الهجوم الجديد يعيد إلى الأذهان سمفونية قديمة يعتمدها النظامين السعودي والبحريني في كل عام مع حلول مراسم عاشوراء، التي يستلهم منها أتباع آل البيت(علیهم السلام) حقيقة إنتصار الدم على السيف، لتحييهم في طلب الإصلاح ومجابهة الظالمين.
إستهداف المنطقة الشرقية
مع إقتراب الذكرى السنوية للإعتداء الأول الذي نفّذه تنظيم داعش الإرهابي في 3 نوفمبر / تشرين ثاني الماضي، عبراستهداف حسينية للشيعة بقرية الدالوة في محافظة الأحساء شرقي المملكة، عاد التنظيم مجددا لإستهجاف المراسم الحسينية، حيث أطلق مسلّح النار على حسينية سيهان في مدينة القطيف مما أدى إلى إستشهاد 6 مواطنين بينهم امرأة ، وإصابة 9 آخرين .
أثار هذا الهجوم مخاوف المراقبين من عودة التفجيرات الى السعودية والدول المحيطة بعد الهجوم على مسجد الإمام الصادق(ع) بمنطقة الصوابر في العاصمة الكويتية والذي راح ضحيته 27 شخصا.
بحرين الثورة
لم يختلف حال البحرين عن السعودية تجاه إحياء الشيعة لمراسم محرّم،
فلم يكتف النظام البحريني بقمع شعبه تحت الذرائع السياسية ، بل عمد إلى إستهدافهم
في المراسم الدينية حيث تداول ناشطون بحرينيون على وسائل التواصل الاجتماعي، مساء
أمس الجمعة، تعرض حسينيتين في الهملة ودمستان لإطلاق نار، ما أدى إلى وقوع أضرار
دون يخلّف إصابات.
من جانبها قالت إدارة الأوقاف الجعفرية إنها تتابع "حادثي إطلاق
النار على نوافذ مأتم الهملة الكبير ومأتم الشيخ حسن الدمستاني مع الجهات الأمنية".
وفي حسابه على "تويتر" علق النائب عن كتلة الوفاق المستقيلة جواد فيروز على صمت وزارة الداخلية البحرينية إزاء ما حصل، مغرداً: "إطلاق الرصاص على حسينيتين في في بلدتي الهملة و دمستان في البحرين البارحة ووزارة الداخلية صم بكم عمي حتى الآن!!!"
لم تتوقف الإعتداءات البحرينية عند هذا الحد، بل تعرّض جنود آل خليفة
لقداسة ذكرى عاشوراء الإمام الحسين (ع) من خلال نزع الرايات والشعارات المتعلقة
بإحياء المناسبة، التي يقدسها البحرينيون وغيرهم من المسلمين في إطار مواساتهم
لرسول الله (ص(.
وفيما ينقل بحرينيون على مواقع التواصل الاجتماعي، صور القوات
البحرينية وهي تنزع الرايات، علق الناشط الحقوقي البحريني نبيل رجب، في حسابه على
"تويتر"، بالقول: "نزع الشعارات الدينية المرتبطة بثقافات ومعتقدات
سكان البلاد الأصليين هو انتهاك لحقوقهم الدينية والثقافية".
ونقل رجب مواداً نص عليها إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب
الأصلية، مبيناً تعارض الممارسات الأمنية في بلاده مع هذه النصوص، فذكر رجب بـ:
المادة 11 : للشعوب الأصلية الحق في ممارسة تقاليدها وعاداتها
الثقافية وإحيائها. ويشمل ذلك الحفاظ على مظاهر ثقافاتها وحمايتها وتطويرها.
المادة12 : للشعوب الأصلية الحق في ممارسة وتعليم تقاليدها وعاداتها وطقوسها والمجاهرة بها والحفاظ على أماكنها الدينية والثقافية وحمايتها.
لا تعتبر هذه الإنتهاكات أمراً جديداً على الشيعة في البلدين، فالسعودية تمارس قمع حقيقي لأبناء المنطقة الشرعية مستفيدةً من جلاوزتها وآل الشيخ، كما أن أي إستهداف جديد لمسجد أو حسينية في البحرين يعد إمتدادا لجريمة هدم ٣٨ مسجدا بالعام ٢٠١١ فمن سنَّ سُنة سيئة فعليه وزرها إلى يوم القيامة.
إن هذه الإجراءات الإجرامية من النظامين السعودي والبحريني، التي تتجاهل تاريخ وثقافة ومقدسات شعوبها، لن تزيدهم إلا إصراراً على إستكمال رسالة سيّدهم الحسين(ع) الذي إستشهد في سبيل إعلاء كلمة الحق.
في الخلاصة، ومهما إشتدّت الضغوط والهجمات على الشيعة في السعودية والبحرين، لن تثنيهم التحديات، خاصةً أنها تأتي في أبرز المراسم التي يستلهمون منها إنتصار الدم على السيف، وهنا يمكننا القول أنه هذه التهديدات والإعتداءات التي تتكرّر في كل عام ستكون بمثابة الفرصة في نيل حقوقهم التي يكفلها الله والوطن.