الوقت- أثارت فاجعة منى والتي وقعت في أول أيام عيد الأضحى المبارك لهذا العام عاصفة من الانتقادات للأداء السعودي في إدارة مناسك الحج وعجز هذه الإدارة عن قيامها بواجباتها اتجاه حجاج بيت الله الحرام وتعنتها عن قبول مساعدة أيٍ من الدول الإسلامية لتنظيم مناسك الحج وتقديم الخدمات الكفيلة بأداء ضيوف الرحمن مناسكهم براحة وطمأنينة.
وبعد مضي أربعة أيام على هذه الحادثة الأليمة ما تزال الحكومة السعودية تواصل إخفاءها حقيقة ما جرى في منى ذلك اليوم، وترفض الكشف عن ملابسات هذه الحادثة التي هزت وجدان شعوب العالم أجمع. وفي وقت أعلنت فيه الحكومة السعودية أن عدد ضحايا هذه الفاجعة وصل إلى 717 ضحية حتى لحظة كتابة هذا المقال ترجح بعض المصادر الإسلامية تجاوز عدد الضحايا الألفي ضحية، الأمر الذي يكشف امتناع الحكومة السعودية عن توفير الإحصاءات والمعلومات التي من شأنها تسكين آلام ذوي الضحايا والمفقودين في هذه الفاجعة.
هذه الحقائق لم تخفَ على بعض وسائل الإعلام الغربية والتي لم يستطع المال السعودي إسكاتها وحرفها عن مسارها حيث بادرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إلى توجيه أصابع الاتهام واللوم للحكومة السعودية وقالت في مقال لها: "إن السلطات السعودية تتجاهل إجراء تحقيق في كارثة مشعر منى لأنها تدرك تقصيرها في ذلك، على الرغم من محاولتها إلقاء المسؤولية على عاتق الحجاج الذين تتهمهم بعدم الإنضباط".
وأرجعت وسائل الإعلام الإيطالية ما حدث في منى في عيد الأضحى هذا العام لقلة تدبير الحكومة السعودية وعدم تحملها مسؤولياتها. حيث خصصت معظم القنوات التلفزيونية والإذاعية الإيطالية سواء الحكومية منها أو الخاصة جزءاً من أخبارها لتغطية هذه الفاجعة وعرض مشاهد مما حدث ذلك اليوم.
بدورها حملت وسائل الإعلام الفرنسية الحكومة السعودية مسؤولية فاجعة منى واتهمتها بعدم الإدارة الصحيحة لمناسك الحج وقامت القنوات التلفزيونية الفرنسية ببث مشاهد لهذه الحادثة وتخصيص جزء من برامجها الحوارية والتحليلية لمناقشة وتحليل هذه الفاجعة وأسباب حدوثها.
واعتبرت القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني حادثة منى أنها الحادثة الأسوأ التي يشهدها موسم الحج خلال الخمس وعشرين سنة الأخيرة، وبعد أن قامت ببث تصريحات معاون وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان قامت هذه القناة بالاتصال بحمزة يوسف المعاون الإسلامي لرئيس الحزب الوطني الاسكتلندي عن طريق الأقمار الصناعية وسألته عن رأيه بهذه الفاجعة والذي أجابها بقوله: "إن استمرار الحكومة السعودية في عملية بناء المراكز والمجمعات التجارية والتي حلت محل البنى التحتية اللازمة لتسهيل أداء مناسك الحج قد أسهم في حدوث كوارث كالتي حدثت في منى هذا العام."
وانتقد البروفسور كيت ستيل المتخصص في علم نفس الجماعات الكبيرة في جامعة متروبوليتان مانشستر ادعاء وزير الصحة السعودي وقال: "لا أحد يستطيع وصف حجم تعجبي من تصريحات خالد الفالح وزير الصحة السعودي والتي حمَّل خلالها الناس مسؤولية ما حدث في منى وذلك لأنه من المسلَّم به أن سوء الإدارة هو ما تسبب بوقوع هذه الكارثة."
وفي تصريح للتلفزيون البريطاني قال جون رودي أستاذ علم النفس في جامعة ساسكس البريطانية: "في جميع الحوادث التي يصاب خلالها مجموعة كبيرة من الناس تكمن المشكلة في سوء إدارة هذه المراسم، وإلقاء اللوم على الناس ما هو إلا التهرب من المسؤولية وإلقاء التقصير على عاتق الآخرين."
كما انتقدت وسائل الإعلام البريطانية تصريحات خالد الفيصل أمير مكة المكرمة والتي حمل خلالها الحجاج الأفارقة مسؤولية ما حدث في منى واعتبرتها تصريحات عنصرية.