الوقت_ بعد خطيئة التطبيع التي ارتكبتها الإمارات بحق الفلسطينيين، وما تلاها من خطوات لتعزيز العلاقات مع العدو الصهيونيّ والتي كان آخرها استقبال وفد صهيونيّ - أمريكيّ، في أول رحلة جويّة تجاريّة انطلقت من مطار بن غوريون، عبر أجواء بلاد الحرمين الشريفين، أصدرت الإمارات وأمريكا والكيان الغاصب بياناً مشتركاً بعد تلك الزيارة، جاء فيه أنّ "معاهدة الاستسلام" التي تم التوصل إليها بين أبو ظبي والكيان الصهيونيّ برعاية أمريكيّة، تُمثل خطوة شجاعة نحو منطقة "شرق أوسط" أكثر استقراراً وتكاملاً وازدهاراً، بحسب ادعائهم، وزعم البيان أنّ المعاهدة ستوفر تفكيراً جديداً حول طريقة معالجة مشكلات المنطقة وتحدياتها.
ادعى البيان الثلاثيّ المشترك، أنّ معاهدة الخنوع الإماراتيّة مع العدو الغاصب في ظل العباءة الأمريكيّة، سوف توفر ما أسموه "تفكيراً جديداً" حول طريقة معالجة مشكلات المنطقة وتحدياتها، وقد تناست أبو ظبي أنّ جُلّ مشكلات المنطقة والتوترات فيها، بسبب التمادي الصهيونيّ في الإجرام بحق الفلسطينيين والدول المحيطة بالأراضي المحتلة، كسوريا ولبنان اللّتين تعيشان أسوأ الظروف بسبب التدخلات الأمريكيّة السافرة والاعتداءات الصهيونيّة.
وعلى ما يبدو فإنّ الإمارات لم تقرأ نص البيان أبداً، فالحديث عن خطوات عمليّة تحمل في طياتها وعوداً ببناء جسور جديدة تعمل على تخفيف تصعيد النزاعات القائمة ومنع نشوب صراعات جديدة في المستقبل، يعد ضرباً من ضروب الخيال، فالخنوع للعدو لا يجلب سوى المزيد من المآسي والخيبات، وأكبر دليل على ذلك تصريحات المسؤولين الصهاينة التي فندت كل الادعاءات الإماراتيّة الكاذبة، حول أنّ تحالفها مع العدو الصهيونيّ جاء ليوقف مشاريع ضم الأراضي الفلسطينيّة.
وفي هذا الصدد، اعتبر البيان إقامة علاقات اعتيادية بين دولة الإمارات وكيان الاحتلال الصهيونيّ "فرصة تاريخيّةّ" لإيقاف قضم الأراضي الفلسطينيّة وضمها لسلطة العدو، إلا أنّ ما قامت به أبو ظبي يعدّ "خسارة تاريخيّة" بكل ما تعنيه كلمة خسارة من معنى، رغم السعيّ الإماراتيّ الحثيث لاختلاق إيجابيات لفعلتها النكراء، التي مثّلت طعنة في ظهر الشعب الفلسطينيّ، وشكلت تآمراً على نضاله، وخيانةً لمقاومته، وتكريساً لاحتلال أراضيه، بحسب القيادات الفلسطينيّة.
وعلى هذا الأساس، أكد السفير الأمريكيّ لدى الكيان، دافيد فريدمان، في وقت سابق، أنّ التحالف الإماراتيّ – الصهيونيّ، تم بناء على تعليق مخطط الضم وليس وقفه، وهذا ما كرره رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، الذي أكّد أنّه لا يزال ملتزماً بفرض سلطة احتلاله على المستوطنات في الضفة الغربيّة المحتلة، وأنّ الإدارة الأمريكيّة طلبت منه تعليق التنفيذ مؤقتاً فقط، مشيراً أنّه جلب ما أسماه السلام وسيحقق الضم.
وفي هذا الخصوص، حثت الإمارات وأمريكا القادة الفلسطينيين على إعادة الانخراط مع العدو الصهيونيّ في المناقشات الرامية إلى تحقيق ما يصفونه بـ "السلام"، لكنهم تناسوا أن يوجهوا الدعوة لقوات الاحتلال الغاشم للكف عن ممارساتها الإجراميّة بحق أبناء هذا البلد، وإيقاف حصار قطاع غزة الذي يعاني أهله الويلات، والتوقف عن العبث بالمقدسات التاريخيّة الفلسطينيّة، وغيرها الكثير.
وتجدر الإشارة إلى أنّ دولة الإمارات وكيان الاحتلال الغاصب أعربا عن امتنانهما لردود الفعل الدوليّة الإيجابيّة على هذه المعاهدة من قبل عدد من الحكومات من جميع أنحاء العالم، لكن أحداً لم يسمع بذلك الترحيب الذي تحدث عنه البيان، إلا من قلة تعرف بخنوعها ورضوخها للإملاءات الأمريكيّة في المنطقة، وعلى رأسها سلطنة عُمان والبحرين المتهمتين بنواياهما لاتباع النهج الإماراتيّ في التعاطي مع العدو.
ومن الجدير بالذكر، أنّ طائرة صهيونيّة انطلقت من مطار "بن غوريون"، في أول رحلة تجاريّة للاحتلال إلى أبو ظبي، عبر الأجواء السعودية، بعد أن توصلت الإمارات والكيان الصهيونيّ، في 13 آب، إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما.
وتتبع الطائرة الصهيونيّة لشركة طيران "العال" التابعة للاحتلال، وقد نقلت وفدين الأول صهيونيّ برئاسة مستشار الأمن القوميّ، مئير بن شبات، والثاني أمريكيّ برئاسة صهر الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، وبحسب هيئة البث العبريّة الرسميّة فإنّ السعودية وافقت على مرور الطائرة التابعة للعدو عبر أجوائها، فيما لم يصدر أيّ تعقيب من سلطات البلاد حول ذلك.