الوقت - الكيماوي في دوما، موضوع احتل الساحة الدولية في الأيام الماضية، وفي وقت تزعم فيه الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية أن الحكومة السورية وروسيا تقفان خلف هذه الخروقات، أكدت دمشق أنها لم تلجأ لهكذا نوع من الأسلحة، وكعادتها أبدت استعدادها لاستقبال لجنة تقصي حقائق لإجراء تحقيق ميداني، لكن اللافت هو تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تحدث عن رد سريع وقوي ضد الدولة السورية، ما رفع احتمال توجيه ضربة عسكرية لها.
فهل ستضرب أمريكا وحلفاؤها سوريا؟ ما هي تبعات الضربة في حال وقوعها؟ وكيف سيكون ردّ روسيا؟
إن احتمال تعرض الأراضي السورية لضربة أمريكية ضعيف جداً، وفي حال وقوعها ستكون ضربة ضعيفة كتلك التي حصلت في مطار الشعيرات. فالولايات المتحدة في الوقت الحالي لا تملك الاستعداد الكافي لتحمل العواقب السياسية، العسكرية والأمنية التي يمكن أن تخلّفها ضربة عسكرية كبيرة على سوريا، كما أنها ستكون عرضة لضربات من الأطراف الأخرى الموجودة داخل الساحة السورية.
ومن ناحية أخرى، يعلم القادة الأمريكيون جيداً أن أي ضربة موسّعة تتعرض لها سوريا، ستهدد أمن كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يشكّل جزءاً أساسياً من الاستراتيجية الأمريكية غرب آسيا، فبمجرّد انطلاق شرارة أي اعتداء ستضرب المقاومة بصواريخها أراضي الكيان الغاصب.
في المقابل لا يمكن تجاهل إمكانية دخول الولايات المتحدة بمغامرة كهذه والاعتداء على سوريا، فسياستها في السنوات القليلة الماضية كانت متأرجحة، وهناك رغبة واضحة من قادة البيت الأبيض بتحقيق نصر كبير واستعادة هيبة الولايات المتحدة في العالم.
روسيا لن تسكت
ويمكن القول إن روسيا بإعلان استنفار جميع قواتها الموجودة في سوريا، أرسلت رسالة إلى واشنطن مفادها أنها سترّد على أي اعتداء أمريكي، مع العلم أن موسكو تعلم أن حرباً واقعية لن تقع في الأمد القريب، فالولايات المتحدة لن ترسل قوات برية لمواجهة دمشق، لكن من المحتّم أن أي خطوة أمريكية ستتزامن مع رد روسيّ.
ومن المؤكد أيضاً أن أي ضربة أمريكية توجه لسوريا غير قانونية وتفتقد للمشروعية الدولية، فوفق القانون الدولي، لا يحق لأي جهة توجيه ضربة للمتهم باستخدام أسلحة الإبادة الجماعية، قبل تثبيت التهمة عليه عبر لجنة تحقيق مستقلة تشمل خبراء ومحققين دوليين، وحتى في حال إثبات التهمة يجب مناقشة نوعية وكيفية الرد داخل مجلس الأمن، بالتالي إن أي ضربة قبل صدور نتائج التحقيقات تعدّ غير قانونية، كما أن وضع سيناريوهات جديدة لتحسين أوضاع المجموعات الإرهابية فكرة قديمة، لجأت إليها الولايات المتحدة العام الماضي عند ضرب مطار الشعيرات.
ولا يخفى على أحد أن إيران وروسيا وتركيا وسوريا سعوا في الآونة الأخيرة بشكل جديّ إلى حل الأزمة السورية، إلا أن الولايات المتحدة ومعها السعودية ليس لها أي مكان أو دور في ذلك (حل الأزمة)، بالتالي فهم يرون أنفسهم في موقع الخاسر، لذلك يسعون إلى قلب الموازين والإمساك بورقة رابحة.
ختاماً.. يمكن القول إن الأزمة لن تحل بهذه الطريقة، والأحداث الأخيرة ليست سوى دليل على فشل المخططات الغربية - العربية في سوريا، والأيام المقبلة ستثبت أن ما يجري هو استعراض لمشروع أمريكي بات على شفا حفرة سيسقط فيها قريباً.