الوقت- ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "نيد برايس" قبل مئة يوم من الآن جعل الرئيس "جو بايدن" عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية إنهاء الحرب اليمنية إحدى أولويات سياسته الخارجية. وقال "برايس" في مؤتمر صحفي ردا على عمليات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" ضد تحالف العدوان السعودي، "ندين بشدة كل الهجمات الصاروخية المروعة على السعودية وهذه الهجمات غير مقبولة وخطيرة ". وقال، بحسب موقع وزارة الخارجية على الإنترنت، "إننا نحث بقوة جميع الأطراف على الالتزام بوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة". وأضاف الدبلوماسي الأمريكي إن "الرئيس بايدن جعل إنهاء الحرب اليمنية إحدى أولويات سياسته الخارجية"، وحث حركة "أنصار الله" اليمنية المقاومة للجلوس على طاولة المفاوضات. وقال: "لدينا الآن خطة جيدة وعادلة لوقف إطلاق النار في اليمن، والتي تتضمن الاستجابة الفورية من جميع الاطراف بسبب الوضع الإنساني المزري في البلاد ... وقادة أنصار الله على اغتنام هذه الفرصة والجلوس على طاولة الدبلوماسية."
وفي غضون ذلك، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن تحالف العدوان السعودي خلال الفترة الماضية، استمر بشن عمليات عسكرية ضد أبناء الشعب اليمني وبارتباك الكثير من الجرائم في حق الاطفال والنساء وبالتدخل في شؤون هذا البلد الفقير الداخلية بدعم من الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة. ولقد وصفت الأمم المتحدة الأزمة اليمنية قبل عدة أشهر بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم بعد هجمات تحالف العدوان السعودي المدمرة على البنية التحتية لليمن. وحول هذا السياق، قال عضو المجلس السياسي الأعلى "محمد على الحوثي": " مر مئة يوم أو اكثر منذ أن أعلن بايدن ضرورة السلام وإيقاف العدوان ع الجمهورية اليمنية بلا افعال". وأضاف في تغريده له على "تويتر": "ثبت ما قلناه أن التصريحات عبارة عن مشاعر لا خطط ولا برامج لها ولا خطوات عملية في الميدان وأن التفاؤل الذي أبداه البعض كان في غير محله وقد قلنا حينها سنبادل الشعور بشعور اليس كذلك؟" .
وهنا يرى العديد من المراقبين أن هذا التخاذل الأمريكي في إنهاء الحرب في اليمن، جاء ليصب في مصلحة الاقتصاد الأمريكي الذي لم يتوقف خلال الفترة الماضية عن بيع الكثير من الاسلحة المحرمة لدول تحالف العدوان السعودي للأستمرار في قتل أبناء الشعب اليمني. كما يعتقد المراقبون أن إدارة "بايدن" ظنت أن حركة "أنصار الله" ليس لها ثقل حقيقيا في ميدان المعركة ولكن الايام الماضية كشفت بأن هذه الحركة كان لها اليد العلياء في ساحات القتال وخاصة في مدينة مأرب والجوف وتعز. الجدير بالذكر أنه في وقت سابق، زعم المبعوث الأمريكي إلى اليمن "تيم ليندركينغ"، إن الولايات المتحدة عملت مع السعودية وسلطنة عُمان والقوى الإقليمية الأخرى على تثبيت هدنة في اليمن. وأوضح أنه عرض على قادة حركة "أنصار الله" وحكومة صنعاء خطة لوقف إطلاق النار، زاعماً أن الولايات المتحدة استأنفت تمويل المساعدات الإنسانية إلى شمال اليمن. ولفت "ليندركينغ" إلى أن هناك خطة الآن لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني لمعالجة الوضع الإنساني المزري، وبيّن أنه "لا يمكننا فرض حل في اليمن، وجمع اليمنيين في قاعة واحدة أمر صعب.
