الوقت- خمسة أيام فقط على بدء معارك مآرب، كانت كفيلة بزعزعة قوات التحالف وحلفائها في المحافظة، فبعد أول مشاركة برية لقوات التحالف العربي بقيادة الرياض، استهدف طيران العدوان السعودي جماعات مسلحة تابعة للشيخ أحمد محمد بحيبح من قبيلة مراد بعدة غارات، قتل على اثرها 21 شخصاً وجرح اخرين، ما أثار حفيظة القبيلة، ودفع بقبائل آخرى لفرملة إندفاعها مع الرياض، حتى أن قبائل الجدعان في محافظة مأرب أعلنت وقوفها إلى جانب الجيش اليمني واللجان الشعبية بوجه العدوان السعودي.
رغم تأكيد الرياض على أن الطيران التابع للتحالف العربي إستهدف "تجمعا للمقاومة ظنا منه انهم ينتمون الى الحوثيين" في بلدة حريب على بعد 80 كلم جنوب مارب ، إلا أن مصادر ميدانية أوضحت أن الإستهداف جاء بعد مشادات كلامية بين المحافظ المعين من قبل الرئيس المستقيل هادي، سلطان العرادة و بحيبح على خلفيات مادية واتهم العرادة أبناء مراد بالسرقة، فأخلوا موقعهم على خلفية هذا الاتهام . عندها أبلغ المحافظ المعين من قبل هادي القوات السعودية وطلب منها قصف جماعة بحيبح، فما كان من الطائرات السعودية إلا تلبية طلب العرادة منفذةً عدّة غارات تسببت بمقتل واحد وعشرين قتيلاً من أبناء قبيلة مراد .
عندها، وبحسب المصدر نفسه، شهدت العديد من الجبهات والمواقع انسحاباً ﻷبناء مراد منها بطلب من مشائخهم، كما وجّه أبناء قبيلة مراد إتهامات لقيادات وأعضاء حزب الإصلاح وبالأخص سلطان العرادة وعبدالرب الشدادي، مطالبين بتحضير وتسليم المتورطين الذين حرضوا القوات السعودية على ضرب موقعهم وسلموهم إحداثيات المنطقة.
تكشف الغارات السعودية على الحلفاء، أنها ليست
في وارد مواجهة أي مشكلة تؤثر على معركتها، وبالتالي وكما فعلت في بلدة حريب، قد
ينفذ الطيران السعودي غارات جديدة على حلفائه في سبيل تحقيق أدنى المصالح
السعودية، ضارباً عرض الحائط كافة الوعود التي تقدم بها لهذه القوى. ولكن، هذا
الإجراء السعودي المتهور، والذي من الممكن أن يكون من نصيب كافة القوى المتحالفة
مع تحالف العدوان وعلى رأسهم الرئيس الفار عبد ربه منصورهادي الذي سيسقط "فرق
عملة"، دفع بقبائل الجدعان في مأرب للإعلان عن وقوفها إلى جانب الجيش اليمني
واللجان الشعبية بوجه العدوان السعودي.
وقد أعلن تجمع قبائل الجدعان في
بيان له: "النفير العام لمواجهة الغزاة والمحتلين حتى تطهير كامل تراب
المحافظة من دنس المحتل، مؤكداً على ضرورة الإستعداد للمواجهة الشاملة مع المعتدين
ومن يتعاون معهم أو يساندهم"، كما رفض البيان أي تواجد أجنبي للمحتل في أي
منطقة أو معسكر بمحافظة مأرب، مرحباً بتشكيل مجلس وطني لمواجهة العدوان ودعمه بكل
الإمكانيات.
لم يكن خلاف مأرب بين حلفاء التحالف الأول من نوعه، ففي عدن على سبيل المثال، وبصرف النظر عن الخلافات بين القوة الإماراتية وحزب الإصلاح، وبين مليشيات هادي والحراك الجنوبي، وبين تنظيم القاعدة وبقية الأطراف، برزت إتهامات بالسرقة للميليشيات في عدن، حيث إتهمت القوات الإماراتية بعض الأطرف بسرقة مئة عربة وآلية أرسلتها إلى المدينة. كذلك، بعد عودة حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي إلى عدن، أعلن عبد الحميد شكري، رئيس ما يسمى المجلس الوطني لتحرير واستعادة دولة الجنوب، رفضه لها، واعتبر وصولها استفزازاً لشعب الجنوب داعياً إلى يوم غضب مسلح، كما إعتبرً كل من يتعاون مع هذه الحكومة خائنا لقضية الجنوب.
يبدو أن التحالف يتلقى الضربة تلو الضربة، فبعد هزيمة صافر، والخلافات الداخلية في مأرب، نعت الإمارات الشيخ راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم، الابن الأكبر لنائب رئيس الإمارات، حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، بعد مرور أسبوعين على حادثة مطار صافر التي قضت على 45 إماراتياً، وقد تناقلت حينها وسائل الإعلام وفاة نجل حاكم دبي، إلا أن ديوان حاكم دبي لم يعلن شيئ. ولكن بالأمس، وبعد مرور 15 يوماً على الحادث، أعلن الديوان نفسه وفاة " الشيخ راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم" إثر نوبة قلبية رغم أنه لم يناهز الـ34 عام.
بات التحالف اليوم في وضع لا يحسد عليه، فبعد التهليل لإنتصار عدن، وجدت السعودية نفسها تخسر المدينة من حلفاء الأمس، فهل ستنفذ "سهم ذهبي" آخر لإعادة السيطرة على المدينة، وأما في مآرب فإن الخلافات الدخلية باتت تهدد بنيان العملية العسكرية هناك، ما يجبر السعودية على إعادة حساباتها ألف مرة قبل التفكير في دخول معركة صنعاء. ولكن من يطالع الخريطة السعودية منذ بدء العدوان يدرك أولاً، أنها لا تقيم أي إعتبار لميزان المصلحة والمفسدة بإعتبار أن قيادات شابة مندفعة و"عديمة الخبرة" تدير المعركة من الرياض، وثانياً، هو ما أوضحه أحد رموز النظام السابق، والذي كانت ترتبطه علاقات وثيقة مع صالح والسعودية: على أعداء السعودية أن يخشوها مرّة، ولكن حلفائها فليخشوها ألف مرّة.