الوقت- لا نريد الدخول في حقّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إهداء أموال الشعب السعودي إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فهي مسألة تخصّ الشعب السعودي أساساً، ولكن ما يهمّني كعربي فلسطيني ألّا أكون ضحيّة التآمر العربي الخليجي، وألّا يشرعن الحفيد مع أمريكا ما تنازل عنه الجدّ مع بريطانيا وهذه المرة بالتخلي عن فلسطين التاريخية، أرض الأنبياء، وتسميتها "وطناً" لمستوطنين أغراب دعاهم الأمير الشاب بـ "شعب إسرائيل".
تآمر السعودية التاريخي على فلسطين
"أنا السلطان عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل السعود أقر واعترف ألف مرة، للسيد برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى، أنه لا مانع عندي من أن أعطي فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم وكما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها، حتى تصيح الساعة"، بهذه الكلمات شرعن الجد وجود الإسرائيليين على الأراضي الفلسطينية معلناً بدأ عهد جديد في الأمة العربية عنوانه وهب الملك لأراضٍ لا يملكها، ولقد أثبتت كل مراكز الأبحاث التاريخية بلا استثناء صحة ودقّة الكلام الموجود في الرسالة.
كما تجدر الإشارة أيضاً إلى اتفاق كوينسي الذي تم التوصل إليه في 14 فبراير 1945 وكان ذلك على متن طراد يو أس أس كوينسي (CA-71) حيث اجتمع فرانكلين روزفلت مع الملك السعودي عبد العزيز نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد أفضى الاجتماع لاتفاق تاريخي يختصر ببندين هما:
1- تحكم الأسر في الخليج الفارسي شرط الحفاظ على المصالح الأمريكية وأولويتها في المنطقة.
2- مساعدة اليهود الذين اضطهدتهم النازية واحتواؤهم في فلسطين.
وعلى مبدأ السير وراء رأس القطيع، التزمت المشايخ السعودية بتعهداتها، بل عملت على تعزيز علاقاتها غير المباشرة مع الكيان الإسرائيلي والمباشرة مع أمريكا، لتشكل المواقف التي اتخذها الأمراء والملوك المتعاقبون على السعودية طوقاً معادياً لمحور المقاومة ضد الكيان الإسرائيلي، حيث اتسمت تلك المواقف بالعرقلة لأي تضامن عربي حقيقي يخدم القضية المركزية فلسطين، وعلى سبيل المثال نورد:
1- اعترفت السعودية عدة مرات وبشكل غير مباشر بالكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين وذلك عبر طرحها المبادرات السعودية بين الفينة والأخرى فيما يسمى بالسلام بين العرب وإسرائيل.
2- تمويل وتشجيع حكام السعودية للعدوان الإسرائيلي على سوريا ومصر وموقفهم المناهض من المدّ القومي من عبد الناصر وعدوان حزيران 1967.
3- كما ظهر أيضاً التآمر السعودي على القضية والشعب الفلسطيني من خلال قرار تأجيل النظر في تقرير غولدستون في محاولة لإنقاذ إسرائيل من محاكمتها على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجريمة حرب ضد الفلسطينيين في غزة، وذلك عبر إصدار قرار من الرياض إلى صائب عريقات ثم إلى أحمد خريشة بموافقة الرئيس "أبو مازن"، بضغوط من أمريكا، وقد صنف القرار على أنه خيانة عظمى للقضية الفلسطينية ولدماء آلاف القتلى والجرحى الذين سقطوا دفاعاً عن أرضهم.
4- وأمثلة كثيرة نذكر منها مواقفهم من الغزو الأمريكي للعراق 2003 ومن المقاومة الإسلامية في لبنان وتأييدهم لعدوان 1982 على لبنان حتى العدوان الإسرائيلي على لبنان 2006 إلى تصنيف المقاومة حماس وحزب الله التي تقاتل "إسرائيل" على لوائح الإرهاب، إلى مواقفهم في دعم ما سمي بـ "الربيع العربي" القاتل، ومشاركتهم بالتمويل والتحريض وضرب ليبيا بشكل مباشر والعدوان السافر على سوريا من خلال دعم كل العصابات المسلحة وبكل اتجاهاتها.
ابن سلمان على خطا جده
هذه المرة ليست تسريباً ولا ترجمة غير دقيقة ولا نقلاً عن مصدر مسؤول رفض الكشف عن اسمه، قالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بصراحة أن لدى المملكة الكثير من المصالح مع إسرائيل متحدّثاً عن "حق" الإسرائيليين في أن يعيشوا بسلام على أرضهم وتأكيده على وجود مصالح لتأتي هذه التصريحات وتعلن استمرار عملية وهب الأرض على غرار مليارات الدولارات التي منحتها "الرياض" من قَبل حاكم البيت الأبيض. وتساءل محللون غربيون عن هذا الحق، مجرين مقارنة بين الحق الإسرائيلي والحقوق التي سلبها ابن سلمان من أولاد عمه فهل يرى هذا الحقّ، كما يرى حقّه وحق والده في تنحية الأميرين مقرن وبن نايف من ولاية العهد؟ وهل هذا الحق هو كحقّ اعتقال وتصفية جميع من يراه يشكّل تهديداً له في الرياض؟
وفي هذا السياق، وجّه الإعلامي القطري عبد العزيز آل إسحاق صفعة قوية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ردّاً على مقابلته، وقال الإعلامي القطري في تدوينة له عبر حسابه على تويتر متسائلاً: "سؤال بريء.. هل يقصد ابن سلمان حق يهود بني قريظة أم حق يهود بني النضير في أرضهم (طالما أنه لا يحق له الحديث عن فلسطين المحتلة)؟
إذا لقد سقط القناع وتكشفت الحقائق وظهر الوجه الحقيقي للنظام السعودي القبيح الذي كان يختبئ خلف قناع الإسلام والعروبة، والادعاء بالدفاع عن الحق الفلسطيني والمقدسات الإسلامية، وهو في الواقع أكثر من كان يعمل ومازال يعمل لمصلحة الكيان الإسرائيلي، لقد قالها بكل وضوح ابن سلمان إن الوهابية خلقت خدمة لأمريكا وإسرائيل، وقالها منذ يومين إن السعودية وإسرائيل لديهما مصالح مشتركة وبالتالي لقد أصبحت السعودية اليوم أحرص على بقاء إسرائيل قوية ومؤثرة على المشهد في المنطقة لإبقاء حالة الرعب التي تخدم مصالح بقاء النظام السعودي.