الوقت- اتخذت الحكومة الفرنسية مؤخراً موقفاً عدائياً ضد جمهورية إيران الإسلامية وحثّت طهران للتوقف عن ما سمته أعمالها التي زعزعة الاستقرار في سوريا!.
الجدير بالذكر أن هذا الموقف العدائي الذي اتخذته باريس جاء في الوقت الذي أعلنت فيه هذه الأخيرة عن دعمها للكيان الصهيوني الذي اعتبرته بأنه أكبر عامل استقرار في المنطقة.
وحول هذا السياق، أعربت "أنييس فون دير مول" المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية يوم الأربعاء الماضي بالقول: " ينبغي على إيران الكف عن الأعمال التي تزعزع استقرار سوريا". ولفتت إلى أن فرنسا تؤكد مجدداً التزامها الثابت بأمن إسرائيل.
وأضافت: "إن الحكومة الفرنسية تؤكد أنه ليس هناك حل عسكري للأزمة السورية وتشدد أيضاً على ضرورة تجنّب أي تصعيد خطير للتوتر في الشرق الأوسط، وتطلب من إيران الإحجام عن أي عمل يزعزع الاستقرار في سوريا".
الجدير بالذكر أن هذه الاتهامات الباطلة التي وجهتها فرنسا ضد جمهورية إيران الإسلامية، جاءت في الوقت الذي كشفت فيه العديد من التقارير الإخبارية بأن فرنسا وغيرها من الدول الغربية التي كانت تمثّل المحور الغربي العربي في المنطقة، عملت خلال السنوات الماضية على زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا وذلك من خلال تقديم الكثير من الدعم للجماعات الإرهابية ولا سيما تنظيم "داعش" الإرهابي الذي ارتكب الكثير من الجرائم غير الإنسانية في العديد من المدن والقرى السورية، ولذا فإنه يبدو أن الفرنسيين نسوا دعمهم المالي والعسكري للجماعات الإرهابية والمتطرفة في سوريا على مدار السنوات الماضية، ويحاولون الآن صرف الرأي العام العالمي عن هذه الحقائق التي تعتبر وصمة عار في سجل الحكومة الفرنسية، خاصة وأن شركة فرنسية سويسرية كشفت قبل حوالي أربع سنوات عن تقارير سرية تفيد بأن الحكومة الفرنسية قدّمت الكثير من الدعم لتنظيم "داعش" الإرهابي وغيره من الجماعات الإرهابية في سوريا.
وحول هذا السياق، قال المحلل السياسي "شريف شحادة": "لقد أقرّت الشركة الفرنسية السويسرية بأن الحكومة الفرنسية قدّمت الكثير من الدعم المالي لـ"داعش" في سوريا وهذا الاعتراف تؤكد صحة تصريحات المسؤولين السوريين، الذين صرّحوا مراراً وتكراراً أن الدول الغربية هي الداعم الرئيس للجماعات الإرهابية في سوريا"، وبالإضافة إلى دعم فرنسا المالي والعسكري للجماعات التكفيرية والإرهابية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، فقد لعبت باريس أيضاً دوراً فعالاً في زعزعة استقرار سوريا من خلال شنّ عدوان مباشر على سوريا خلال السنوات الماضية، والمثير للسخرية هنا أنها وجّهت بكل وقاحة أصابع الاتهام نحو جمهورية إيران الإسلامية، واتهمتها بأنها المسؤولة عن زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا وذلك من أجل التستر على جرائمها في سوريا.
وعلى سبيل المثال، شاركت فرنسا في أبريل عام 2018 في عملية عسكرية عدوانية مباشرة ضد سوريا بالتعاون مع أمريكا وبريطانيا وقامت بقصف العديد من المناطق في دمشق وحمص وحماة. والآن فإن السؤال هو هل انضمت فرنسا فعلاً إلى أمريكا وبريطانيا وشنّت ضربة عسكرية على سوريا؟ الحقيقة هي أن ذلك الهجوم الغادر بدأ في وقت حقق فيه الجيش السوري نصراً كبيراً في الغوطة الشرقية، ولعب هذا النصر دوراً مهماً في استقرار الوضع في تلك المناطق، ما أتاح فرصة لتحرير الجبهتين الشمالية والجنوبية من الأراضي السورية من احتلال الجماعات الإرهابية.
