الوقت- بعد أيام وجيزة على تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس سعد الحريري، حطّ وزير الخارجيّة الإيرانية في العاصمة الإيرانيّة بيروت مهنّئاً بتشكيل الحكومة ومباركاً لها، مؤكّداً الموقف الدائم لبلاده في الوقوف إلى جانب لبنان الشقيق في الظروف كافّة.
بدا وزير الخارجية الإيرانية في كافّة لقاءاته حريصاً على دعم لبنان، لكنّه كان أكثر حرصاً على عدم التسبّب للبنان بأي إحراج. قالها ظريف: لهذه الزيارة هدفان أساسيان، الأوّل يتمثّل بإعلان التضامن والوقوف إلى جانب لبنان، والثاني إعلان إيران عن استعدادها الكامل لتقديم الدعم وللتعاون مع الحكومة اللبنانية الشقيقة في كلّ المجالات وعلى الصعد كافّة"، مضيفاً "لدى إيران دائماً الاستعداد لدعم لبنان، ونحن بانتظار أن تكون هذه الرغبة متوفرة لدى الجانب اللبناني".
الزيارة التي تزامنت وذكرى الأربعين للثورة الإسلامية في إيران، وكذلك مع الاحتفال الوطني الإيراني الذي أقامته السفارة الإيرانية في بيروت بهذه المناسبة، حيث كان يوماً إيرانياً بامتياز، شمل لقاءات عدّة للوزير الإيراني الذي تنقّل بين المقار الرئاسية ووزارة الخارجية، إضافةً إلى لقائه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
دعم في جميع المجالات
بدا لافتاً تأكيد ظريف في جميع لقاءاته استعداد بلاده التام لمساعدة لبنان في كل المجالات المدنية والعسكرية، وقال ظريف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني في بيروت، "مستعدون لمدّ يدّ العون للدولة اللبنانية والتعاون في كل المجالات"، مضيفاً "لا قانون دولي يحظر التلاقي والتعاون بين لبنان وإيران".
وبشأن عودة النازحين السوريين من لبنان قال ظريف: "ينبغي العمل سويّاً لتأمين عودة النازحين السوريين"، لافتاً إلى أن "مسار أستانة بشأن سوريا يحقق أهدافاً تفيد لبنان"، مشدداً على أن "إيران تقف إلى جانبنا بشكل كامل فيما يتعلق بأزمة النازحين".
ظريف ثمّن عالياً الموقف اللبناني فيما يخص مؤتمر "وارسو" بعدما تبلّغ من باسيل عدم مشاركة لبنان في هذا المؤتمر الذي دعت إليه أمريكا بسبب حضور "إسرائيل"، ولأن لبنان يتبع سياسة النأي بالنفس.
مساندة إيران صنعت الانتصارات... إلى جانب لبنان دولةً وشعباً ومقاومةً
في السياق، شكر الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرلله قيادة إيران ومسؤوليها وشعبها على جميع ما قدّمته لحركات المقاومة وشعوب المنطقة، في مواجهة العدوان الصهيوني والإرهاب التكفيري.
وأكّد خلال استقباله ظريف والوفد المرافق له، بحضور السفير الإيراني في لبنان محمد جلال فيروزنيا، أنّ "هذه المساندة أدّت إلى صنع الانتصارات في أكثر من ساحة وميدان"، وتمنّى أنّ "تواصل إيران دعمها واهتمامها بالرغم من كلّ المؤامرات والضغوط التي تتعرّض لها بسبب ذلك".
من جهته، شدّد ظريف على "موقف إيران الثابت إلى جانب لبنان دولةً وشعباً ومقاومةً، واستعدادها لتقديم كلّ أشكال المساعدة والتعاون في مختلف الملفات المطروحة".
التعامل بالليرة.. وتعاون دون إحراج
أبدى ظريف استعداد بلاده مجدداً للتعاون والمساعدة عبر آلية لا تشكّل أي إحراج للدولة اللبنانية، ليضع الوزير الإيراني الحكومة أمام تحدٍّ جديد يتمثّل في قدرة القوى السياسية على اتخاذ قرارات مستقلّة، تصبّ في مصلحة الاقتصاد اللبناني، بمعزل عن موقف أمريكا التي لا تمارس سوى الابتزاز والتهديد.
فقد تحدث ظريف عن "آلية لتقديم المساعدات يمكن اعتمادها للبنان شبيهة بالآلية التي تعتمدها بعض الدول الأوروبية للتعاون الاقتصادي والتجاري مع إيران ولا تتعارض مع العقوبات الأمريكية"، ليسحب الذرائع من الفريق اللبناني الذي يتذرّع بالعقوبات.
كذلك، اقترح رئيس الدبلوماسية الإيرانية على المسؤولين اللبنانيين إجراء تعاملات تجارية بالعملة الوطنية، أي بالليرة اللبنانية! هذا الاقتراح الشديد الأهمية يعني، بصورة واضحة، أن التذرع بالعقوبات الأمريكية لم يعد كافياً لتبرير عدم فتح آفاق جديدة أمام الاقتصاد اللبناني.
وبطبيعة الحال، فإن الدولة الإيرانية تريد تحقيق مصلحتها في أي تبادل تجاري مع لبنان، رغم صغر السوق اللبنانية، لكن المهم في الأمر أن هذا الاقتراح يحقق مصلحة لبنانية كبرى، يكاد ينتفي معه وجود أي سلبية، ففتح باب الاستيراد بالليرة اللبنانية يؤدي بالدرجة الأولى إلى تعزيز قوة هذه العملة، وبالدرجة الثانية يخفف العبء عن ميزان المدفوعات (الفارق بين العملة الصعبة التي تدخل لبنان وتلك التي تخرج منه ـــ وبدرجة أولى نتيجة تمويل الاستيراد)، وفق صحيفة الأخبار اللبنانية.
إلى جانب ما ذكر أعلاه، تشير صحيفة البناء أن الدكتور ظريف قد نجح بتحقيق هدفين إضافيين:
أولاً: التأكيد على انتصار محور المقاومة في جناحه اللبناني ولاسيما في مسيرته السياسية، بدءاً من انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية إلى الانتخابات النيابية التي أنتجت مجلساً نيابياً من 73 نائباً لا يعارضون السياسة الإيرانية وصولاً إلى تأليف حكومة تتضمّن 18 وزيراً لا يعارضون المصالح الإيرانية.
ثانياً: التأكيد على موقف لبنان الرافض للمشاركة في مؤتمر وارسو الذي يستهدف إيران، وقد كانت لافتة إشارة الوزير باسيل بتأكيده لضيفه بأنّ لبنان سيغيب عن المؤتمر بسبب حضور "إسرائيل"، ولأنه يتبع سياسة النأي بالنفس، ما يؤكد بأنّ السياسة الخارجية اللبنانية لن تكون معارضة للمصالح الإيرانية.