الوقت - مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية العراقية المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، تسعى التيارات السياسية العراقية من جهة لتشكيل تحالفات سياسية انتخابية، ومن جهة أخرى تعلن الخطوط العريضة لبرامجها الانتخابية.
في غضون ذلك، يُشار إلى أن قضية طرد قوات الاحتلال الأمريكية تثار أكثر من أي وقت مضى.
وفي هذا الصدد، نرى أنه في آخر التصريحات والمواقف، حذر ممثلو مختلف الکتل السياسية في البرلمان العراقي الحكومة العراقية من أي محاولة للالتفاف على اتفاق طرد القوات الأمريكية من البلاد.
في السياق نفسه، حذر ممثلو تحالف فتح وسائرون والصادقون وغيرهم، في بيان، من أي عمل غير قانوني من قبل حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في تنفيذ قرار طرد القوات الأجنبية من البلاد.
ويأتي بيان الأحزاب والأطراف السياسية العراقية حول ضرورة تنفيذ انسحاب القوات الأمريكية، في وقت عقدت فيه الجولة الثالثة من المحادثات الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد في 7 أبريل 2021، والتي ركزت على مواضيع الأمن ومكافحة الإرهاب والاقتصاد والطاقة والقضايا السياسية والتعاون الثقافي.
وبعد هذه الجولة من المحادثات، أعلنت وزارة الخارجية العراقية أن "وجود القوات الأمريكية بعد المحادثات سيقتصر على تقديم المشورة والتدريب، وأن القوات الأجنبية ستتمركز خارج العراق وفق جدول زمني محدد".
لكن في الوضع الراهن، يعتبر بيان التيارات السياسية العراقية ذا أهمية كبيرة، ويمكن قراءته على ثلاثة مستويات في تحليل الوضع السياسي في البلاد وتطورات الأوضاع قبل انتخابات تشرين الأول.
وحدة التيارات السياسية العراقية ضد استمرار الوجود الامريكي
على مر السنين الماضية، ركزت الحكومة الأمريكية دائمًا على التوترات الداخلية والخلافات بين التيارات السياسية العراقية. وقد حاولت واشنطن على الدوام الاستفادة القصوى من أجواء التوتر بين التيارات السياسية العراقية، وتعزيز مصالحها وسياساتها في هذا البلد.
وإضافة إلى استخدام الأكراد والسنة کورقة ضغط، استخدم الأمريكيون أيضًا ما يسمى بالتيارات السياسية الشيعية العلمانية كأداة في السنوات الأخيرة، وركزوا على هذه التوترات بشکل خاص من أجل الحفاظ على وجودهم في العراق.
لكن البيان الأخير للأحزاب السياسية العراقية بشأن ضرورة عدم الالتفاف على اتفاق انسحاب القوات الأمريكية قبل انتخابات أكتوبر، يشير إلى أنها رغم كل الخلافات السياسية، إلا أنها متفقة على مواجهة ومعارضة استمرار وجود قوات الاحتلال الأمريكية.
وهذا الإجماع هو بالتأكيد ضد مصالح ورغبات الأمريكيين، وفي المستقبل القريب يمكن أن يجعل وضعهم أكثر صعوبةً للبقاء في العراق.
إعطاء الأولوية لانسحاب القوات الأمريكية على القضايا الاقتصادية والتوترات السياسية الداخلية
في الانتخابات النيابية العراقية الأربع في السنوات التي تلت عام 2003، في مجال المنافسة الانتخابية بين التيارات السياسية، أعطيت الأولوية دائمًا للقضايا والمشاكل الاقتصادية وأزمة المعيشة والتوظيف في هذا البلد.
إضافة إلى ذلك، تم إبراز الخلافات السياسية بين مختلف التيارات بشكل كبير، وشكل ذلك محور الشعارات الانتخابية نوعًا ما.
لكن مسار الأحداث في العراق خلال السنوات القليلة الماضية، يشير بوضوح إلى أنه في الجولة الجديدة من الانتخابات المقرر إجراؤها في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، هناك تركيز خاص على ضرورة تنفيذ قانون طرد القوات الأجنبية الذي أقره مجلس النواب العراقي في 5 كانون الثاني 2020، ولم تنفذه الحكومة العراقية بعد.
وتجدر الإشارة إلى أنه بالنظر إلى الشعبية الكبيرة لشهداء المقاومة وتأثير مجموعات المقاومة في الرأي العام، فإن الغالبية العظمى من الأحزاب تدرك بوضوح أن التركيز على قضية طرد الإرهابيين الأمريكيين وتفكيك قواعدهم العسكرية، يمكن أن يكون عاملاً مهماً في تحديد الأصوات في الانتخابات المقبلة.
إضفاء الشرعية من قبل البرلمان علی القتال ضد قوات الاحتلال الأمريكية
من ناحية أخرى، فإن البيان الأخير للتيارات السياسية العراقية، بالنظر إلى أنه صدر نيابةً عن الکتل الموجودة في مجلس النواب العراقي، باعتباره الهيئة التشريعية الرئيسة في هذا البلد، يمكن أن يكون حافزاً مهماً لإضفاء الشرعية على الكفاح المسلح ضد قوات الاحتلال الأمريكية.
وفي الأيام التي أعقبت الخامس من يناير 2020، عندما أصدر مجلس النواب قراراً بطرد القوات الأجنبية، هاجمت التيارات الموجودة في محور المقاومة مواقع وقوات الولايات المتحدة، وهددت بمكافحة احتلال القوات الإرهابية الأمريكية.
وعلى الرغم من أن الإرادة الشعبية العراقية كانت دائماً تتماشى مع إجراءات القوى الموجودة في محور المقاومة والتعاطف معها، إلا أن الحكومة العراقية لم تتخذ موقفاً داعماً حتى الآن.
وفي الوضع الراهن، وبعد تأكيد النواب على ضرورة عدم تجاوز الحكومة عملية طرد القوات الأمريكية الإرهابية، اكتسبت الهجمات المحتملة على قوات الاحتلال الأمريكية المقبولية والشرعية القانونية.