الوقت- خرج الفلسطينيون ليتحدوا القرار الاسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية ونظموا مظاهرات مناهضة لهذا القرار ورافضة له في كل من غزة ومدن فلسطين المحتلة وكذلك لبنان، ويبدو أن هذا القرار بدأ يدفع الفلسطينيين للشعور بخطورة الموقف والتأهب لأي طارئ قد يحصل، ولن يسمح الفلسطينيون بحصول هذا الأمر تحت أي ظرف، وجدية الشعب الفلسطيني وبعض الدول المجاورة في التصدي لهذا المشروع حالت دون الشروع به في مطلع الشهر الحالي، ليبقى السؤال هل سيقدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تنفيذ ما وعد به وضم أجزاء من الضفة أم سيترك هذا الموضوع مفتوحاً ليشكّل ورقة ضغط على الفلسطينيين والمجتمع الدولي في أيّ مفاوضات مقبلة؟.
القيادات الاسرائيلية استشعرت الغضب الفلسطيني والدولي وأدركت أن أبعاد هذه الخطوة أكبر مما تتوقع، خاصة وان الفلسطينيين جادون بالانسحاب من جميع الاتفاقيات السابقة في حال حصل الضم، حتى الاردن والملك عبدالله الثاني غاضبون جدّاً من هذه الخطوة الإسرائيلية والصهاينة يعلمون أن الأردن لن يقف مكتوف الايدي حيال ما يحصل، وينظر أغلب المجتمع العالمي بقلق متزايد إلى ما يرونه انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي.
ومن جهتها حذّرت إيكونوميست البريطانية من العواقب الوخيمة لخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضم أراض فلسطينية من الضفة الغربية. وقالت المجلة إن نتنياهو يعتقد أن ما يقوم به هو الصواب، ولكنه غير مدرك للتكلفة الباهظة لتلك الخطوة وكونها تقرب إسرائيل من خيار مشؤوم على مستقبلها.
وأشارت إلى أن التقديرات تشير إلى أن ضم الأراضي الفلسطينية سيجعل إسرائيل محل ازدراء من قبل العالم، وسيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وإجهاض فكرة حل الدولتين، وفرص التعايش السلمي بين دولة فلسطينية وأخرى يهودية يوما ما.
وكان يفترض أن تبدأ "إسرائيل" عملية ضمّ أجزاء من الضفّة الغربية يوم الأربعاء 1 تموز ، لكن أمريكا، وعلى الرغم من أنّ سفيرها في "إسرائيل" كان أكثر المتحمّسين لعملية الضمّ، لم تعطِ الموافقة النهائية على آليات تطبيق الخطة، خوفاً من أن تأتي العمليّة بردود فعل عكسية تؤثر سلباً في الانتخابات الأمريكية (كان ترامب في الأساس مستعجلاً على الضمّ، لاستثمار الموضوع في الانتخابات، لكن ردود الفعل الدوليّة والفلسطينية المعترضة، والخوف من نتائج عكسية، دفعاه إلى التريّث).
التأخير الذي طرأ على تنفيذ خطة نتنياهو وزعيمه ترامب يرتبط بشكل مباشر ليس فقط بالمخاوف الاسرائيلية من تبعات هذا الموضوع وانما ايضا بالمخاوف الامريكية، خاصة وان نتائج الانتخابات الامريكية مفتوحة على جميع الاحتمالات، لذلك تتريث اسرائيل من ان تقدم على اي خطوة قبل ان تتشاور مع الولايات المتحدة الأمريكية للوقوف عند العواقب والتبعات، ناهيك عن ان قرار نتنياهو بسط السيادة على أراض بالضفة قوبل بموجة معارضة وغضب على مستوى المجتمع الدولي لدى إعلانه.
ويبقى اللافت هو الموقف الأوروبي من القضية، فعلى الرغم من قيام الأوروبيين بالتعبير عن رفضهم للضمّ، واعتبار الموضوع مخالفاً للقانون الدولي، فإن العديد من الدول الأوروبية، ومنها ألمانيا التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي، رفضت فرض عقوبات على "إسرائيل". وقال البرلمان الألماني (البوندستاغ) إن "المباحثات حول عقوبات أحادية أو التهديد بعقوبات، لا يحمل أي أثر بنّاء في عملية السلام"، مع العلم أن الاتحاد الأوروبي كان في وقت سابق قد أقرّ حزمة من العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب ضمّ القرم، الذي اعتُبر عملاً مخالفاً للقانون الدولي.
