الوقت- عقب أنباء بدء خلافات جديدة بين الإمارات والسعودية، أعلن كاتب سعودي أن الإمارات تسعى للهيمنة على جزر وموانئ اليمن. وكشف "خالد السبيعي"، رئيس المجلس الأعلى لاتحاد الإعلام العربي، بالاشارة ضمنيًا للإمارات أن بعض دول الخليج تريد فقط السيطرة على جزر وموانئ اليمن. وفي إشارة إلى الإمارات العربية المتحدة ، قال "السبيعي" على صفحته على "تويتر" إنه "عندما لجأ الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي إلى الرياض، تدخلت السعودية سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا لإنقاذ اليمن، ودعت الرياض في ذلك الوقت بعض الدول للمشاركة في هذا الأمر المهم، لكن الوقت أظهر أن هدفهم هو السيطرة على جنوب اليمن واحتلال موانئه وجزره". وجاءت تصريحات "السبيعي" وسط أنباء عن نشوب خلافات جديدة بين السعودية والإمارات.
وذهبت المطالب الإماراتية الباهظة في اليمن، أو بشكل أدق في جزيرة سقطرى، مع الرغبة في توسيع نفوذها في المنطقة، إلى حد إقامة قواعد عسكرية لها في هذه الجزيرة اليمنية لجمع المعلومات العسكرية والتجسسية وذلك لخدمة بعض القوى العظمى، بما في ذلك الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. ولقد حاولت الإمارات بشكل أساسي التأثير على مجرى الأحداث في جنوب اليمن ولقد دعم القادة الإماراتيين المجلس الانتقالي الجنوبي، أحد الحركات الانفصالية الرئيسية في جنوب اليمن. وتجددت الخلافات خلال الأيام الماضية بين الرياض وأبوظبي حول عدد من القضايا، مثل إنتاج النفط، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومكافحة فيروس كورونا. ولقد كثفت السعودية والإمارات التوترات في محادثات "أوبك بلس" الأخيرة، مما أربك الخلاف الدبلوماسي غير المسبوق بين الحلفاء الاقتصاديين العالميين منذ فترة طويلة بشأن كمية النفط التي سيحصلون عليها الشهر المقبل. وكانت الاشتباكات اللفظية غير المسبوقة التي بدأت قبل يومين بين وزير الطاقة السعودي الأمير "عبد العزيز بن سلمان" ونظيره الإماراتي "سهيل المزروعي" بداية جولة جديدة من التوترات بين الرياض وأبوظبي. وفي خطوة غير معتادة، انتقد وزير الطاقة السعودي بشدة الإمارات لمعارضتها اتفاق "الرياض – موسكو" بشأن "أوبك بلس"، الذي اتهم فيه "المزروعي" السعودية بمحاولة فرض وجهات نظرها وإعطاء الأولوية لمصالحها على مصالح الآخرين. وأشار "السبيعي" إلى أن الرياض قدم خلال الفترة الماضية الكثير من التنازلات من أجل تحقيق الاستقرار في اسواق النفط، لكنه الآن يريد تحقيق ربح عادل يتناسب مع تضحياته واستثماراته الضخمة في صناعة النفط.
وهنا تجدر الاشارة إلى أن تصريحات الكاتب السعودي حول احتلال الإمارات الجزر اليمنية صحيحة ولكنه أيضا أكد في تصريحاته إلى وجود خلافات عميقة بين الرياض وأبوظبي. وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن الإمارات والسعودية اليوم في منافسة، لا بل مواجهة اقتصادية مفتوحة قد تبدو عواقبها وخيمة عليهما وعلى منطقة الخليج الفارسي. وستكون هذه المواجهة أكثر سخونة وشراسة مع بدء الإمارات بالرد على الخطوات السعودية. ويزيد من تبعات الوضع سوءا إن لم تقم المنافسة القادمة على تكافؤ الفرص ولا على التنسيق المشترك، ما يعني من جملة ما يعنيه أن على أبو ظبي القبول بالتخلي عن جزء من الكعكة التي بحوزتها لصالح الرياض.
ويرى خبراء أن التنافس الاقتصادي في طليعة أسباب التباين بين الدولتين، في وقت تحاول دول الخليج الفارسي الاستفادة قدر المستطاع من احتياطاتها النفطية الهائلة بينما تواجه بداية نهاية عصر النفط. والسعودية في حاجة ماسة إلى تمويل ضخم لبرنامجها الاقتصادي قبل اكتمال التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة. ويقول الخبير السعودي المقرب من دائرة الحكم "علي الشهابي" إن المملكة "عانت 50 عاما من الخمول في ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، وعليها الآن أن تلحق بالركب". ويضيف أن الإماراتيين "سيتفهمون بأنه يتعين عليهم توفير بعض المساحة لذلك". وترى المسؤولة السابقة في البيت الأبيض "كريستين فونتينروز"، وهي حاليا المسؤولة عن الملف السعودي في معهد "المجلس الأطلسي"، إن الجارين قررا أنه "علينا إعطاء الأولوية لمستقبلنا المالي على حساب صداقتنا". وتتابع "لا ضغينة هنا، مجرد حقائق اقتصادية". ولطالما كانت السعودية عملاقا اقتصاديا نائما، لكنها باتت تنافس دبي، المركز الرئيسي للأعمال والخدمات في المنطقة، من خلال تطوير قطاعات مثل السياحة والتكنولوجيا. وفي ظل محدودية الحوافز لديها، لجأت المملكة إلى العصا. ففي شباط، أصدرت إنذارا للشركات الأجنبية بأن تلك التي تسعى للحصول على عقود حكومية سيتعين عليها أن تنقل مقرها الإقليمي الرئيسي إلى المملكة بحلول عام 2024. ويقول "مشار عبدالله" مستشار مقرب من دوائر الحكم الإماراتية "كانت هناك بعض الضربات تحت الحزام من جارتنا، لكن الأمور ستبقى تحت السيطرة إن شاء الله"، مضيفا "نحن نرحب بالمنافسة".
