الوقت- شكّل إعلان الحكومة اليمنية المستقيلة، فجر اليوم الجمعة حول السيطرة على محافظة عدن، مرحلة جديدة في المشهد اليمني، والعدوان السعودي القائم. إن إعلان خالد بحاح، نائب الرئيس اليمني المستقيل، في بيانه الذي نشره على صفحته الرسمية في فيس بوك من مقر إقامته في الرياض، أن "الحكومة تعلن السيطرة على محافظة عدن في الأول من شوال أول أيام عيد الفطر المبارك الموافق 17 يوليو 2015م"، يفتح باب التساؤل حول نتائج المستجدات على الساحة اليمنية، والخطوات المترافقة مع هذا الإعلان.
أدركت السعودية جيداً فشل العمليات العسكرية الجوية التي تشنها ضد الشعب اليمني، منتقلةً إلى سياسة مشابهة للخطوات التي إتخذتها الرياض وحلفاؤها( تركيا وقطر) تجاه سوريا عبر حرب استنزاف كبرى وتشكيل كيانات مسلحة مستقلة مثل تنظيم القاعدة وما يسمى بـ"ميليشيات المقاومة الشعبية وأنصار هادي".
مازال واضحاً رغم خسارة الجيش اليمني وحلفائه أنصار الله لجزء كبير من مدينة عدن اليوم، أن الشعب لا زال يمتلك جولات وصولات من الصمود بعد مرور أكثر من 110 يوماً من العدوان، إلا أن الدول الشريكة في الحرب على اليمن تسعى اليوم للانتقال إلى المُخطط الجديد الذي تتضح معالمه على أعتاب عدن.
المُخَطط الجديد
جاء إعلان بحاح حول "تحرير عدن" بعد 24 ساعة على وصول وزراء ومسؤولين كبار من المخابرات بطائرة هليكوبتر إلى مدينة عدن في أول زيارة لأعضاء في الحكومة المستقيلة والمتواجدة في السعودية منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من ثلاثة أشهر. الوفد الذي ضم وزيري الداخلية والنقل ووزير الداخلية السابق ورئيس المخابرات ونائب رئيس مجلس النواب، عاد إلى المدينة بناءاً على أوامر الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، لترتيب أوضاع المخطط الجديد أو ما سمّاه هادي "ضمان الاستقرار قبل استئناف عمل مؤسسات الدولة في عدن".
يبدو أن مخطط هادي الجديد يهدف إلى الإعلان عدن عاصمة مؤقتة مجدداً في حال تمت السيطرة على المحافظة بالكامل، وبالتالي تكون مقراً للإنتقال إلى محافظات أخرى عبر الدعم السعودي الجوي تارةً وحرب الاستنزاف لكل موارد وقطاعات الجيش اليمني وحلفائه في محاولة أخيرة لإسقاطهم تارة أخرى. تقدّم قوات هادي والقاعدة جاء بعد سلسلة من الغارات التي شنها طيران العدوان السعودي خلال الأيام الثلاثة الماضية والتي وصلت إلى أكثر من 150 غارة، فضلاً عن مشاركة إماراتيين وغيرهم من التحالف في القتال الميداني كان آخرهم الضابط الإماراتي برتبة ملازم أول عبد العزيز الكعبي الذي لقي حتفه في حرب لا ناقة لبلده فيها ولا جمل.
المخطط الجديد الذي يريد تحويل اليمن إلى سوريا جديدة، لن يتوانى عن ترجمة الأجندة السعودية على الأرض بعد فشلها من السماء، ومن هنا نستطيع ومن خلال قراءة ما جرى مؤخراً بمدينة عدن، أن الأدوار والخطط قد تغيرت فربّما تعود الرياض إلى سياسة الحرب بالوكيل بعد فشل "الأصيل"، ولكن كيف سيكون الرد المقابل من القوى الوطنية اليمنية؟
الرد المقابل
لطالما شاهدنا الرد الحازم للجيش اليمني وأنصار الله تجاه المؤامرات الخارجية على البلاد والعباد عبر خطوات جادّة تتخذها قيادتا الثورة والجيش لدرء الفتنة، وبالفعل سجّلت هذه الردود نجاحاً باهراً رغم مرور أكثر من 3 أشهر للحرب الكونية على الشعب اليمني.
أنصار الله لم تقف مكتوفة الأيدي أمام خسارة جولة في صراع عشرات الجولات، بل أعلن زعيم حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي خلال حديثه بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد "دحر العدوان عن مدينة عدن وتحريرها من دنس المعتدين".
يمكن التعويل على كلام السيد الحوثي من خلال قراءة واقع الجيش واللجان بعد أكثر من ثلاثة أشهر على العدوان، حيث أنه رغم حجم الدمار الذي أفرزته حرب الاستنزاف للجيش اليمني وحلفائه، لا زال الجيش وأنصار الله قادرون على أن يبرهنوا للجميع أنهم قادرون على الصمود، والدليل على ذلك قوة وحجم التضحيات والانتصارات التي تقدمها القوى الوطنية اليمنية وبكل أركانها.
يبدو أن تطورات عدن الأخيرة، باتت تحتم أكثر من أي وقت مضى على القوى الوطنية اليمنية وبكل أطيافها، تمتين الجبهة الداخلية أكثر وأكثر، للتخفيف من وطأة وآثار هذه الحرب على اليمن. عدن باتت اليوم أكثر أهمية للجميع، خاصةً أن قوات هادي وتنظيم القاعدة ومن خلفها السعودية حاولت تعويم هذا النصر إعلامياً كمقدمة لجولات مشابهة في كافّة المحافظات اليمنية تحت شعار "فاتحة الإنتصارات"، ولكن لاتتسرعوا وانتظروا خواتيم المعركة، فالحرب سجال صولات وجولات.