الوقت- بالتزامن مع تكثيف قوات العدو الصهيونيّ هجماتها الإجراميّة على الفلسطينيين ومنازلهم وارتفاع عدد الشهداء والجرحى بشكل كبير، أصبح لدى الفلسطينيين معركة أخرى لا تقل أهميّة عن مقاومتهم وسعيهم لتحرير بلادهم من الجناة المحتلين، وهي "الحرب الالكترونيّة" التي يسعى أصحاب الأرض من خلالها إلى فضح ممارسات العدو العنصريّ وخاصة مع وجود رصيد كبير من مقاطع الفيديو والصور الجديدة التي توثّق حجم دمويّة وإرهاب هذا الكيان، وكان موقع "فيسبوك" ضمن الساحات الالكترونيّة التي عجّت بالمنشورات والتعليقات والهاشتاغات المناصرة لفلسطين وشعبها المظلوم، قبل أن تقوم الشركة في التعامل مع مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي من الفلسطينيين، وحذف منشورات وإغلاق حسابات، بسبب استخدام كلمات مثل الأقصى المبارك، حيث أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حملة ضد شركة "فيسبوك" رداً على سياساتها الأخيرة بحذف المنشورات التي تفضح العدو الغاصب، وإغلاق عدد كبير من الحسابات بدعوى مخالفة معايير النشر.
ويستمر تراجع تقييم الموقع يوماً بعد آخر، بسبب قيام عدد كبير من المستخدمين بإعطاء تقييم متدنٍ للموقع على المتاجر الإلكترونيّة، تعبيراً عن غضبهم من إغلاق حساباتهم، بسبب منشورات بعضها يعود لأعوام سابقة، وتتحدث عن القضية الفلسطينيّة، وجرائم الكيان القاتل، وقد اعترف "فيسبوك" و"واتساب" و"إنستغرام" بتقاعسهم عن مسؤولياتهم القانونيّة والأخلاقيّة في احترام القانون الإنسانيّ الدوليّ، وحق الشعب الفلسطينيّ في التعبير عن الاضطهاد الكبير الذي يتعرض له، وذلك من خلال الرسالة الرسميّة التي تلاقها السفير الفلسطينيّ لدى بريطانيا، حسام زملط، من إدارة تلك الشركات، أعربت فيها عن اعتذارها لما جاء في شكوى تقدمت بها دولة فلسطين بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وتأتي الحملة الالكترونيّة ضد موقع "فيسبوك" بسبب عدم استجابته للمطالب التي قدمتها دولة فلسطين عبر سفارتها في لندن، والتي تضمنت التوقف عن مساعي إسكات أصوات الفلسطينيين ومناصريّ قضية فلسطين على منصات التواصل الاجتماعيّ، والبدء بتفعيل نظام رقابة، وحظر الحملات الرسميّة والشعبيّة الصهيونيّة للتحريض على القتل في الأراضي الفلسطينيّة التي يحتلها العدو ومستوطنوه، وحذف منشورات وإغلاق حسابات لساسة كيان الاحتلال، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد أن عرضت فلسطين أمثلة للتحريض على القتل من المستوى الرسميّ في حكومة العدو، ومنع جيش الكيان الباغي من استخدام منصات التواصل الاجتماعيّ لبث الإشاعات والمعلومات الكاذبة والتحريض على العنف، إضافة إلى مراقبة وحظر وسائل الإعلام العبريّة التي تستخدم منصات التواصل الاجتماعيّ للتحريض على الكراهية والعنصريّة والعنف.
ويتصاعد التفاعل في الحملة المناهضة لفيسبوك، بسبب رفض الشركة عدداً كبيراً من الاعتراضات على حذف المنشورات والحسابات، ما اضطر أصحابها لعمل حسابات بديلة، ودعا النشطاء جميع مستخدمي التطبيق إلى التفاعل مع الحملة، عبر نشر هاشتاغ "الفيسبوك_عنصريّ"، والدخول إلى صفحة تقييم التطبيق على متجر غوغل، ومتجر أبل، والتقييم بنجمة واحدة لإضعاف تقييمه بشدة.
ومن الجدير بالذكر أنّ السفير الفلسطينيّ أعرب عن استعداد فلسطين للعمل مع إدارة شركة "فيسبوك" من أجل حل هذه المسائل، وإنهاء ممارسة التعتيم وتكميم الأفواه وتشويه النضال الفلسطينيّ من جهة، ووقف حملات التحريض الصهيونيّة الممنهجة من جهة أخرى، مؤكّداً أنّ المطلوب من منصات التواصل الاجتماعي ليس تصحيح خطأ هنا أو هناك، بل تغيير جملة إطار التعامل مع قضية فلسطين كقضية تحرر ونضال ضد الاحتلال والاستعمار والاضطهاد والفصل العنصريّ، وعدم تبني الرواية الأمنية للعدو، والتي تعتبر نضال الشعب الفلسطينيّ المشروع "أعمال شغب وإرهاب".
وفي الوقت ذاته زعمت الشركة أنها ستنظر في حملات التحريض على العنف ضد الفلسطينيين في الأراضي التي تسيطر عليها العصابات الصهيونيّة، ومن أعلى الهرم السياسي وخصوصاً نتنياهو على منصاتها، الذي نتج عنه قتل المدنيين الفلسطينيين في القدس وغزة والضفة الغربيّة المحتلة والفلسطينيين داخل أراضي عام 1948، وشدد السفير زملط على أن الجهود مستمرة من أجل متابعة الشكوى التي تقدمت بها دولة فلسطين، حيث يجري ترتيب لقاءات رسميّة فلسطينيّة مع فريق عالي المستوى من إدارة شركة "فيسبوك" خلال الأسبوع الحاليّ.
في الحقيقة، إنّ التضامن الكبير الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعيّ تعاطفاً مع الفلسطينيين ضد عدو العرب والمسلمين الأول، أفشل محاولات تلك الشركات المتحيزة والمخادعة في كبح جماح الغضب العارم من إجرام وعنصريّة وجبروت الكيان، وفشلت بشكل لا يوصف في التستر والتغطية على قتلة الأطفال والنساء، لتبقى الصورة الوحيدة المرسومة في أذهان الجميع عند ذكر "إسرائيل"، هي الموت والدمار، في ظل الاتهامات الدولية للعدو بأنّه يوظّف علاقاته مع شركة فيسبوك في محاربة المحتوى الفلسطينيّ في الفضاء الإلكتروني الأزرق.