الوقت- دأب قادة الكيان الإسرائيلي خصوصاً زعماء الأحزاب اليمينية المتطرفة وفي مقدمتها حزب الليكود؛ أي "مناحیم بيغن واسحاق شامیر وأریل شارون وبنیامین نتانیاهو" الذين شغلوا منصب رئيس الحكومة في هذا الكيان؛ دأبوا على التخطيط للسيطرة على الأماكن المقدسة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومحاولة تهويدها لاسيما المسجد الأقصى في القدس المحتلة والمسجد الابراهيمي في الخليل. فما هي الأهداف التي سعى هؤلاء لتحقيقها من وراء هذا السلوك المُدان والمخالف لجميع الأعراف والقوانين الدينية والدولية؟
الاجابة عن هذا التساؤل المهم والحسّاس تستدعي الوقوف عند النقاط التالية:
1 - لم يعد أمر التقسيم الزمني للمسجد الأقصى مخططاً، بل بات أمراً واقعاً تعمل سلطات الكيان الإسرائيلي على تطبيقه بالقوة، فها هي قواتها تقتحم المسجد بين الحين والآخر لتعيث فيه فساداً، وهو ما يعده المراقبون تطوراً غير مسبوق نحو تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً.
2 – يقصد بالتقسيم الزماني تحديد أوقات معينة لدخول اليهود فقط، وأوقات أخرى لدخول المسلمين، أما التقسيم المكاني فيعني اقتطاع أجزاء من المسجد الأقصى من أجل إقامة كنيس يهودي ليكون بديلاً مؤقتاً لمشروع بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.
3 - يستهدف مشروع التقسيم التعجيل في نزع الهوية والسيادة الإسلامية عن المسجد الأقصى وشرقي القدس، ونزع كامل صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية في كامل مساحة المسجد الأقصى وتبديلها بمفوض خاص من قبل سلطات الاحتلال.
4 – قامت سلطات الاحتلال بعدة إجراءات ضمن مشروعها لتهويد القدس، بينها التضييق على المقدسيين وإبعادهم وسحب هوياتهم وسلب حقهم في التواجد داخل القدس لتحقيق التغيير الديموغرافي الذي يضمن لهم الأغلبية السكانية، وتسارعت هذه الاجراءات مع محاولات السيطرة على الأرض من خلال بناء الجدار العازل ومواصلة الاستيطان وحفر الأنفاق وتغيير المعالم الدينية بادعاء أن لليهود أماكن مقدسة في القدس.
5 - تحولت فكرة السيطرة والسطوة من قبل سلطات الاحتلال على المسجد الأقصى إلى نشر أفكار تمهد لتهويده، بينها التقسيم المكاني والزماني بين المسلمين واليهود، فتغيرت سياسة الاعتداء من مجرد إقتحام المسجد وإيذاء المرابطين والمعتكفين داخله، إلى التمهيد لبث فكرة التقسيم الزماني للمسجد وساحاته بين الفلسطينيين والمستوطنين، ليكون للمسلمين في أوقات الصلاة فقط، وفي غيرها تكون ساحاته مفتوحة للمستوطنين، كخطوة استباقية للتقسيم المكاني.
6 - الهدف الأساسي من التقسيم الزماني والمكاني يتمثل في الحقيقة بتغيير الاسلوب المتبع من قبل سلطات الاحتلال من الاعتداء على المسجد الأقصى إلى الاعتداء على هوية المسجد.
7 - لا يشكل التقسيم المكاني والزماني هاجساً لدى السياسيين الإسرائيليين فقط، بل يشغل بال الحاخامات "رجال الدين اليهود "الذين يزعمون عدم شرعية تواجد المسلمين بالمسجد الأقصى، ويحاولون تعضيد ذلك من خلال السماح بإقامة الحفريات التي بدأت أولى مراحلها بعد عدوان 1967 لتبرير مزاعمهم أنهم أصحاب الأرض، وأن عودتهم المزعومة إلى فلسطين جاءت من منطلقات دينية، وليست بدوافع سياسية أو اقتصادية فقط.
8 - يشكل بناء المستوطنات الوسيلة الرئيسية التي تعتمدها سلطات الاحتلال لزيادة عدد اليهود في شرق القدس. وتستمر حركة الاستيطان بشكل محموم دون أي اعتبار لحقوق الفلسطينيين أو الاعتراضات والانتقادات والادانات التي تتوالى من المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والانسانية.
9- تعتقد سلطات الاحتلال بأن الظروف الحالية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وانشغال الكثير من دوله وشعوبه بمواجهة الجماعات الإرهابية وفي مقدتها "داعش" و "القاعدة" وما يسمى "جبهة النصرة" وغيرها لاسيما في سوريا والعراق قد وفّرت الارضية المناسبة لتنفيذ مخططاتها لتقسيم المسجد الاقصى والاستحواذ على الأماكن المقدسة الاخرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومن بينها المسجد الابراهيمي في الخليل، ما جعلها في عجلة من أمرها لتنفيذ التقسيم خصوصاً في ظل الانقسام الفلسطيني وضعف أداء السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وإنشعال العديد من دول المنطقة بأوضاعها الداخلية أو بمهاجمة دول أخرى كما يحصل جراء العدوان السعودي المتواصل على الشعب اليمني منذ أكثر من سبعة أشهر في إطار مخطط صهيوأمريكي يهدف الى استنزاف طاقات المنطقة والعبث بمصيرها ومقدراتها خدمة للكيان الإسرائيلي الغاصب ومحاولاته الرامية الى تقسيم المسجد الأقصى بأسرع وقت وبأقل الإمكانات.
وأخيراً على الفلسطينيين بكافة فصائلهم ومعهم جميع الشعوب العربية والاسلامية أن يدركوا خطورة ما تقوم به سلطات الاحتلال في هذه المرحلة الحرجة والحسّاسة من تاريخ الأمة ويضعوا القدس الشريف نصب أعينهم لمنع تقسيمه والاستحواذ عليه من قبل المتطرفين الصهاينة قبل فوات الأوان ولات حين مندم، حيث لاينفع الندم.