الوقت- تمّكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، خلال الأسابيع القليلة الماضية، من تحقيق العديد من الإنتصارات في محيط مدنية مأرب اليمنية وتمكنوا من توجيه ضربات صاروخية موجعة على منشآت سعودية، كما أنها عمقت عملياتها العسكرية داخل الأراضي السعودية ردا على استمرار عدوان تحالف العدوان السعودي على مواقع مدنية يمنية ويرى العديد من الخبراء العسكريين أن القادة السعوديين أصبحوا غير قادرين على إدارة أزمة الحرب اليمنية، حيث إن تصعيد هجمات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" على المواقع الاستراتيجية داخل العمق السعودي، تشير إلى المستوى العالي الذي وصلت لها المقاومة اليمنية خلال السنوات الماضية. ولقد أثار تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، الذين أصبحوا يبعدون خطوة واحدة عن تحرير محافظة مأرب بالكامل، مخاوف حكومة الفنادق وقادة الرياض وواشنطن ولندن، الداعمين الرئيسيين لتحالف العدوان السعودي في حرب اليمن. ولقد أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية قبل عدة أيام أنه ينبغي على قوات "أنصار الله" اليمنية إنهاء هجماتها على جبهة مأرب. وفي غضون ذلك، أكد مسؤولون في حركة "أنصار الله" أن تحالف العدوان السعودي هو الذي شن حرباً عبثية على اليمن وهو الذي يجب أن يوقف هجماته على أبناء الشعب اليمني الأعزل وفك الحصار الجائر على المطارات والموانئ اليمنية.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الإخبارية، أن الرياض أصبحت الآن في مرحلة لا تملك فيها السلطة لتقرير ما إذا كانت ستواصل الحرب أو تنهيها، وذلك لأن الأمريكيين هم من يقودون العملية عمليا، كما أن المسؤولين السعوديين وشخص ولي العهد "محمد بن سلمان" لا يجرؤون على التعليق على هذه الحرب إضافة إلى عجزهم عن اتخاذ اي قرارات تخص هذه الحرب بدون الرجوع إلى البيت الابيض، والآن إذا تحدث ولي العهد السعودي الشاب عن السلام والمفاوضات مع حركة "أنصار الله"، فمن المؤكد أنه أصبح يخاف على مستقبله السياسي عقب فشله في هذه الحرب العبثية. وهذا الامر دفع قادة الرياض إلى الاستنجاد بالدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة لإنقاذهم من هذا المستنقع الذي غرقوا فيه وبالفعل قامت تلك الدول الغربية بالتنديد بهجمات "أنصار الله" على المطارات السعودية وتناسوا الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان السعودي كل يوم في حق أبناء الشعب اليمني.
وفي وقت سابق من اليوم الجمعة الماضي، قال المبعوث الأمريكي إلى اليمن "تيم ليندركينغ"، إن الولايات المتحدة عملت مع السعودية وسلطنة عُمان والقوى الإقليمية الأخرى على تثبيت هدنة في اليمن. وأوضح أنه عرض على قادة حركة "أنصار الله" وحكومة صنعاء خطة لوقف إطلاق النار، زاعماً إلى أن الولايات المتحدة استأنفت تمويل المساعدات الإنسانية إلى شمال اليمن. ولفت "ليندركينغ" إلى أن هناك خطة الآن لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني لمعالجة الوضع الإنساني المزري. وبيّن أنه "لا يمكننا فرض حل في اليمن، وجمع اليمنيين في قاعة واحدة أمر صعب". وأضاف: "تواصلت مع المبعوث الأممي، وعُمان، وأطراف إقليمية أخرى؛ لوقف شامل لإطلاق النار"، مشيراً إلى أنه سيعود إلى المنطقة على الفور حينما يكون قادة حكومة صنعاء مستعدين للمفاوضات. وأشار إلى أن السعودية مستعدة للتعاطي مع الصراع اليمني "بطريقة لم تكن مستعدة لها قبل 6 أشهر وستدعم جهودنا" وأكد أن حركة "أنصار الله" يؤدون دوراً رئيسياً في اليمن، وأنه لا يمكن تجاهل ذلك، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة تنتظر إشارة استجابة منهم بشأن خطة وقف إطلاق النار.
