الوقت- صرّح "لي يونغ" العضو البارز في جمعية التجارة الدولية الصينية، قائلاً: "لقد أظهرت سوق الأسهم الآسيوية إشارات إيجابية في منطقة آسيا"، معرباً عن أمله في أن يؤدي ذلك الاتفاق بين الطرفين الصيني والأمريكي إلى ارتفاع قيمة العملة الصينية "يوان" وإلى ارتفاع جميع الأسهم في السوق الصينية ولفت إلى أنه من المثير للاهتمام هنا، أنه تم الإعلان عن هذا الاتفاق بعد أقل من أسبوع على إعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب "نيّته بفرض 267 مليار دولار إضافية كرسوم جمركية على الواردات من السلع الصينية، وقال إنه في الوقت الذي قامت فيه حكومة "ترامب" بفرض رسوم جمركية على وارداتها من الصين بقيمة 200 مليار دولار وفي خضم تزايد توتراتها الاقتصادية والسياسية مع الصين، قامت واشنطن فجأة بإعطاء "فروع الزيتون" لبكين وأعرب بأن بكين رحبت بهذه الدعوة الأمريكية ومن جهة أخرى قال " كنغ شوانغ " المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية للصحفيين: "إن الصين كانت تقول دائماً بأن تصاعد الخلافات التجارية مع واشنطن لن يصبّ في مصلحة أحد الأطراف" ولفت "شوانغ" إلى أنه خلال المحادثات الأولية التي عقدت في واشنطن الشهر الماضي، حافظ كلا الجانبين على كل أشكال الاتصال والتفاوض اللائقة ولقد ركّزت تلك المحادثات حول مخاوف كلا الطرفين.
وفي سياق متصل كتب الرئيس "ترامب" في 13 سبتمبر / أيلول على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "إننا لا نتعرّض لأي ضغوط للتفاوض مع الصين، بل إنهم هم الذين يتعرّضون لضغوط للتعامل معنا" وهذه التصريحات جاءت لتوضيح هذه النقطة التي مفادها أن دعوة الصين للتفاوض، لم تكن نتيجة لتصاعد الضغوط السياسية على البيت الأبيض كما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وعلى الرغم من توقيع الرئيس "ترامب"، على لائحة جديدة من الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، قام مجلس النواب الأمريكي بالمصادقة في "4 سبتمبر" على قانون يفضي بخفض الرسوم الجمركية بشكل مؤقت على كل السلع المستوردة من الصين بناء على الشكاوى التي تلقتها لجنة التجارة الدولية الأمريكية من شركات مختلفة متعلقة بقوانين تخصّ تنافس السلع الأمريكية لعام 2016 وتلك اللائحة من الرسوم الجمركية تخصّ نحو 1700 مادة من المواد الخام والسلع الوسيطة التي تستخدمها المصانع الأمريكية، والتي لا يتم إنتاجها داخل أمريكا.
وهنا يبدو أن قرار الرئيس الأمريكي "ترامب" بالتوقيع على هذه اللائحة، يتناقض بشكل كبير مع إجراءاته التجارية التي قام بها خلال الأشهر الأخيرة، خاصة عقب فرضه رسوماً جمركية بنسبة 25٪ على البضائع الصينية بقيمة 50 مليار دولار، بالإضافة إلى تهديده بتطبيق تعريفات جمركية بقيمة 200 مليار دولار على جميع البضائع الصينية التي تدخل الأراضي الأمريكية.
وفي آخر التطورات التي حدثت يوم الجمعة، أعربت وكالة "رويترز" الإخبارية، بأن الرئيس "ترامب" أمر مساعديه بمتابعة تطبيق تعريفات جمركية بقيمة 200 مليار دولار على البضائع الصينية، في حين يحاول وزير الخزانة الأمريكي "ستيفن منوشين" التفاوض على اتفاق لإعادة الثقة مع الصين وحول هذا السياق، أعرب المسؤولون في البيت الأبيض بأنهم يقومون بتشجيع الرئيس "ترامب" وحكومته على اتخاذ إجراءات إيجابية وبناءة فيما يخص العمليات التجارية مع الصين، وتشجيع بكين على معالجة مخاوفها من واشنطن.
إن هذه الرسائل الأمريكية متناقضة بشكل كبير: فهل تريد الحكومة الأمريكية التفاوض أو التسلّط؟ ومن ناحية أخرى فرسالة الجانب الصيني واضحة وهي: "أن جميع الأبواب مفتوحة للمفاوضات، ولكن المفاوضات ليست واعدة وذلك لأن أهداف أمريكا ليست واضحة ونريد أن نقول للجميع بأن الصين ليست تحت الضغط".
لقد أظهرت الصين في الجولات السابقة من المحادثات قدراً كبيراً من الصدق في حلّ جميع المشكلات التجارية واقترحت حلولاً عملية مثل زيادة وارداتها وخدماتها من أمريكا، ولكن على الرغم من كل النوايا الطيبة التي قدمتها الصين، إلا أن أمريكا رفضت جميع تلك المقترحات.
وفي وقتنا الحالي تفيد العديد من التقارير الإخبارية بأن أمريكا لم تكسب أي شيء من هذه الحرب التجارية التي أشعلتها مع الصين، باستثناء ما قاله الرئيس "ترامب" على تويتر: "سنحصل قريباً على مليارات الدولارات من التعريفات الجمركية التي فرضناها على الواردات الصينية وسننتج جميع المنتجات التي نحتاج إليها بأنفسنا"، ولفتت تلك التقارير إلى أن المستهلكين وقطاع الأعمال في أمريكا سيدفعون في النهاية ثمن هذه التعريفات الجمركية التي فرضتها حكومتهم على الصين ووفقاً للبيانات التي نشرها مكتب الإحصاء الصيني في 14 سبتمبر، فإن تلك التعريفات الجمركية البالغة 50 مليار دولار والتي فرضتها أمريكا على صادرات الصين، لم تؤثر سلباً على الاقتصاد الصيني.
وطالما أن أمريكا تواصل موقفها المحوري في حربها التجارية مع الصين، فإن الفوز النهائي في هذه الحرب لن يكون من نصيب أحد ولن يتبين من هو المتضرر الأكبر من هذه الحرب ما لم تكن هناك مفاوضات حقيقية على أرض الواقع وإذا تم إجراء مثل هذه المفاوضات باقتراحات واقعية وعملية، فإنه من الممكن توقع مكاسب معقولة لكلا الطرفين، على الرغم من أننا نرى لا مبالاة من الأمريكيين.