الوقت - نقلت صحيفة الجمهورية عن مصادر مطلعة على عملية تشكيل الحكومة في لبنان، قولها، هناك حركة مشاورات خارجية بهدف إنقاذ ملف تأليف الحكومة، أفضَت في خلاصتها الى اقتراح فرنسي متجدد، على شكل نصيحة للرئيس المكلف بعقد لقاء بينه وبين رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، للوصول الى تفاهمات مشتركة تُعجّل في تشكيل الحكومة.
وقالت هذه المصادر انّ الاقتراح الفرنسي لا يفرّق بين أن يعقد اللقاء بين الحريري وباسيل بصورة علنية او بعيدة عن الاضواء، المهم ان يحصل اللقاء لحل الخلافات وصولاً الى تشكيل حكومة.
هذا على الرغم من أن مصادر لبنانية تعتقد أنه لا توجد مشاريع تتعلق بتشكيل الحكومة ولبنان على أجندة سعد الحريري، وأنه لا أمل في ازالة العراقيل في عملية تشكيل الحكومة، في الواقع، ان الشيء الوحيد الذي يفعله سعد الحريري الآن هو اضاعة الوقت، حيث يحثه بعض المقربين في لبنان على التنحي والتهرب من المسؤولية عن الجمود السياسي والأزمة المتصاعدة في لبنان، لكن أصدقاء الحريري في باريس يحثونه على الاستمرار.
وأفادت مصادر لبنانية مطلعة بأن كل الاحاديث عن الخلاف بين الرئيس اللبناني ميشال عون وسعد الحريري على المحاصصة والمناصب الوزارية، وكذلك الخيارات المطروحة للمنصب، هي مجرد محاولة لإخفاء المشكلة الحقيقية، لأن الهدف الأساسي لمسببي فشل تشكيل الحكومة في لبنان هو إزاحة حزب الله من الحكومة.
عندما استقال حسان دياب رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بعد الانفجار المروع في ميناء بيروت في 4 آب 2020، اعتقد الفرنسيون أن الفرصة الآن مناسبة لترشيح شخص غير سياسي لتولي رئاسة الوزراء اللبناني، وبعد ذلك تم ترشيح السفير اللبناني في ألمانيا مصطفى أديب، لمنصب رئيس الوزراء اللبناني الجديد، آنذاك اعتقد الفرنسيون أن الاوضاع اللبنانية الطارئة وتحركات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزيارته العاجلة للبنان عقب تفجير بيروت كانت ضمانة لنجاح أديب في المهمة.
بعد ذلك، كان الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب يتمتع بالسيطرة الكاملة على لبنان، وصرح وزير خارجية ترامب مايك بومبيو، "صحيح أننا نعمل مع الفرنسيين ولدينا أهداف مشتركة، لكن الوضع لن يكون كما السابق وحزب الله لن يشارك ابداً في الحكومة اللبنانية المقبلة"، وتحقيقا لهذه الغاية ، فرض الأمريكيون عقوبات على وزيرين لبنانيين سابقين هما علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، في محاولة للضغط على حزب الله، كما جاء فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على جبران باسيل حليف حزب الله المهم في هذا الاطار.
من الواضح تماماً أن أمريكا تعرقل محاولة تشكيل حكومة على غرار حكومة حسان دياب بوجود حزب الله، وصحيح أيضا أنه لا يمكن لأحد في الداخل أو الخارج أن يعترض على الفيتو الأمريكي في المنطقة العربية والذي يدعم من قبل دول الخليج الفارسي، لكن الواقع في لبنان منذ الفترة السابقة حتى الآن أثبت أنه لا يمكن لأحد أن يفرض حكومة على هذا البلد يتحدى فيها حزب الله.
في غضون ذلك أصر مصطفى أديب على تشكيل حكومة مستقلة تماما دون مشاركة أي قوى سياسية، لكن اتضح فيما بعد أنه هو نفسه لا يتمتع بأي استقلال وهو مجرد بطاقة سرية يلعب من أجل سعد الحريري.
وبعد انتخاب سعد الحريري كرئيس وزراء مكلف في تشكيل حكومة لبنان، أدركت أمريكا أن الوضع لا يختلف عن الماضي وأنه لا يمكن تشكيل حكومة دون مشاركة حزب الله، بعد ذلك، بدأ الضغط الأمريكي بالتهديد بفرض مزيد من العقوبات وكذلك فرض عقوبات على جبران باسيل.
تعتقد مصادر لبنانية أن فرنسا تنتظر خروج ترامب من البيت الأبيض ومجيء "جو بايدن" إلى السلطة في الحكومة الأمريكية للتأثير على مبادرته وتنفيذها في لبنان. كما يرى إيمانويل ماكرون، مع انتهاء ولاية ترامب في أمريكا، يمكن للقوى اللبنانية تشكيل حكومة يكون فيها حزب الله مشاركاً بأي شكل من الأشكال، ويمكن لفرنسا بسهولة الاشراف على هذه الحكومة، على أي حال، نظرا للعلاقات الفرنسية مع مختلف التيارات اللبنانية، فإنهم يفضلون وجود عائلة الحريري على رأس الحكومة.
بشكل عام، لا يتوقع حدوث أحداث جديدة جيدة أو سيئة في عملية تشكيل الحكومة اللبنانية حتى العشرين يوما المقبلة، ويبدو أن سعد الحريري سيواصل الانتظار حتى نهاية إدارة ترامب في أمريكا وسيستمر في إضاعة الوقت، اذ من غير الممكن ان يثمر ملف تشكيل حكومة في لبنان أملا بعد ذلك التاريخ.