الوقت- أثار "قانون مكافحة الإرهاب" الجديد الذي صادق عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخراً الكثير من الجدل في أوساط النخب الثقافية والاعلامية ورجال الإعلام في البلاد إلى درجة أن عدّه البعض بأنه بمثابة قانون لتقييد الحريات وقمع المعارضين وليس قانوناً لمحاربة الإرهاب.
وينص القانون على فرض عقوبات ثقيلة قد تصل حد الإيقاف عن العمل، ودفع غرامات ثقيلة جداً على الصحفيين الذين يوردون معلومات تتناقض مع البيانات الرسمية بشأن الاعتداءات الإرهابية والوضع الأمني .
وحسب ما نشر في الجريدة الرسمية يفرض القانون غرامة من 200 ألف إلى 500 ألف جنيه (بين 23 ألفا و58 ألف يورو) على كل من يبث أو ينشر معلومات غير حقيقية عن الاعتداءات أو العمليات ضد الجماعات الإرهابية. ويمكن أن تؤدي هذه الغرامات إلى غلق نشريات صغيرة وردع وسائل الإعلام عن العمل بشكل مستقل.
وأثار هذا القانون مخاوف من أن يجد الصحفيون أنفسهم أمام المحاكم بسبب مهنتهم. ويمكن تلخيص هذه المخاوف بما يلي:
1. التطبيق الفعلي للقانون سيُعرض الصحفيين للحبس؛ وذلك لعدم مقدرتهم على دفع الغرامة، نظراً لانها تفوق قدراتهم المالية.
2. القانون يضيّق نطاق الحريات ويتوسع في تعريف مفهوم الإرهاب، ولا توجد ضمانة تؤكد على تطبيقه فقط على مرتكبي الأعمال الإرهابية.
3. القانون يحوّل الصحفي لمجرد ناقل للحدث بإجباره على الاعتماد على البيانات الرسمية فقط، في حين أنه من الطبيعي أن يعتمد الصحفي على مصادر متنوعة وليست الجهات المعنية فحسب.
4. المادة 37 من القانون تعاقب الصحفي الذي ينشر أخباراً متعلقة بمحاكمات اﻹرهاب بغرامة 10 آﻻف جنيه دون موافقة المحكمة، وقد أبدت نقابة الصحفيين المصريين اعتراضها على هذه المادة باعتبار أن الطبيعي هو علنية جلسات المحاكم ما لم يصدر قرار بسريتها أو حظر النشر، ومن الطبيعي أن ينقل الصحفي ما يدور في جلسات المحاكم العلنية.
5. يرى البعض ان القانون تم إصداره في سياق تعمد لتعطيل وجود برلمان منتخب مختص بالتشريع، لتعزيز انفراد الرئيس بتشريع القوانين المكرسة لحكم الفرد.
6. وصف البعض القانون بأنه يزيد من تسلط أجهزة الأمن وسياسة كم الأفواه وقمع المواطنين.
7. يعتقد المنتقدون بأن مواد القانون ونصوصه فضفاضة وتهدف إلى القضاء على أي معارضة لنظام الحكم.
8. تنص المادة 29 من القانون على عقوبة السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات لكل من أنشأ أو استخدم موقعا الكترونيا بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية. ويعتقد المعارضون ان هذه المادة قد تستخدم ضد أي شخص ينتقد الحكومة في الفضاء الالكتروني .
9. يعتقد المنتقدون أن العديد من مواد القانون غير دستورية وستسكت الأصوات الناقدة التي تدعو لدولة ديمقراطية وإلى سيادة القانون.
10. اعتبر البعض القانون بأنه يمثل خطوة متهورة للقضاء على المعارضة الداخلية لنظام السيسي، ليس فقط لأنه يقر عقوبة الإعدام على من يثبت تورطه في أعمال إرهابية، أو انتماؤه لمنظمات إرهابية؛ بل بسبب تعريفه الغامض للإرهاب، الذي يكاد ينطبق على أي شخص يتورط في أي عمل عنيف خلال تظاهرة أو إضراب عمالي أو ما شابه ذلك.
11. يعتقد البعض أن القانون ينذر بآثار كارثية لأن نظام السيسي يعتبر جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية حالها حال تنظيم (داعش)، وهو ما يعرض أعداداً كبيرة من المصريين للمحاكمة وفقاً لهذا القانون. كما يعتقد هؤلاء ان الحملة الأمنية التي يقوم بها السيسي سوف تؤدي بجيل الشباب من عناصر الإخوان إلى التطرف، وربما يجنحون نحو العنف عندما يسود الاعتقاد لديهم بأنه لا بديل عن العنف.
12. يرى النُقاد ان بعض بنود القانون تقوّض الضمانات ضد التعذيب والاعتقال التعسفي وتوسع نطاق تطبيق عقوبة الإعدام .
13. بنود القانون تقلص حقوق التظاهر والاحتجاج داخل البلاد، المقيدة فعلياً وفقاً لقانون التظاهر المصري .
14. تعريف القانون للإرهاب يجرم بنحو ما الإضرابات والمظاهرات السلمية في المدارس والجامعات وتلك التي تخرج من المساجد، بحجة أن مثل هذه الأنشطة تضر بالوحدة الوطنية، وتعرقل عمل المؤسسات الوطنية وتضر الاقتصاد.
15. إعتبر البعض القانون مجرد ستار لدعم الوضع الراهن في البلاد على حساب سلمية المعارضة وجماعات المجتمع المدني.
وتدافع الحكومة المصرية عن قانون مكافحة الإرهاب الجديد لأنها ترى فيه ضرورة لمواجهة هجمات الإرهابيين التي أسفرت عن مقتل المئات من رجال الشرطة والجيش منذ إعلان القوات المسلحة عزل الرئيس السابق محمد مرسي عام 2013 إثر احتجاجات حاشدة على حكمه.
كما تعالت الأصوات المؤيدة للقانون الذي ستنشأ بموجبه محاكم خاصة للتعامل مع قضايا الإرهاب عقب مقتل النائب العام المستشار هشام بركات في أواخر يونيو/حزيران الماضي إثر انفجار سيارة مفخخة في موكبه بالقاهرة.
ومن الجدير بالذكر ان هذا القانون وُجِهت إليه إدانات كبيرة من المؤسسات القانونية في البلاد وحتى من قبل منظمات حقوق الإنسان في العالم التي ذهب بعضها إلى حد وصفه بأنه يهدف إلى معاقبة الأفراد أو المؤسسات التي تدعو إلى إصلاحات دستورية أو قانونية، حتى لو قامت بذلك سلمياً.