الوقت-لا يختلف اثنان على أنّ ما بين الرياض وبغداد اختلف عمّا كان عليه قبل سنوات وعقود، رُفعت الحواجز في المعابر، وعادت العلاقات الدبلوماسية ما بين البلدين، وبدأت أرقام التبادلات التجارية تشهد ارتفاعاً ملحوظاً حسب الجانبين، وشهدت المعارض العراقية حضوراً للشركات السعودية، وبدأت صفقات الاستثمارات توقّع في المحافظات العراقية الجنوبية وفي المناطق الغربية، وتسير العلاقات نحو نموها بالرغم من تشكيك بعض الأحزاب العراقية بالسياسات السعودية الأخيرة ووجه الرياض الجديد إزاء بغداد، لمعرفة المزيد من تفاصيل هذه العلاقات، حاورنا النائب عن دولة القانون محمد الصيهود.
- هناك من يدعو إلى الانفتاح مع الرياض، وتحديداً في هذه المرحلة المتزامنة مع الانتخابات البرلمانية، وهناك من يرى العكس وتحديداً في دولة القانون كيف تقيّم الدعوة إلى الانفتاح مع السعودية.؟
-شكراً لكم، لا شكّ أن هذا الموضوع في غاية الأهمية وتكمن أهميته بأن سياسة العراق سياسة عدم التدخل في الشأن الداخلي لكل دول الجوار والمنطقة، وبناء علاقات استراتيجية وثيقة مبنية على تبادل المصالح المشتركة واحترام الجوار وإلى آخره، أما مع السعودية وحكام آل سعود تحديداً الذين يتخذون سياسة عدائية في المنطقة كما إزاء العراق، وسياسة داعمة للإرهاب وهي تتخذ عدة صفحات، فكانت بالأمس من أهم مرتكزات "داعش" الإرهابي، دعمت "داعش" بالفتاوى التكفيرية والأموال والسلاح واستقطبت الإرهابيين من شتى بقاع العالم، ودربتهم في الرياض وزجّتهم في سوريا وفي العراق وتتدخل في الشأن الداخلي العراقي والسوري وكل دول المنطقة، وآخرها سياستها العدائية تجاه اليمن وتجاه البحرين، لا يوجد شيء جديد في سياسة آل سعود يستدعي الانفتاح عليها، بالأمس القريب ثامر السبهان السفير السابق في العراق، قال نحن نسير نحو تغيير المعادلة في العراق، من خلال الدعم لكتل سياسية بعينها وتسخير الدعم لسياسيين في الأموال، ومحاولاتهم خرق الصف العراقي والتدخل في شأننا واستقطاب الكثير من الشخصيات بواسطة الأموال، ولذلك مَن يطالب بالانفتاح على السعودية ليس حبّاً بالعراق أو السعودية، إنما حبّاً في مصالحهم وتنفيذاً لأجندات خارجية.
- ما هو وجه الاختلاف تحديداً مع السعودية، خاصة وأنها دولة جارة وكان العراق قد دعا للانفتاح مع كل جواره الإقليمي.؟
نعم .. نحن بالتأكيد ليس لدينا عداء مع السعودية، ونتمنى أن تكون العلاقات طيبة، ولدينا معها جغرافيا مشتركة ومساحة مشتركة في الجوار، ولكن السياسة التي تنتهجها سياسة خطيرة في المنطقة سياسة داعمة للإرهاب، سياسة التدخل في الشؤون الداخلية للعراق وسوريا والبحرين واليمن ولبنان في كل هذه المنطقة، هي التي أوجدت داعش وتعمل على تغيير معادلات السلطة، هذه التدخلات بالتأكيد نرفضها جملة وتفصيلاً ونرفض سياسة آل سعود العدائية.
- بما أنكم تتحدثون عن تدخلات سعودية في الشأن الداخلي، هناك من يوجّه لكم ولكتل أخرى الاتهام بأنكم تحصلون على الدعم الإيراني، وأن لدى طهران أيضاً تدخلات في الشأن العراقي، وهناك دعم في المال والسلاح، كيف ترد.؟
جيد .. دعنا نقارن ما بين الدور الإيراني والدور السعودي في العراق، أولاً نحن لم نسمع ولم نرَ انتحاريّاً إيرانيّاً فجّر نفسه وسط جموع المدنيين العراقيين، ولكننا سمعنا وشاهدنا وأثبتنا أن هناك الكثير من السعوديين، وكذلك السيارات المفخخة تأتي وتفخخ من قبل السعودية، والأسلحة تعطى إلى داعش الإرهابي، والقاعدة من أجل قتل العراقيين، ولم نسمع بمثل هذا عن إيران، بل على العكس إيران ساعدت ودعمت العراق وجيشه، والأسلحة التي أعطتها للجيش العراقي كانت ليقاتل إرهابيي "داعش" وبالتالي لا يوجد وجه للمقارنة ما بين التدخل السعودية في الشأن العراقي، والدعم الإيراني للعراق حكومة وشعباً، فضلاً عن ذلك، إن السعودية تعمل على تهديم الاقتصاد العراقي وهذا ما لم نره في توجهات السياسة الإيرانية، وبالتالي لا يوجد وجه للمقارنة ما بين الدورين.