ورداً على هذه الدعوات الأمريكية المشبوهة، وجهت حركة "أنصار الله" صفعة للمبعوث الامريكي الى اليمن "تيم ليندركينج" رافضة مقترحاته الذي ذكاها مؤخرا للحل في اليمن، حيث أعلن المتحدث باسم جماعة "أنصار الله" ورئيس الوفد اليمني المفاوض، "محمد عبد السلام" أن مقترح المبعوث الأمريكي إلى اليمن مرفوض، معتبرا إياه "مؤامرة" لوضع اليمن في مرحلة أخطر مما هي عليه الآن. وقال: "ما أسماه المبعوث الأمريكي بالمقترح لا جديد فيه ويمثل الرؤية السعودية والأممية منذ عام.. في المقترح لا وقف للحصار ولا وقف لإطلاق النار بل التفافات شكلية تؤدي لعودة الحصار بشكل دبلوماسي". وأضاف "عبد السلام": "من الشروط المطروحة في المبادرة تحديد وجهات مطار صنعاء وإصدار التراخيص عبر تحالف العدوان، وأن تكون الجوازات غير صادرة من صنعاء.. لو كانوا جادين لوقف العدوان والحصار لأعلنوا وقف الحرب والحصار بشكل جاد، عندها سنرحب بهذه الخطوة".
وتابع المتحدث باسم حركة "أنصار الله" ورئيس الوفد اليمني المفاوض: "أن يأتي مبعوث أمريكي يقدم خطة أقل مما قدمها المبعوث الأممي فهذا غير مقبول.. ما لم يحصلوا عليه بالحرب والدمار لن يحصلوا عليه بالحوار.. فالعدوان والحصار لم يتوقفا ليوم واحد منذ 6 أعوام، فما هو المفهوم الأمريكي لإطلاق النار والحصار؟". وأوضح المتحدث باسم حركة "أنصار الله"، أن "الأمريكيين بتقديمهم الشروط السعودية كمقترح لوقف الحرب أثبتوا مجددا أنهم يقفون خلف العدوان والحصار بشكل صريح.. لا يوجد أي تغيير حقيقي نحو إنهاء الحرب ورفع الحصار، وهذه الأمور بيد الطرف الآخر". وشدد "عبد السلام" على أنه "يريدون أن نستجيب بالحوار لما لم يحققوه بالحرب والحصار، وهذه الحقيقة يجب أن يدركها الجميع.. ما قاله المبعوث الأمريكي حول وصول المساعدات الإنسانية لليمن وعدم وصولها إلى مستحقيها سقطة كبيرة جدا، فالسفن النفطية يشتريها تجار يمنيون بأموالهم وتحصل على تصريح أممي ويأتي تحالف العدوان ليمنعها من الوصول تعسفيا". وأشار إلى قبول الجماعة بكل الشروط التي اقترحتها الأطراف الأخرى لضمان وصول المساعدات الإنسانية، منوها بأنه "عندما لم يجدوا أي حجة للاستمرار في الحصار قالوا إنها لا تصل إلى مستحقيها". وختم المتحدث باسم حركة "أنصار الله" ورئيس الوفد اليمني المفاوض بالقول: "نحن من يطلب توحيد الإيرادات في اليمن وصرف المرتبات، وهم يرفضون هذا الأمر، بل يريدون وضع الإيرادات تحت تصرف حساب خاص ومقفل يتحكمون به هم".
ومن جانبه، أشار عضو المكتب السياسي وعضو الفريق المفاوض التابع لحكومة صنعاء، "عبدالملك العجري"، إلى أن المبعوث الامريكي "كينغ" قدّم مقترحات لوقف اطلاق النار مطالبا انصار الله الرد عليها. واضاف: "الحقيقة إن ما تقدم به هو شروط السعودية لوقف اطلاق النار. كان على كينغ ان يدرك انها لو كانت مقبولة كنا سنقبلها من السعودية مباشرة ولا حاجة لمبعوث امريكي ان كان سيتبنى الرواية السعودية ".
وفي الختام يمكن القول، إن كل هذه الانتصارات التي تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من تحقيقها في عدد من مناطق ومديريات محافظة مأرب تدل على أن اليمنيين وصلوا إلى مستوى من القوة لدرجة أنهم ليسوا على استعداد للتنازل عن أي تنازلات للعدو لإنهاء الحرب، مؤكدين على الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد. وفي ظل هذه الظروف، تحاول الرياض بالتأكيد تخفيف حدة عزلتها وتقليل الضغط الدولي لإنهاء الحرب من خلال الاستعانة بالعلاقات الدبلوماسية الخارجية وبذل الجهود لإجبار المجتمع الدولي، على إدانة الضربات الجوية اليمنية، والتي تعتبر رادعًا مشروعًا لوضع حد للعدوان السعودي على أبناء الشعب اليمني, وهنا تجدر الاشارة إلى أن تلك الجهود كانت دائمًا على أجندة الرياض ويبدو أنها تتزايد يوما بعد يوم، وخاصة عقب تزايد عدد الهجمات اليمنية في الأيام الأخيرة على داخل العمق السعودي ولهذا فمن المؤكد أن تبذل الإدارة الأمريكية الحليف القوي للرياض خلال الفترة القادمة الكثير من الجهود لإنقاذ حليفتها الاكبر في منطقة الشرق الاوسط من المستنقع اليمني.