الجدير بالذكر أن التباين الأول في العلاقة بدأ واضحا في منتصف 2019 عندما خرجت الإمارات على عجل من النزاع الكارثي في اليمن، بعدما لعبت مع السعودية الدور الأبرز في التحالف العسكري التي تقوده المملكة في هذا البلد منذ 2015. ووجدت الرياض نفسها غارقة في "مستنقع" لا تزال تكافح للخروج منه بأقل الأضرار. لقد كانت حكومة الإمارات متورطة في العدوان ضد اليمن من خلال مشاركتها في تحالف العدوان العربي الأمريكي منذ البداية ولقد أرسلت أكبر القوات والمعدات العسكرية إلى اليمن بعد السعوديين. ولقد اختتم القادة الإماراتيون، الذين اعتقدوا في البداية أن الإنفاق العسكري الهائل الذي أنفقوه على حرب اليمن سيحقق أهدافه الاستراتيجية في هذا البلد الفقير، ولكن عقب الانتصارات التي حققتها قوات حركة "أنصار الله" وتصعيد الضربات الصاروخية اليمنية داخل العمق السعودي والإماراتي، واستمرار تعاون الإمارات مع السعودية في العدوان على اليمن كانت لهذا التعاون نتائج كارثية على الإمارات. وعلى وجه الخصوص وأن معظم عائدات الإمارات تأتي من مصادر سياحية، وسيؤدي تأثير صواريخ "أنصار الله" على المواقع الإماراتية - كما في حالة السعودية - إلى أضرار اقتصادية لا يمكن إصلاحها للإمارات.
منذ بداية العدوان على اليمن، كانت استراتيجية الإمارات في اليمن مختلفة عن الاستراتيجية السعودية. حيث كان الهدف الرئيس للسعوديين هو إضعاف جماعة "أنصار الله" حتى تعود السلطة مرة أخرى إلى الرئيس اليمني المستقيل "عبد المنصور هادي"، وتوسيع نفوذ الرياض في اليمن، وتعزيز الوضع الأمنيعلى الحدود اليمنية السعودية. لكن الإمارات حاولت توسيع نفوذها في المناطق الساحلية وجنوب اليمن لتستخدمه في تعزيز وجودها على الخطوط البحرية في خليج عدن ومضيق باب المندب وأجزاء من القرن الأفريقي وحاولت الإمارات بشكل أساسي التأثير على مجرى الأحداث في جنوب اليمن من أجل إضعاف حكومة "عبد ربه منصور هادي" المستقيلة ومنعها من مواجهة أهداف الإمارات في المنطقة. ومنذ مارس 2015، تتمركز القوات الإماراتية في جنوب اليمن. وبعد وجودهم في تلك المناطق، قاموا بتدريب وتسليح قوات تابعة لهم في جنوب اليمن. وكان هدفهم هو ضمان تعزيز الوجود الإماراتي الدائم في المنطقة للسيطرة على مضيق باب المندب. وكان هذا هدفاً استراتيجياً لدولة الإمارات، ولقد تعاونت أبو ظبي ليس فقط مع السعودية ولكن أيضاً مع مصر لتحقيقه. وحتى أنها حصلت على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة في هذا الصدد وأنشأت قاعدة لوجستية وعسكرية لها في الصومال وإريتريا لضمان وجودها على جانبي مضيق باب المندب.
إن رؤية الإمارات لجزيرة سقطرى من خلال العيون الصهيونية يعني فصل الجزيرة عن اليمن وتغيير موقعها الجغرافي، بحيث يمكن لأبوظبي والكيان الصهيوني أن يراقبوا بشكل استراتيجي المناطق والطرق البحرية الاستراتيجية مثل بحر عمان والمحيط الهندي وبحر العرب إلى باب المندب والتجسس على المنطقة بشكل كامل. وقبل بضعة أشهر، أعلنت الإمارات أيضًا أن أبو ظبي نفذت مؤخرًا حزمة جديدة من الإجراءات، بما في ذلك شبكات الاتصال، لتغيير طبيعة وثقافة سكان سقطرى والسيطرة على هذه الجزيرة المهمة والاستراتيجية في المحيط الهندي. وكذلك وبعد الاتفاق الأخير مع الكيان الصهيوني، قامت أبو ظبي بإنشاء وتطوير شبكات الاتصالات الإنترنت في الجزيرة وتجهيزها بالمعدات وخطوط الاتصال الإماراتية. وإضافة إلى هذه الأنشطة، وضعت دولة الإمارات تدابير أخرى على جدول أعمالها لتغيير الهوية اليمنية للجزيرة، بما في ذلك تغيير تقاليد سكان الجزر في مجال الزواج والملابس التقليدية النسائية وغيرها من القضايا؛ كما يقدمون دورات تعليمية وخاصة لأطفال سقطرى ويعلمونهم تاريخ الإمارات ويعتقد سكان سقطرى أن تصرفات الإمارات تهدف إلى إجبارهم على مغادرة الجزيرة وقبول عروض خادعة لبيع أراضيهم لاستبدالهم بالأجانب.