الوقت- في مقال مشترك كتبه وزيرا خارجية روسيا والصين سيرغي لافروف ويانغ يي يوم الاثنين الماضي والذي نشر في آن واحد في صحيفتي "راسيسكايا غازيتا" الروسية و"جين مين جيبائو" الصينية قال الوزيران ان بلديهما يعارضان املاء السياسات الأجنبية على الدول المستقلة واستخدام الضغط والقوة من اجل ذلك.
وقال الوزيران ان روسيا والصين اللتين انتصرتا في الحرب العالمية الثانية وتعتبران من الدول المساهمة في تأسيس منظمة الأمم المتحدة وهما الان من اعضاء مجلس الامن الدولي يجب ان تلعبا دورا نشطا في بلورة نظام عالمي متعدد الاقطاب.
ويحظى هذا المقال المشترك لوزيري الخارجية الروسي والصيني وما ورد فيه بأهمية كبيرة فمجرد كتابة مقال بشكل مشترك يعني ان البلدين قد رفعا مستوى علاقاتهما ومواقفهما الى مستوى التنسيق والرؤية الموحدة وهو ما دفع مسؤولين رفيعين من البلدين بكتابة مقال مشترك واعلان مواقفهما، لكن الاهم من هذه القضية هو فحوى هذا المقال حيث يمكن القول ان المحور الرئيسي لهذا المقال كان انتقاد الأحادية الغربية وضرورة التصدي لها.
ان هذه القضية تكتسب الاهمية بسبب قيام روسيا وكذلك الصين بمعارضة السياسات والاجراءات الأحادية الغربية وخاصة الامريكية لعدة مرات فيما يخص القضايا الدولية المختلفة وقد اشار الوزيران الروسي والصيني في مقالهما المشترك الى الهجوم على يوغوسلافيا واحتلال العراق والأزمة الليبية والحرب الداخلية في اوكرانيا.
وتشير الوقائع إلى ان الغرب الذي تقوده امريكا قد لجأ خلال السنوات الاخيرة الى التدخل المباشر كسياسة متبعة لتحقيق اهدافه التوسعية، كما ان امريكا تتوهم بأنها الجهة الوحيدة التي يجب ان تقرر مصير العالم وتظن بانها القوة الاكبر في العالم وهذا ما أثار معارضة موسكو وبكين لواشنطن خلال السنوات الأخيرة.
ان امريكا تعتبر نفسها شرطية دولية وتمنح لنفسها الحق في شن العمليات العسكرية في مختلف المناطق دون الرجوع الى مجلس الامن الدولي وفي المقابل تعتبر روسيا والصين هذه السياسات والافعال الامريكية بأنها ستؤدي فقط الى ايجاد خلل في عمل مجلس الأمن الدولي وانتشار الفوضى على الساحة الدولية.
وهناك ايضا قضية أخرى وهي المعايير الغربية المزدوجة التي تمارسها الجهات الغربية وخاصة امريكا في التعاطي مع القضايا الدولية وقد شاهد العالم تطبيق هذه المعايير المزدوجة مرارا وتكرارا ومنها في القضية النووية الايرانية.
ان الغربيين يعتبرون أنفسهم فقط أصحاب حق على الساحة الدولية ولذلك يعتبرون كافة اعمالهم وتصرفاتهم بأنها مشروعة ومحقة كما انهم يعتبرون خطوات القوى المنافسة لهم بأنها غير مشروعة، وعلى سبيل المثال يعتقد الغربيون ان تدخلاتهم في اوكرانيا لدعم الحكومة الاوكرانية الموالية للغرب هي مشروعة وان ما تقوم به روسيا لحفظ حقوق المواطنين المنحدرين من اصل روسي في شرق اوكرانيا هو غير شرعي وغير قانوني.
ان امريكا وحلفائها قد فرضوا عقوبات أحادية وكبيرة على روسيا لثنيها عن مواقفها حيال الأزمة الاوكرانية لكن هذه السياسات الاحادية الغربية واستخدام المعايير المزدوجة قد تسببت الآن بأن ترفع روسيا والصين صوتهما عاليا كقوتين كبيرتين.