الوقت- 29 عاماً ولا يزال أثر الإمام الخميني حاضراً تماماً كما نبض الثورة في نفوس محبيه الملتفين حول ضريحه في ذكرى رحيله يوم أمس، ما قدّمه الخميني للأمة الإسلامية جمعاء، قام خلفه الأمام علي الخامنئي باستعراضه مجدداً، وكما عوّدنا وبلغة الملّم بقدرات، وإنجازات الجمهورية الإسلامية الإيرانية وضع الإمام الخامنئي، ولأول مرة استراتيجية متكاملة حذّر فيها الأعداء من أن كل صاروخ يوجّه إلى الداخل في إيران سيردّ عليه بعشرة صواريخ، مؤكداً على مبادئه ومبادئ المؤسس بالوقوف إلى جانب الشعوب المظلومة والمستضعفة ودول محور المقاومة، موجّهاً رسالة إلى الشباب العربي عنوانها: شعوبكم تعقد الأمل عليكم، وعلى أمل التحرير القريب للقدس وكامل فلسطين.
"كل صاروخ يوجّه إلى الداخل في إيران سيردّ عليه بعشرة صواريخ"، هي استراتيجية محكمة أطلقها الإمام الخامنئي كانت بمثابة جوابٍ لكل أعداء إيران في المنطقة الذين يريدون الهجوم عليها، هذه الاستراتيجية التي أتت تحت عنوان "موجات الصواريخ" لاقت اهتمام جميع القوى العالمية.
لقد قال الإمام الخامنئي إن إيران قد أصبحت القدرة الصاروخية الأولى في المنطقة والعدو يعلم أنّ كل صاروخ يوجه إلى إيران سيرد عليه بعشرة صواريخ، صحيح أن هذه الجملة قصيرة إلّا أن لديها مفهوماً عسكرياً خطيراً، ويمكن اعتبارها الاستراتيجية الصاروخية الجديدة لإيران، ويمكن القول أيضاً بأن هذا التصريح لزعيم الثورة بصفته القائد الأعلى يحتوي، في المقام الأول، على رسالتين مهمتين للغاية:
1-وجود كميات كبيرة من الصواريخ الباليستية.
2-جديّة إيران في الرد على أي غزو عسكري للبلاد.
واختلف المحللون حول المعنى الحقيقي لجملة " إن ضربتم صاروخاً سنضرب 10"، حيث يرى البعض أنّه في المفهوم العسكري بإطلاق الرصاصة الأولى نحو إيران من قبل أي عدو، فإنّ الجمهورية الإسلامية ستطلق عدداً كبيراً من الصواريخ على المهاجمين، ما يعني "موجات من الصواريخ" ردّاً على أي هجوم.
ومعنى إطلاق "موجات من الصواريخ" واضح أيضاً ويحمل عدداً من المعاني وهي:
1-لقد أعلنت إيران بالفعل أنها ستهاجم مواقع الدولة أو الكيانات الغازية في دول المنطقة، وهذا يعني أنه إذا قامت أمريكا على سبيل المثال بإطلاق صواريخها باتجاه إيران فإن إيران ستستهدف جميع قواعدها الـ 33 الموجودة في 10 دول في المنطقة.
2-بالإضافة إلى كونها استراتيجية رادعة، فإنها تعني أيضاً أن الجمهورية الإسلامية تدرك مغامرات دول المنطقة، ولكن لديها استراتيجية واضحة للتعامل مع أي صاروخ للمهاجم أو المهاجمين.
3-إنّ النقطة الأوضح هي أنه على الرغم من أن الدول المعادية قد اشترت أو أنتجت في السنوات الأخيرة أنظمة دفاعية لمواجهة إيران، إلا أنّ هذه الأنظمة لا يمكنها أن تعالج بشكل كبير الهجمات الصاروخية الإيرانية.
وعلى سبيل المثال، الكيان الإسرائيلي الذي يعتبر عدواً صغيراً أمام إيران، قام بزرع الأرض الفلسطينية المحتلة بأنظمة القبّة الحديدة والباتريوت، وهو يهدد يوماً بعد يوم بضرب إيران، وهذا إن حصل، فإن إيران ستستهدف أولاً هذه الأنظمة الدفاعية، ويقول خبراء عسكريون إن الأنظمة الدفاعية الموجودة في كل قاعدة أو مطار، يمكنها في النصف الأول من الساعة، في أفضل حالة ممكنة، إسقاط 30 إلى 40 صاروخا باليستياً.
ويتساءل المحللون العسكريون هنا حول ماذا سيحدث إن أطلقت إيران موجة ثانية من 30 صاروخاً أخرى باتجاه هذه المنظومات الصاروخية؟
من هنا يمكن فهم المعنى الحقيقي "لموجات الصواريخ" الإيرانية، لنفترض أن بعد الصلية الأولى من الصواريخ الإيرانية على المنظومات الدفاعية للقوات المعادية، تكون الأخيرة قد أصبحت خالية من الصواريخ بفعل الضربة الأولى، وستطلق إيران موجة ثانية من الصواريخ من 30 الى 40 صاروخاً في وقت واحد، وهذه الصواريخ تحتاج بحسب القادة الإيرانيين من 10 إلى 12 دقيقة لتصل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة أو أقل من 5 دقائق إلى القواعد الأمريكية في منطقة الخليج، وبالتالي النتيجة ستكون تدمير هذه المنظومات والقواعد بسبب الوقت الذي تتطلبه هذه الأنظمة لإعادة التذخير إضافة إلى الدقة العالية التي تتمتع بها الصواريخ الإيرانية.
كما أنه لا يمكننا إلغاء فرضية وصول بعض الصواريخ الإيرانية إلى الأنظمة الدفاعية في المرحلة الأولى وتدميرها، وذلك بسبب عدم كفاءتها وقدرتها على التصدي للصواريخ وهذا كان ظاهراً في الحرب اليمنية، إذ لم تتمكن هذه الأنظمة الدفاعية الأمريكية من صدّ بعض الصواريخ البالستية اليمنية على قاعدة الرياض العسكرية، كما أنها أطلقت في بعض الأحيان من 4 إلى 5 صواريخ من أجل صدّ صاروخ يمين واحد من نوع بركان H2.
وهنا يقول خبراء عسكريون إن إيران تحتاج من 250 إلى 300 صاروخ في الموجة الأولى والثانية، من أجل تدمير القواعد العسكرية بأنظمتها الدفاعية في المنطقة، وفي حال القيام بهذه الاستراتيجية فإن أضرار الأعداء ستكون كبيرة جداً، إذ إنه في اليومين الأولين لأي حرب ستخسر أمريكا نصف عديدها الذي يتراوح بين 60 إلى 70 ألف جندي أمريكي موزعين على قواعد بين العراق وسوريا وقطر والسعودية والكويت وعمان والإمارات والبحرين.
النقطة الأخيرة والتي يجب الالتفات إليها أيضاً، هي أن الهجمات الصاروخية جزء من النظام الدفاعي الإيراني، لكن هناك أنظمة أخرى سرّيّة ربما تكشفها الأيام القادمة، أما المؤكد هو أن الجمهورية الإسلامية، بتصميمها وإنتاجها صواريخ مختلفة بوظائف مختلفة، قد أصبحت القوة الأولى في المنطقة.