الوقت- أدخل رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كيان الاحتلال الاسرائيلي في متاهة جديدة نتيجة مغامرات صبيانية أهدافها واضحة ومعلومة لكن نتائجها مجهولة وقد تكلف "نتنياهو" الكثير، خاصة بعد تهديد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بالرد على الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة على الضاحية الجنوبية.
نتنياهو لم يعترف فقط بالهجوم الذي نفذته طائرات بدون طيار على الضاحية الجنوبية، مقر "حزب الله"، بل اعترف أيضا بالهجوم على محيط "دمشق"، وأعلن مسؤوليته عن تفجيرات العراق.
اذا الكيان الاسرائيلي فتح النار على ثلاث جبهات، وكأنه يعلن استعداده لبدء حرب على هذه الجبهات الثلاث مجتمعة، وذلك لتحقيق عدة أهداف:
أولاً: على مستوى سوريا فشلت جميع المخططات الصهيونية والأمريكية لتفتيت سوريا واضعافها، وشكلت عودة تماسك الدولة السورية والجيش السوري على وجه التحديد، صدمة لكيان العدو، خاصة بعد استعادة السيطرة على غالبية مساحة البلاد، والتوجه حاليا نحو تحرير "ادلب"، اذ قطع الجيش السوري أشواطا كبيرة في هذا الاتجاه، وكان هذا الامر كفيلا لحدوث انهيار نفسي لدى الجماعات الارهابية المسلحة التي لم تبخل "اسرائيل" في دعمها، وما الهجوم الأخير إلا محاولة فاشلة لإعطاء روح معنوية للارهابيين الذين ينهارون في "ادلب" ومحيطها.
ثانياً: في العراق استطاع الجيش العراقي والحشد الشعبي والكثير من الفصائل الاخرى استعادة السيطرة على كامل أراضي العراق وطرد الارهابيين منها، لاسيما تنظيم "داعش" الارهابي، وكل المحاولات الاسرائيلية والامريكية للحفاظ على تشرذم العراق باءت بالفشل، بفضل العراقيين أنفسهم والدول الداعمة لهم، وهذا لم يكن خبرا سارا بالنسبة للاسرائيليين الذين يخشون من تعاظم قوة "محور المقاومة" في سوريا ولبنان والعراق، لأن هذا الامر سيكون بمثابة صاعقة وضربة قاصمة لجميع المشاريع الصهيونية في المنطقة.
ثالثاً: لبنان هو الحلقة الاكثر تعقيدا بالنسبة لكيان العدو، لأن امريكا والدول الاوروبية وبعض الدول العربية، لم تستطع مجتمعة أن تنسف وحدة لبنان، وجميع المحاولات الغربية ةالاسرائيلية لاثارة فتنة في الداخل اللبناني واجهت الفشل، ولم يتمكن الصهاينة بجميع السبل الممكنة من توريط "حزب الله" في صراع داخلي مع بقية الاحزاب اللبنانية الاخرى، وبالتالي لم يعد هناك أمام هؤلاء سوى التدخل بشكل مباشر واستهداف مقرات "حزب الله".
هذا الاستهداف لن يمر دون رد بحسب ما صرح به الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم امس، وهدد نصر الله إسرائيل بالرد على ما سماه الهجوم بطائرة انتحارية على هدف في ضاحية بيروت الجنوبية، واصفا ما حصل بأنه خطير جدا. واعتبر أن الهجوم خرق لقواعد الاشتباك، مؤكدا أن هذه العملية لن تمر مهما كلف الثمن.
رابعاً: يريد نتنياهو من خلال هذه الهجمات الثلاثة ان يقول انه لايزال قويا وقادرا على قيادة حرب تنتهي لصالح كيان العدو، وكأنه لا يعلم أن اعلان مثل هكذا حرب والبدء فيها سيكون بمثابة نهاية مستقبله السياسي.
ومع ذلك غامر نتنياهو لحشد الداخل الاسرائيلي ودفعه للتصويت له في الانتخابات المقبلة، إلا أن الداخل الاسرائيلي لاسيما المسؤولين الاسرائيليين انتفضوا في وجه نتنياهو واعتبروا ما قام به أمرا سيئا للغاية ويضر بأمن "اسرائيل"، لان الامور قد تنزلق في اي لحظة الى حرب اقليمية كبرى.
الامر الأهم من هذا ان الجبهة الداخلية الاسرائيلية غير مستعدة على الاطلاق لاي حرب مقبلة، اذ قال قائد الجبهة الداخلية، الجنرال أمير يدعي إنه في السنوات الاخيرة لم يحددوا في الجيش التغييرات في قدرات العدو على تهديد الجبهة الداخلية، وأن القيادة العامة تقريبا لم تأخذها في الحسبان من اجل الاستعداد لحالة الطواريء. في مقال نشر في المجلة العسكرية "بين الاقطاب" كتب يدعي بأن الجيش لم يستعد كما ينبغي "رغم توجهات التغيير في تهديد الجبهة الداخلية معروفة للجميع". وأن "الجبهة الداخلية كانت في عداد المفقودين مقارنة بباقي القيادات الاخرى". وحسب اقواله، منذ توليه منصبه حدث تغيير ما، لكن "الجبهة الداخلية ما زالت لم تحل كل المشاكل والطريق ما زالت طويلة".
وفي شهر آذار الماضي نشر مراقب الدولة تقرير عن اخفاقات خطيرة في استعداد الجبهة الداخلية للحرب: من بين امور اخرى وجد المراقب السابق يوسف شبيرا، أن الجبهة تعاني من نقص شديد في وسائل الانقاذ، وأن استعداد كتائب الاحتياط التي تتولى ذلك منخفضة وحتى متوسطة. ووجد أن الجيش الاسرائيلي لم يحل وضع القوة البشرية في كتائب الانقاذ منذ العام 1992، رغم تهديدات جديدة نشأت منذ ذلك الحين. في هذا الشأن يكتب الآن يدعي أنهم في الجيش عرفوا أن الحرب القادمة يمكن أن تشل أداء الجبهة الداخلية، ولكن المشكلة لم تطرح في تقدير الوضع الذي تم التدرب عليه في الجيش في مناورات حربية مختلفة". وهذا حسب قوله، لأن الجيش لم يفكر "بأي درجة يجب على الجبهة الاستعداد لاستبدال سلطات مدنية فاشلة". وهل "استعداد الجبهة لتحمل المسؤولية عن اخفاقات محتملة" لسلطات كهذه يمكنها أن "تتحول الى نبوءة تجسد نفسها".