الوقت- في أعقاب هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، نشرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية، بما في ذلك صحيفة يو أس تودي، تقارير عن مفاوضات المسؤولين الأمريكيين مع بغداد لمواصلة وجود القوات الأمريكية في العراق، ولكن مع ذلك، نفت حكومة حيدر العبادي هذه التقارير.
وفي سياق تصريحات المسