الوقت- "ادعو جميع مسلمي العالم الى اعتبار اخر جمعة من شهر رمضان المبارك التي هي من ايام القدر ويمكن ان تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني يوماً للقدس، وان يعلنوا من خلال مراسم الاتحاد العالمي للمسلمين دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم ". نداء أطلقه الامام الخميني الراحل عام 1979م و ما زال صداه يتردد على مسامع أحرار العالم الذين يلبون نداءه في آخر يوم جمعة من شهر رمضان في كل عام. بعد انتصار الثورة الاسلامية الايرانية اعتبر الامام الخميني الراحل أن القضية الفلسطسنية من القضايا الرئيسية التي تهم الشعوب الاسلامية فكان أن خصص لهذه القضية يوما عالميا بدأ من عام 1979 ، و يصادف يوم الجمعة من كل سنة حيث يجدد المسلمون عهدهم للقدس و فلسطين بالمضي في درب الجهاد حتى تحرير المقدسات. بعد أربعة أشهر من انتصار الجمهورية الاسلامية الايرانية أعاد الامام الراحل قضية القدس الشريف الى الواجهة بعد أن همشتها حرب سنة 1967م و التي مني بها العرب بخسارة مدوية أمام الكيان الاسرائيلي رغم العديد و التجهيز الكبير، و صارت القضية الفلسطينية قضية ثانوية.
فعلى عكس بعض الدول العربية التي فقدت هويتها بعد هزيمتها في حرب 1967م أمام العدو الاسرائيلي وجعلت بينها و بين قضية تحرير الأقصى مسافة كبيرة، لازمت القضية الفلسطينية فكر الامام و عمله حيث أنه و بالرغم من انشغاله بمواجهة نظام الشاه و قمعه، كان يؤكد في كل مناسبة أن القضية المركزية هي تحرير فلسطين، حتى بعد انتصار الثورة، أصبح الموضوع الفلسطيني من أهم محاور السياسة الخارجية الايرانية، رغم العقوبات التي تكبدتها ايران من تلك السياسة الرافضة لاسرائيل و رغم الامتيازات التي عرضت على الدولة الايرانية و رفضتها مقابل تخليها عن تلك القضية التي ما زالت حية حتى اليوم مع مرور ما يناهز 40 عاما على انطلاقتها.
و مع اعلان يوم القدس العالمي عادت القضية الفلسطينية الى التداول و دائرة الضوء في العديد من بلاد العالم الاسلامي و تبنتها حركات المقاومة على اختلاف انتماءاتها. و رغم سعي وسائل الاعلام الغربية للتقليل من شأن هذا اليوم الا أنه و خلال 35 عاما مضت، أثمر يوم القدس العالمي من خلال نشر ثقافة المقاومة عند الشعوب الاسلامية، و سرعان ما تحولت هذه الثقافة الى أفعال عبر انشاء نواة المقاومة في لبنان و فلسطين لمواجهة العدو الصهيوني الذي كان فيما مضى العدو الذي لا يقهر، الى أن أصبح أوهن من بيت العنكبوت بعد تحرير لبنان عام 2000م. كما كان لايران دورا فاعلا على الأرض حيث أرسلت باشارة من الامام الخميني نخبة من قوات الحرس الثوري الى لبنان لتدريب شباب المقاومة الذين أسسوا النواة الأولى لحزب الله، كما أرسلوا المساعدات اللازمة من صواريخ و أسلحة و ذخائر و فيما بعد و بالتعاون مع الدولة السورية و حزب الله جرى تسليح الفصائل الفلسطينية و تهريب الصواريخ الى قطاع غزة حسب اعتراف القادة الفلسطينيين.
و رغم الحصار الاقتصادي على ايران و العقوبات التي فرضت عليها جراء مشروعها لتحرير فلسطين الا أنها لم تغير من سياستها و التزامها بالقضية الفلسطينية، و قد أصبح واضحا تأثير السياسة الايرانية في الصراع مع العدو الصهيوني، فالمقاومة الفلسطينية اليوم ليست كما كانت قبل أعوام، و المواجهات لم تعد تقتصر على رمي الحجارة و قنابل المولوتوف بل تطورت الى صواريخ قصيرة و متوسطة المدى جاهزة لارعاب المحتلين، و على صعيد التدريبات العسكرية باتت الحرفية من أبرز سمات المقاتل الفلسطيني الذي يرعب جنود العدو بعد أن رأوا بأسه في الحروب الأخيرة.
ورغم أن ايران لم تطلب يوما مقابل دعمها لحركات المقاومة شيئا حتى و لو كلمة شكر، أو موقف سياسي الا أنه من المنصف أن تعلم الشعوب العربية و الاسلامية و خاصة الشعب الفلسطيني المقاوم أنه لو قبلت القيادة الإيرانية فك ارتباطها بحركات المقاومة في لبنان و فلسطين و غيرها، و لو رضخت للطلب الغربي بغض النظر عن موضوع فلسطين، لما عانت من الحصار الاقتصادي ساعة واحدة.