الوقت- أن تعلو الأصوات المناهضة لتل أبيب ليس أمراً مستغرباً، لكن أن تصل الى مجلس العموم البريطاني، فهو من الإنجازات التي يجب الوقوف عندها. فبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية لم تكن يوماً في الصف المعارض للكيان الإسرائيلي. لكن الجديد اليوم ليس على الصعيد الرسمي أو على مستوى الدولة، بل على الصعيد الشعبي، حيث يبدو أن حركات مناهضة الكيان الإسرائيلي أصبحت علنية وترتكز على حالةٍ شعبية لا يمكن التغافل عنها. وهو ما ترجمته مسألة طرح اعتقال نتنياهو الى جانب النقاش حول قضية وسم البضائع الإسرائيلية. فماذا في آخر أخبار حركة مناهضة الصهيونية أوروبياً؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟
تقرير حول نتائج حركات مناهضة الصهيونية أوروبياً:
بحسب ما نقلته الصحف العالمية ووسائل الإعلام الأوروبية، ستجد الحكومة البريطانية نفسها مضطرة إلى طرح مسألة اعتقال بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي خلال زيارته المقررة في وقت لاحق من شهر أيلول الحالي، للنقاش أمام مجلس العموم. يأتي ذلك بعد أن اجتازت الوثيقة سقف 100 ألف توقيع والمنشورة على موقع الحكومة البريطانية، أعدها نشطاء ضد الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، تدعو حكومة بريطانيا إلى اعتقال نتنياهو فور دخوله الأراضي البريطانية لارتكابه جرائم حرب خلال العدوان الأخير على غزة. ويقضي القانون البريطاني الخاص بالأخذ بالعرائض التي يرفعها المواطنون البريطانيون، شرط حصول العريضة على 100 ألف توقيع، حينها تجد طريقها للنقاش في مجلس العموم.
وفي نفس السياق، أعلنت فدريكا موغريني مفوضية خارجية الإتحاد الأوروبي أن الإتحاد سيقرر قريباً كيفية وسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية في الأسواق الأوروبية. وقالت في ختام اجتماع لوزراء خارجية دول الإتحاد في لوكسمبورغ: "اقتربنا من إنهاء العمل في هذه القضية ولكنه لا يزال متواصلاً". وعبَّر وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للإتحاد الأوروبي أنه يأمل في أن يتم مع نهاية العام الجاري نشر توجيهات لوسم المنتجات، مضيفاً: "هذه ليست خطوة مضادة للكيان الإسرائيلي. هذا يحدث اليوم في بريطانيا ويجب تطبيقه في بقية دول الاتحاد الأوروبي".
مع الإشارة الى أن صحيفة "هآرتس" نشرت في نيسان الماضي رسالة بعث بها 16 وزير خارجية من أصل 28 وزيراً من دول الإتحاد طالبوها فيها بتعجيل تطبيق قرار وسم منتجات المستوطنات. ووقع الرسالة وزراء خارجية النمسا وإيطاليا وإيرلندا وبلجيكا وبريطانيا والدنمارك وهولندا وهنغاريا ولوكسمبورغ ومالطا وسلوفينيا وإسبانيا والبرتغال وفنلندا وفرنسا والسويد. وأضاف الوزراء "أنّ استمرار توسيع الإستيطان غير القانوني في مناطق السلطة الفلسطينية المحتلة وفي مناطق أخرى احتلتها إسرائيل منذ عام 1967، يهدد احتمال التوصل إلى اتفاق سلام نهائي وحقيقي" بحسب تعبيرهم. ومن المتوقع أن يؤدي نشر التوجيهات إلى رد فعل شديد من قبل الكيان الإسرائيلي.
تحليل الدلالات:
لا شك أن مناهضة الصهيونية العالمية هو من المواضيع التي تزعج الكيان الإسرائيلي وكانت تقتصر نشاطات حركات مناهضة الصهيونية في الشرق الأوسط بشكل علني وخاص. بينما اليوم أصبحت حالةً قوية في أوروبا وهنا نُشير للتالي:
- إن حركة مناهضة الصهيونية تخلق لتل أبيب مشكلةً جديدة تتعلق بأصل وجود الكيان. وهو الأمر الذي يعني بالمبدأ رفض فكرة أحقية الكيان الإسرائيلي بالوجود، وإعطاء الفلسطينيين دعماً فيما يتعلق بحقوقهم المشروعة. لكن اليوم وبعد أن كانت الحركة قوية في منطقتنا بسبب وجود الصراع العربي الإسرائيلي فيها، إنتقلت الحركة من المستوى الإقليمي الى الدولي، ليصبح لها زخماً قوياً ودعماً شعبياً في أوروبا.
- فصحيحٌ أنه لا يمكن إعتقال نتنياهو لما يتمتع به من حصانةٍ سياسية، لكن كما هو معروف فإن الدول الأوروبية تُعتبر من الدول الأقرب للسياسة الأمريكية وذات العلاقات المعلنة مع تل أبيب. مما يعني أن وجود روابط قوية بين الكيان الإسرائيلي وهذه الدول هو من الأمور الطبيعية. لذلك فقد حاولت تل أبيب الضغط مؤخراً من أجل منع حصول حركة مناهضة الصهيونية على الدعم الشعبي فيما يخص مسألة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية. وهو الأمر الذي فشلت فيه، مما أحرج الدول الأوروبية معها، لعدم قدرتها على الوقوف بوجه التأييد الذي تتمتع به حركة مناهضة الكيان الإسرائيلي أوروبياً.
- واليوم جاءت مسألة طرح اعتقال نتنياهو، ليكون لها أثرٌ كبيرٌ على الصعيد السياسي الأوروبي والإسرائيلي. فالجميع يعرف أن ذلك لن يحصل، لكن مجرد طرح هكذا موضوع في مجلس العموم البريطاني، سيكون لها صدىً كبير على المستوى العالمي. ويُعتبر إنجازاً لحركة مناهضة الصهيونية، وتأييداً لمظلومية الشعب الفلسطيني.
لا بد أن مظلومية الشعب الفلسطيني وعنجهية الكيان الإسرائيلي أصبحت من الأمور المعروفة في الشارع الأوروبي نتيجة الجهود التي تبذلها حركة مناهضة الصهيونية. وهي التي تهدف في نشاطها لتعريف العالم بحقيقة الكيان الإسرائيلي وجرائمه. وهو الأمر الذي يتزامن مع التغييرات التي تطال العالم سياسياً وأمنياً ومنها ما يطال أوروبا. فالشعوب أصبحت تعي حقائق الأمور. ولا شك أن الأيام المقبلة، ستخبرنا بالمزيد عن إنجازات حركة مناهضة الصهيونية العالمية. فيما ينتظر العالم ردة فعل تل أبيب على مسألة طرح إعتقال زعيم الكيان الإسرائيلي في مجلس العموم البريطاني.