الوقت- تهاون الدول العربية وأمريكا في التعامل مع تنظيم داعش الإرهابي والسماح لهذا التنظيم بالتمدد في سوريا والعراق، جعل داعش ینتقل من هاتين الدولتين لیصل الی افغانستان، ومن الوارد جدا أنه سیصل الی دول اخری مثل تركيا وباكستان، كما أن دول عربية كثيرة مرشحة لتكون المحطة القادمة لتنظيم داعش الإرهابي. الشعبين العراقي والسوري، دفعا ثمنا باهضا في محاربة تنظيم داعش، علی طیلة العامين الماضيين، دون أن يحظيا بدعم من الدول العربية والغربية، بغض النظر عن الائتلاف الشكلي الذي قامت بتشكيله أمريكا تحت عنوان الائتلاف الدولي ضد داعش. وبالنظر الی الخطر الداهم الذي بات يشكله تنظيم داعش علی دول و شعوب المنطقة، لابد أن نسأل متی تريد دول المنطقة القضاء علی داعش نهائياً، من خلال الاعتماد علی قدراتها الذاتیة، وعبر التضامن والتكاتف المشترك في مابينها، دون التعويل علی وعود الدول الغربية والائتلاف الأمريكي الذي يدعي محاربة داعش؟.
وفي هذه الاثناء اعلنت الحكومة الأفغانية أن قواتها اشتبكت خلال الايام الماضية مع مجموعة كبيرة من عناصر داعش في ولاية «ننكر هار» شرقي البلاد، والتي تقع علی الحدود الباكستانیة. وأكد «حضرة حسين مشريقيوال» المتحدث باسم الشرطة الأفغانية، أن ما لايقل عن 100 عنصر من عناصر داعش، قتلوا عبر تبادل كثيف لإطلاق النار وقع بين القوات الأفغانية وعناصر داعش، أمس الثلثاء في أحد النقاط الأمنية في البلاد.
بعد هذا الإشتباك فقد دخل داعش علی خط المواجهة في أفغانستان بالفعل، بعد ان كان من قبل یهدد باجتياز الأراضي الأفغانية، وتشكيل "ولاية إسلامية" في أفغانستان علی غرار ولایته المشؤمة فی العراق. هذا التطور الجديد في أفغانستان، يعني الكثير من المخاطر الأمنية علی الشعب الأفغاني ودول المنطقة، حيث أصبحت أفغانستان ساحة صراع مفتوحة بين مثلث، تشكل طالبان وداعش والحكومة الأفغانية، أضلاعه الثلاثة. وسيكون الدمار هائلا في أفغانستان في حال توسع الصراعات بين هذه الجهات الثلاثة في المستقبل، مما سيؤدي هذا الصراع الی فقدان الأمن النسبي الموجود حالیا في بعض المناطق الأفغانية.
وبما أن حركتا داعش وطالبان، تكفران بعضهما البعض، فان نيران الحرب ستستعر مجدداً في أفغانسان، بعد ان إرتفعت نسبة الأمل لدی الشعب الأفغاني حول إنتهاء الصراع بين الحكومة وحركة طالبان، إثر توجيه دعوات للحوار بين الجانبين. وفي هذا السياق يعتقد الكثير من المحللين أن داعش دخلت أفغانستان بالتعاون مع القوات الأمريكية، وذلك لتبرير بقاء هذه القوات في أفغانستان لفترة طويلة، بعد أن بدءت الحكومة والشعب الأفغاني، يطالبان بخروجها من البلاد. هذه الفرضية ليست مستبعدة، حيث تم إتهام أمريكا قبل ذلك بأنها هي من أوجدت داعش في العراق، لاجبار الحكومة العراقية علی طلب الدعم العسكري من القوات الأمريكية والقبول ببقائها لفترة طويلة في هذا البلد.
وبعد أن حذر ممثل الاتحاد الأوروبي في أفغانستان «فرانس ميكيل مليبين»، من ازدياد قوة تنظيم داعش في هذا البلد، نشرت صحيفة «دي فيلت» الألمانية مقالا لمليبين الیوم، أكد أن «داعش أعاد تشكيل نفسه خلال الأسابيع الماضية في أفغانستان»، مؤكدا أن عناصر هذا التنظيم الإرهابي قتلوا العديد من زعماء القبائل الأفغانية بوحشية وأسروا الكثير من العائلات بأكملها، أثناء تقدمهم في بعض المناطق الأفغانية.
وفي سياق غير بعيد، كشف تقرير صادر عن أحد لجان الأمم المتحدة حول القاعدة وطالبان، تزايد العناصر التي بايعت تنظيم داعش في أفغانستان، مما ادی هذا التطور الی زيادة أنشطة داعش في 25 ولاية أفغانية من أصل 34 ولاية. وأكد هذا التقرير أن معظم الذين انضموا مؤخرا الی داعش في أفغانستان، هم من العناصر التي لها خلافات مع القيادات المركزية لحركة طالبان الأفغانية، بالاضافة الی عدد آخر دخلوا أفغانستان من العراق وسوريا ودول اخری. هذا النفوذ المتزايد لداعش في أفغانستان، بات يقلق حركة طالبان الإرهابية و يهدد سيطرتها علی بعض المناطق التي إنتزعتها من الحكومة الأفغانية، بعد تشكيل الحركة في أفغانستان، عام 1996 في القرن المنصرم. وبالاضافة الی طالبان، فان دخول داعش لأفغانستان سيشكل تهديدا مباشرا للعديد من دول المنطقة من ضمنها باكستان.
إذن بعد تشويه سمعة الإسلام من قبل داعش لأبعد الحدود، وإرتكابه أبشع الجرائم في سوريا والعراق ضد المدنيين، ومحاولاته المشؤمة للزج بشعوب المنطقة في صراعات طائفية ومذهبية، كما رأينا في الكويت والسعودية، من خلال إستهداف مساجد المسلمين، لابد أن نكون قد وصلنا الی وعي كافي، يرشدنا الی ضرورة العمل علی الخلاص من داعش، دون أن ننتظر وعود الغرب الزائفة، التي یعد كذباً بتخليصنا من هذا الوحش المفترس.