خطة التوسع كانت دائماً حاضرة في عقول الصهاينة
في بداية وصول اليهود الصهاينة إلى فلسطين كانوا يتعمدون انشاء مستعمرات زراعية إبان الحكم العثماني لفلسطين، وكانت الحركة الصهيونية ترمي من خلال ذلك إلى ربط المهاجر اليهودي بالأرض، وتحويله من خياط في لوبلين في بولندا إلى فلاح يزرع الأرض في فلسطين. وكان بن غوريون، مؤسس الكيان الصهيوني، وفي أكثر من مناسبة، يُذَكِرُ أن فلاحي روما هم الذين هزموا هنيبعل.
أما بما يخص المياه، فعلى الرغم من تلك النجاحات التي حقّقتها الحركة الصهيونية في مجالي الأرض والهوية، فإنها فشلت في الضغط على بريطانيا وفرنسا في ضم أنهر الحاصباني وبانياس والقاضي إلى فلسطين في اتفاقية "سايكس بيكو" في العام 1916، رغبةً منها في ضم مصادر المياه الرئيسية المغذية لنهر الأردن إلى فلسطين، التي تنوي إقامة "دولة إسرائيل" عليها مستقبلاً، إلا أن "إسرائيل" لاحقاً، وبعد اغتصابها أرض فلسطين، أخذت تسيطر تدريجياً على مصادر المياه الفلسطينية، سواء الجوفية أم السطحية.
ثم انتقلت اسرائيل بعد المرحلة السابقة نحو عملية التطهير العرقي اقتراف أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين، أدت إلى استشهاد ما يزيد على 15 ألف فلسطيني. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد تم جلب 858 ألف مهاجر يهودي إلى فلسطين في الفترة الممتدة ما بين 1932 و1975.
واليوم، وبحسب أحدث الإحصائيات التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية حول السكّان في الكيان الصهيوني، بلغ عدد السكّان 9.190 ملايين نسمة، بينهم 6.806 ملايين يهودي يشكّلون نسبة 74%، بينما يبلغ عدد العرب الفلسطينيين في فلسطين التاريخية 1.930 مليوناً، أي 21% من مجمل السكّان. هذا المعطى يشمل الفلسطينيين في القدس المحتلّة والسوريين في هضبة الجولان المحتلّة.
غضب فلسطيني في كل مكان
تسود حالة من الغضب الشعبي والرسمي الفلسطيني جميع المدن والقرى الفلسطينية، رفضا واستنكارا لخطة ضم أجزاء من أراضي الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن إلى سيادة الاحتلال الإسرائيلي.
وتظاهرت جموع غفيرة من مختلف أبناء الشعب الفلسطيني في مدينة غزة ظهر الأربعاء؛ رفضا لخطة الاحتلال الإسرائيلي ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن.
ونظم الفلسطينيون، مساء الأربعاء، وقفة احتجاجية على دوار المنارة وسط مدينة رام الله وفي مدينة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة، رفضا لخطة الضم الإسرائيلية.
وأكد المشاركون على ضرورة مواصلة المسيرة الكفاحية حتى استعادة كامل التراب الفلسطيني وتحرير الأسرى كافة من سجون الاحتلال. وهتفوا بعبارات تدعو للتصدي لمخططات الاحتلال وتفعيل العمل الثوري في الضفة، والمواجهة المسلحة المباشرة مع الاحتلال.
وشهد مخيم برج البراجنة في لبنان اعتصاماً مركزياً حاشداً، تحدّث فيه باسم تحالف القوى الفلسطينية ممثل حركة (حماس) في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي فاعتبر أن خروج الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة وكل أماكن وجوده في الخارج بيوم واحد، دليل على وحدة الصف في مواجهة هذا العدوان؛ عدوان ضم أجزاء من الضفة الغربية، الذي يستهدف قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، وصولاً إلى تهديد وجود الشعب الفلسطيني في أرضه.