ورداً على هذه الدعوات الأمريكية المشبوهة، وجهت حركة "أنصار الله" خلال تلك الفترة صفعة للمبعوث الامريكي الى اليمن "تيم ليندركينج" رافضة مقترحاته الذي ذكاها مؤخرا للحل في اليمن، وذلك لأنهم يعلمون جيدا بأن الوعود الأمريكية ما هي إلا وعود زائفة وكاذبة، حيث أعلن المتحدث باسم جماعة "أنصار الله" ورئيس الوفد اليمني المفاوض، "محمد عبد السلام" أن مقترح المبعوث الأمريكي إلى اليمن مرفوض، معتبرا إياه "مؤامرة" لوضع اليمن في مرحلة أخطر مما هي عليه الآن. وقال: "ما أسماه المبعوث الأمريكي بالمقترح لا جديد فيه ويمثل الرؤية السعودية والأممية منذ عام.. في المقترح لا وقف للحصار ولا وقف لإطلاق النار بل التفافات شكلية تؤدي لعودة الحصار بشكل دبلوماسي". وأضاف "عبد السلام": "من الشروط المطروحة في المبادرة تحديد وجهات مطار صنعاء وإصدار التراخيص عبر تحالف العدوان، وأن تكون الجوازات غير صادرة من صنعاء.. لو كانوا جادين لوقف العدوان والحصار لأعلنوا وقف الحرب والحصار بشكل جاد، عندها سنرحب بهذه الخطوة".
ومن جانبه، وصف عضو المجلس السياسي الأعلى باليمن "عبد الملك العجري" خلال تلك الفترة تصريحات وزير الخارجية الأمريكية بأنها مؤامرة تُحاك ضد أبناء الشعب اليمني ولكنه، وصف تصريح وزير الخارجية الأمريكي عن ضرورة خلو اليمن من التدخل الأجنبي بأنه أمر "إيجابي". وأكد أن ما ينتظره اليمنيون من الولايات المتحدة هو "الأفعال"، وسحب العناصر الأمريكية والخبراء من المعركة، مضيفاً إن بلاده "ننتظر إبلاغ البحرية الأمريكية بفك الحصار". وبدوره، أكد عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن "محمد البخيتي"، أن جهود الدبلوماسية تبدأ بفك الحصار وإنهاء العدوان على اليمن. "البخيتي" أضاف إنه يجب ترك المجال للحوار السياسي بعد مرحلة تتم فيها التهدئة ومعالجة آثار العدوان ونتائجه، إضافة إلى خروج القوات الأجنبية من البلاد. كما قال عضو المجلس السياسي الأعلى رفض قبول "أي مبرر لإعاقة وصول الإغاثة إلى المواطنين ونحن ملتزمون بتذليل أي صعوبات". وفي تغريدة له أضاف "البخيتي"، أنهم أبلغوا المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي بضرورة رفع الحصار عن الشعب اليمني، وسيكون ذلك كافياً، بدلاً من استجداء دول العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي وحلفائه القتلة المحاصرين للشعب لتقديم فتات من المساعدات للمحتاجين.
ومن جهتها قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن "الولايات المتحدة قامت خلال الفترة الماضية ببيع قنابل عنقودية للسعودية وأن الكونغرس صوت لصالح استمرار بيعها شريطة عدم وضع ختم المصنع عليها". ونقلت الصحيفة في تقرير لها بعنوان "القنابل العنقودية الأمريكية تهشم الحياة في العاصمة صنعاء"، شهادات بعض ضحايا القنابل الأمريكية أو أسرهم في العاصمة اليمنية صنعاء. وأبرزت الصحيفة مدى كراهية الشارع اليمني للولايات المتحدة باعتبارها تقوم بدور هادئ لكنه قاتل أدى إلى قتل وجرح آلاف المدنيين في اليمن. وأكدت الصحيفة في التقرير أن الولايات المتحدة باعت للسعودية مقاتلات وأسلحة أمريكية بمليار دولار. قائلة: " الانتقادات الموجهة لأمريكا في تزايد مضطرد بسبب مشاركتها في الحرب على اليمن"، مشيرة إلى أن نوابا أمريكيين والمنظمة الأمريكية لحقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" يطالبون بحظر بيع السعودية أسلحة محرمة دوليا.
وفي الختام يمكن القول، إن كل هذه الانتصارات التي تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من تحقيقها في عدد من مناطق ومديريات محافظة مأرب تدل على أن اليمنيين وصلوا إلى مستوى من القوة لدرجة أنهم ليسوا على استعداد للتنازل عن أي تنازلات للعدو لإنهاء الحرب، مؤكدين على الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد. وفي ظل هذه الظروف، تحاول الرياض بالتأكيد تخفيف حدة عزلتها وتقليل الضغط الدولي لإنهاء الحرب من خلال الاستعانة بالعلاقات الدبلوماسية الخارجية وبذل الجهود لإجبار المجتمع الدولي، على إدانة الضربات الجوية اليمنية، والتي تعتبر رادعًا مشروعًا لوضع حد للعدوان السعودي على أبناء الشعب اليمني