- حضرتك الآن وجّهت الاتهام للسعودية بتهديم الاقتصاد العراقي، لكننا نسمع عن استثمارات سعودية في العراق، وهناك محاولات لتعزيز التبادلات التجارية ما بين البلدين، كيف تفسر هذه الخطوات.؟
اعتقد بخصوص التدخلات الاقتصادية السعودية وحتى الاستثمارات أنها ليست إيجابية، ولا تخدم مصالح العراق، إنما هي بغرض تهديم الاقتصاد العراقي، ولغرض بقاء هيمنة الاقتصاد السعودي على الاقتصاد العراقي، ومن هذه النقطة ينطلقون، ومن هذا التوجّه تعمل السعودية، كما أننا لم نجد حتى الآن ما يجري الحديث عنه من مشاريع استثمارية نستطيع أن نطلق عليها استثمارية، بشكل يخدم العراق والعراقيين، إنما هي تسعى إلى تعطيل الإنتاج العراقي وتوسيع مساحته في أن يأخذ دوره، وبالتالي هذا النهج نهج تهديمي للاقتصاد العراقي.
-كيف تقيم المشاريع في محافظة البصرة أو في المنطقة الغربية؟
لا توجد مقارنة بين محاولاتهم القيام بمشاريع في البصرة أو في الجنوب عموماً، ومشاريعهم في المنطقة الغربية، فهم يحاولون تحت عنوان إعمار هذه المناطق ضخّ الأموال لدعم كتل سياسية ولتقويتها بهدف تغيير المعادلة التي تحدثنا عنها سابقاً، هي مشروع سياسي قبل أن يكون اقتصادياً، أما في الجنوب فلا توجد استثمارات بمعنى الاستثمار بقدر ما هي خرق الصف في البصرة وفي المناطق الأخرى.
- دعنا نعود إلى انطلاق هذا الانفتاح السعودي الذي يصفه البعض بـ"الصحوة السعودية" إزاء العراق، بعد جمود في العلاقة دام لعقود، ما الذي دعا السعودية للعودة إلى بغداد؟
هو ليس صحوة أو تغييراً، إنما بدأت السعودية بتغيير سياستها العدائية، بعد أن شعرت أنّ السياسة السابقة لم تحصد النتائج المرجوة لها، وبدأت بالتغيير ولكن هو وجه آخر للمشروع الذي يهدف إلى خرق هذا الصف، فإذا كانت هي جادة بالفعل في تبديل سياستها فعليها أن تبدأ أولاً بأمر مشايخها بإيقاف إصدار الفتاوى التي تكفّر الطرف الآخر وتحلل قتلهم، لكي نشعر أن هنالك تغييراً فعلياً، وهذا ما لم يحصل إطلاقاً.
- هل هناك تأثيرات خارجية على السياسة السعودية؟
نعتقد ربما هناك مشورة صهيونية، على اعتبار أن المشروع الصهيوني الأمريكي يتمتع بعدة أوجه عندما اتخذوا نهج دعم القاعدة وجبهة النصرة وداعش الإرهابي، وهذا كان على الصعيد العسكري، واليوم لديهم صفحة جديدة في السياسة، ولذلك هذا المشروع الصهيوني الأمريكي مستمر بأوجه مختلفة، ونحن متأكدون من أن السياسة الجديدة للسعودية هي الوجه الثاني لداعش الإرهابي، ولا يوجد تغيير في سياساتها، ولو كان هناك تغيير أو محاولة لفتح صفحة جديدة فعليهم أن يبدؤوا أولاً بمنع إصدار الفتاوى التحريضية، وإيقاف حرب الإبادة التي تقودها السعودية على الأطفال اليمنيين وتدخّلهم بالشأن العراقي والشأن السوري، وكل هذه الملفات تدلّ أن السعودية مستمرة في مشروعها، أما التغيير فهو تغيير حقيقي وفتح صفحة جديدة لم نلمسها من الرياض.
- هناك من يعتقد أن الانفتاح الدبلوماسي ما بين الرياض وبغداد بدأ يتسع، وتحديداً ما يجري الحديث عنه بشأن افتتاح "قنصليات" سعودية في المحافظات العراقية، ومنها النجف وكربلاء، في المقابل هناك من يطالب عراقياً بفتح "قنصليات" في المحافظات السعودية أيضاً في المنطقة الشرقية والقطف منها، ماذا تقول؟
بالطبع مبدأ التعامل "بالمثل" هذا مبدأ معتمد بين كل الدول، فإذا كانوا بالفعل جادين في فتح صفحة جديدة مع العراق، فعليهم أن يسمحوا للعراق بفتح قنصليات في المحافظات السعودية وخصوصاً في المنطقة الشرقية، وهناك الكثير من النقاط الأخرى التي يجب أن نتبادل معهم فيها الرؤى والأفكار والتوجهات، كما أنهم يريدون أن يفتتحوا قنصليات وأن يكون لهم حضور لشركات الاستثمار في المنطقة الجنوبية، بالمقابل يجب للعراق أن يفكّر مثلما هم يفكرون ويخططون، علينا أن نخطو بهذا الاتجاه.