الوقت- ظاهرة الإسلاموفوبيا أو عداء المسلمين ونشر الكراهية ضدهم في أوروبا ليست بالجديدة، كما أنها ليست وليدة التطورات والأزمات الأخيرة التي يمرّ بها العالم الإسلامي، وإنما كانت موجودة على الدوام ولكن بشكل محدود ولاسيما في أوروبا، إلا أن هذه الظاهرة تفاقمت في الأعوام الأخيرة حيث وثّقت السلطات الألمانية نحو ألف هجوم على المسلمين والمساجد بألمانيا في عام 2017، في حين وثّقت منظمة حقوقية أكثر من خمسمئة اعتداء أو تجاوز بحق المسلمين في إسبانيا في العام نفسه، ليتصدر العام 2017 قائمة أكثر الأعوام التي تفاقم فيها العداء للمسلمين في القارة العجوز.
ألمانيا تصدّرت القائمة
ففي ألمانيا جوهرة الاقتصاد الأوروبي والبلد الذي استقبل مئات الآلاف من اللاجئين بات العداء للمسلمين فيه ملحوظاً بشكل كبير، فقد قالت صحيفة ألمانية: إن السلطات في برلين وثّقت 950 هجوماً ضدّ المسلمين ومنشآت تابعة لهم كالمساجد خلال العام الماضي 2017.
في حين كشفت صحيفة "نويه أوسنابروكنر تسايتونج"، نقلاً عن بيانات قدّمتها وزارة الداخلية الألمانية لمشرعين، أن 33 شخصاً أصيبوا في الهجمات، التي كان 60 منها موجهاً ضد مساجد، ونفّذ بعضها بدماء الخنازير (الحيوان المحرّم أكله عند المسلمين).
وفي تطمين من قبلها أشارت الصحيفة إلى أن جميع مرتكبي الهجمات ضدّ المسلمين كانوا من المتطرفين اليمينيين.
رئيس المجلس المركزي للمسلمين "أيمن مزيك" لم يتوانَ في التأكيد على حقيقة تزايد العداء للمسلمين في أوروبا، حيث قال: إن عدد الهجمات على الأرجح أعلى بكثير؛ بسبب عدم تقديم الضحايا بلاغات في أحيان كثيرة.
وهنا لا بدّ لنا من الإشارة إلى تقرير ألماني أصدرته الحكومة عام 2017، وقدّم للبرلمان، أشار إلى أن الربع الثاني من العام المنصرم كان الأكثر عنفاً تجاه المسلمين.
في حين لفتت صحيفة "نيو أوزنبروكر" إلى أن 16 مسلماً أصيبوا في هجمات معادية للإسلام خلال 192 يوماً فقط. وأكدت الصحيفة أن الجناة المتورطين في تلك الهجمات ينحدرون من الأوساط اليمينية المتطرفة، وتأخذ هجمات الكراهية أشكالاً عدة، أبرزها السباب وخطب التهديد وهجمات ضد المحجبات، لكنها ما لبثت أن تطورت لتصل إلى الإيذاء الجسدي.
وبما أننا ابتدأنا مقالتنا بالعداء المتصاعد للمسلمين في ألمانيا علينا أن نشير إلى أن حركة "بيغيدا" اليمينية المتطرفة هي أبرز الحركات المناهضة للمسلمين، والتي تطالب صراحة بطرد المسلمين والمهاجرين من بلادهم.
إسبانيا الثانية أوروبياً
وأما على الجانب الاسباني فقد شهدت البلاد أكثر من خمسمئة حادثة متعلقة بالإسلاموفوبيا في عام 2017، منها حوادث استهدفت نساء وأطفالاً ومساجد، طبقاً لما كشفته "منصة المواطنة الإسبانية حول الإسلاموفوبيا".
ففي تقرير تحت عنوان "الإسلاموفوبيا في إسبانيا 2017"، أكّدت منصة المواطنة الإسبانية أنه لوحظ اتجاه متزايد للتحيز ضدّ الإسلام بين مختلف الآراء السياسية في البلاد.
