغان بعد اعلان نتائج الانتخابات ان الشعب التركي اختار الاستقرار السياسي ورفض حزب العمال الكردستاني ولم يصوت لمن يختار التهديد والقتل سبيلا لتحقيق اهدافه، وهكذا بدا واضحا ان اردوغان راض جدا من نتائج استراتيجية ادارة الفوضى التي نفذها.
واتبع حزب العدالة والتنمية اساليب مختلفة لكسب الاصوات فعلى سبيل المثال وعد هذا الحزب بزيادة رواتب العمال والمتقاعدين واستغل كافة الامكانيات الحكومية لجمع الاصوات وقد كانت كل قنوات التلفزيون الرسمي التركي مسخرة لخدمة هذا الحزب وتبث الدعايات لصالحه في وقت لم تكن هذه الفرصة موفرة لباقي الاحزاب كما يجب، وقد خصصت القنوات التركية 30 ساعة لدعايات حزب العدالة والتنمية مقابل 18 دقيقة لحزب الشعوب الديمقراطية و30 دقيقة لحزب الشعب الجمهوري.
وحصل حزب العدالة والتنمينة على الحصة الاكبر من الميزانية المالية التي خصصتها الحكومة التركية للاحزاب فيما لم يستطع حزب الشعوب الديمقراطية وباقي الاحزاب من استخدام هذه الامكانيات وهذا كله يفسر كيفية فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية التركية.