وبدلاً من أن تقوم فرنسا بالاعتراف بجرائمها التي ارتكبتها في سوريا، قامت بتوجيه أصابع الاتهام نحو طهران التي بذلت الكثير من الجهود خلال السنوات الماضية للتعاون مع الحكومة السورية الشرعية لمحاربة والقضاء على جميع الكيانات الإرهابية المنتشرة في الكثير من مناطق سوريا والتي حققت انتصارات كثيرة في الساحة الميدانية وتمكّنت من إحلال وإرجاع الأمن والاستقرار إلى الكثير من المناطق السورية.
وبالإضافة إلى ما ذكر أعلاه، لقد كشفت العديد من التقارير الإخبارية بأن الفرنسيين بالإضافة إلى تقديمهم الكثير من الدعم العسكري لـ"داعش" والمشاركة في تنفيذ عدوان مباشر على دمشق، قامت أيضاً بالكثير من التدابير العدائية الأخرى لنشر الفوضى في المنطقة، ولا سيما بيع أسلحة دمار شاملة لعدد من دول المنطقة التي دعمت ولا تزال تدعم الكثير من الجماعات الإرهابية في العالم مثل السعودية التي تعتبر واحدة من البلدان التي باع لها الفرنسيون أسلحة دمار شاملة في السنوات الأخيرة لخلق الكثير من الأزمات في جميع أنحاء المنطقة.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن فرنسا تعرّضت خلال السنوات الماضية لفضيحة كبرى حول استخدام سلاحها وذخائرها التي بيعت للإمارات والسعودية لارتكاب جرائم جماعية ضد المدنيين في اليمن، وكذلك وقوع بعض هذه الأسلحة التي باعتها فرنسا للإمارات بيد القوات الحكومية الليبية التي تتعرّض لهجوم يطول أحياء المدنيين في العاصمة الليبية طرابلس، فقد غنمت قوات الحكومة مدرعات فرنسية تطلق صواريخ مهدمة كما غنمت ذخائر صاروخية فرنسية الصنع وذخائر مصرية.
ولهذا فلقد حثّت الكثير من منظمات حقوق الانسان فرنسا على التوقف الفوري عن بيع السلاح للسعودية ودولة الإمارات، خصوصاً بعد صدور تقرير جديد عن الأمم المتحدة بشأن جرائم حرب محتملة في اليمن.
وأوضحت المنظمات بأنه قد قتل المئات من اليمنيين بسبب الغارات التي قامت بها مقاتلات الجو التابعة لتحالف العدوان السعودي والتي استخدمت فيها أسلحة فرنسية محرمة، كما كشف تقرير صدر عن مجموعة خبراء في الأمم المتحدة حول اليمن فداحة وعنف الهجمات على السكان المدنيين في اليمن، والضرورة الملحة لعدد من الدول مثل فرنسا كي توقف تغذية النزاع بالسلاح.
لذلك، أصبح من الواضح الآن من هي الدولة التي تسير على طريق تأجيج الصراع وخلق التوترات في سوريا وتعطيل السلام والاستقرار في المنطقة، ولهذا فإنه ينبغي على تلك الدولة إعادة النظر في سياساتها العدائية، وإنهاء دورها في الأزمة السورية والعمل بصدق من أجل إرساء الأمن والاستقرار في سوريا، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن القول إن التزام فرنسا الرسمي بمصالح الكيان الصهيوني يُعدّ عاملاً آخر يدل على أن باريس اتخذت دائماً خطوات لتهديد السلام والاستقرار في المنطقة، لأن مصالح "تل أبيب" تتعزز فقط بعدم وجود حالة من الاستقرار في المنطقة وضعف دول المنطقة.