فقد رصد التقرير الإسباني وقوع حوادث مرتبطة بالإسلاموفوبيا في الشوارع والإعلام وحملات الإنترنت من قبل مجموعات يمينية متطرفة. مشيراً إلى أن 386 حادثة من مجموع 546 حادثة مرتبطة بالإسلاموفوبيا في 2017 وقعت عبر منصات إعلامية أو مواقع الإنترنت.
والمثير للقلق "الإحصائيات التي كشفت عنها المنصة الإسبانية حول الإسلاموفوبيا"، حيث أشارت إلى أن 48% من تلك الحوادث كانت اعتداءات لفظية ضد الإسلام والمسلمين، وأن 21% من تلك الحوادث كانت موجهة ضد النساء، و8% ضد الرجال، و4% ضد الأطفال، و7% ضد المساجد. ووثقت المنصة أيضاً اعتداءات استهدفت مؤسسات وشركات تابعة للمسلمين في إسبانيا.
علاوة على ما سبق قامت حركة "بيديغا" المتطرفة بتنظيم عدة احتجاجات لطرد المسلمين من أوروبا خلال العام 2017، حيث شارك نحو 100 ألف شخص في تظاهرات مناوئة للإسلام والمهاجرين الاثنين الماضي، وحشدت حركة "بيديغا" نحو 25 ألف متظاهر في شوارع دريسدن وحدها، عدا عن آلاف آخرين شاركوا في تظاهرة مماثلة في كولون.
وتخلل تظاهرة دريسدن مقتل مهاجر إرتيري، وهو أحد 20 مهاجراً من طالبي اللجوء ممن يقطنون في نزل في المدينة.
وحركة "بيديغا" المعادية للمسلمين هي اختصار لشعار "أوروبيون وطنيون مناهضون لأسلمة الغرب".
الإسلاموفوبيا في فرنسا
وأما في فرنسا التي تزايدت فيها وتيرة العداء للإسلام عقب الهجمات الإرهابية التي تعرّضت لها خلال الأعوام السابقة ولاسيما على مقر صحيفة شارلي إيبدو، تنامى العداء للمسلمين، وزادت الاعتداءات عليهم بشكل كبير وانتشرت شعارات مناهضة للعرب مثل "أيها العرب اذهبوا بعيداً" و"العرب قذرون"، إلا أنه لا يوجد مؤشر على وجود تنظيم موحد أو حركة تجمع المناهضين للإسلام والعرب، كما هو الحال في ألمانيا
سويسرا والنمسا
وبعد ألمانيا واسبانيا وفرنسا تفاقم العداء للمسلمين في سويسرا الغنية أيضاً، حيث يخطط نشطاء معادون للإسلام والمسلمين لتنظيم مسيرات مماثلة لتظاهرات "بيديغا" في ألمانيا، وحدد النشطاء يوم 16 فبراير لتنظيم مظاهرة مناهضة للإسلام، لكن لم يتم تحديد موقعها حتى الآن. كما وتخطط بيديغا لتنظيم مظاهرات معادية للمسلمين في العاصمة النمساوية فيينا.
بقية الدول الأوروبية
وبينما احتلت كل من المانيا واسبانيا وفرنسا قائمة الدول الأوروبية المناوئة للمسلمين، تنامى العداء بشكل محدود للإسلام وجرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا، وتحديداً في إنجلترا وويلز. حيث كشفت دراسة بريطانية نُشرت مؤخراً عن تسجيل 734 جريمة كراهية بين عامي 2013 و2014، منها 23 اعتداء و13 هجوماً عنيفاً و56 هجوماً على مساجد، ومئات الإساءات عبر الإنترنت.
وأما في إيطاليا فقد حرّض زعيم الرابطة الشمالية المناهضة للمهاجرين "ماتيو سالفيني" ضدّ المسلمين قائلاً: إنّ ردّ الأوربيين على الهجمات بالتسامح والإصلاح السياسي يعتبر انتحاراً.