الوقت - تتوالى لقاءات "أنصار الله" بقيادات الأحزاب السياسية ومكوناتها في المحافظات اليمنية بوتيرة مسؤولة تخلص إلى مناقشة الأوضاع التي تمرّ بها البلاد جرّاء استمرار العدوان وما يرتكبه من جرائم يومية بحق الشعب اليمني في مختلف المحافظات فضلاً عن فرضه لحصار جائر يستهدف تجويع ملايين اليمنيين.
ولا أحد ينكر جهود الأحزاب والقوى السياسية ودورها الوطني والمشرّف خلال المرحلة الراهنة في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي والمؤامرات التي تستهدف النيل من وحدة الجبهة الداخلية وثبات وصمود الشعب اليمني، فـ "للأحزاب" دور وطني في تعزيز الجبهة الداخلية وحمايتها من الاستهداف المتعمّد من قبل تحالف العدوان الغاشم، ولعلّ الأحداث الفوضوية التي تظهر بين فينة وأخرى تحت مسميات مشبوهة ما هي إلا أجندات تأتي ضمن سلسلة مؤامرات العدوان التي تستهدف الجبهة الداخلية والاستقرار السياسي والثبات في مواجهة العدوان، من هنا تبرز ضرورة اضطلاع الأحزاب والتنظيمات السياسية بدورها الفاعل في تأسيس الحياة السياسية اليمنية المستقلّة عن تأثيرات الخارج، وأهمية تعزيز الجهود وتكاملها بين الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان والعمل على حشد الجهود لرفد جبهات الشرف والبطولة بالرجال والعتاد وتسيير قوافل الدعم للمرابطين في مختلف الجبهات.
إن استهداف الأحزاب والتعددية السياسية في اليمن ليس وليد اللحظة وإنما هو جزء من مؤامرة العدوان الذي يرى أن تعزيز الديمقراطية في البلاد قد يؤثر على الأنظمة الحاكمة فيها والتي تفرض قيوداً على الحريات والتعددية السياسية، ولذا رأينا الاستغلال الرخيص من قبل العدوان لبعض أو قلّة من كوادر وقيادات الأحزاب التي باعت نفسها للشيطان وعرّضت رصيد الأحزاب السياسية وتضحيات القواعد وتاريخ الأحزاب للتشويه والإساءة كما عرّضت اليمن وأبناءه لمآسٍ وكوارث إنسانية لن ينساها التاريخ.
من الطبيعي جداً أن يوجد السياسيون وقادة الأحزاب في كُلّ مكونات الصراع محلياً وإقليمياً ودولياً، فالسياسيون ليسوا طبقةً اجتماعية مستقلة، وإنما هم أفراد ينتمون إلى طبقات اجتماعية، ووفقاً لانتماءاتهم ومصالحهم يحددون مواقفهم كما حدث في انتفاضة فبراير 2011م، أو ثورة 21 سبتمبر 2014م، أَوْ طوال الحرب الدائرة منذ مارس 2015م، ومن هنا يضع السياسي الإيجابي العضوي نفسه في سياق المصلحة الوطنية المتمثلة بوحدة الأرض واستقلال الوطن وسيادته وتنميته، لهذا وجدنا معظم الساسة قد اختاروا أن يكونوا مع ذواتهم الوطنية ضد العدوان الأمريكي السعودي من خلال المواقف والتوجهات والمقالات والوعي التاريخي بجوهر الصراع، فالوعي بالتاريخ ليس سرداً لحكايات فحسب، وإنما موقفاً نقدياً من التاريخ بغرض فهم الحاضر واستشراف المستقبل.
وطوال فترة العدوان على اليمن تفوّق الخطاب السياسي المقاوم ممثلاً في خطاب الشحن الوطني على العدوان الأمريكي السعودي، وعلى دحر الخطاب الثقافي العرقي والمذهبي والمناطقي والجهوي الذي يتبناه تحالف العدوان والأحزاب التي تسير في ذيله وفقاً لأَهدافه، ووفق دراسات يمنية، ليست هناك استراتيجية وأَهداف مستقلة عن العدوان لهذه الأحزاب، ولعلّ الجميع لاحظ كيف أن الأحزاب المنخرطة مع العدوان تسير على طريقة وضع الحافر على الحافر، وفقاً لرغبات العدوان، ما انعكس على تآكل قاعدتها الاجتماعية، التي امتدت في كل الجغرافية اليمنية مستخدمة نفوذها في الثروة والسلطة طوال العقود الماضية كأساس في وجودها الذي بات محصوراً ومتقوقعاً بفعل اصطفافه ضد الوطنية اليمنية، ومنكمشاً لا يتجاوز بضع حوارٍ وقرى في محافظات اليمن القابعة تحت الاحتلال.
من هنا وتأكيداً على أن سياسة أنصار الله لا تستثني أحداً في إدارة الدولة تحت سقف الوطنية والوحدة ومواجهة العدوان، تأتي هذه اللقاءات التي ستظلّ مستمرة طوال الفترة القادمة وبصورة مكثفة وفاعلة في إطار برنامج ومسار عملي مكثف وواسع يهدف إلى تعزيز عوامل الصمود ومسارات المواجهة والتصدي للعدوان والتحشيد للجبهات، ويعمل على تماسك الجبهة الداخلية، والتصدي لكل النشاطات العبثية التي تستهدف النيل من تماسك الشعب في مواجهة العدوان الأجنبي الأمريكي السعودي الإماراتي ومشاريعه الخبيثة والهدامة، والدفع نحو تفعيل مؤسسات الدولة وتقييم وتعزيز أدائها، وكذا الوقوف الفاعل أمام المستجدات والتحديات والتطورات أولاً بأول في إطار مسؤوليات الأحزاب وواجبها الأخلاقي والديني والوطني والقيمي.
بقلم: فؤاد الجنيد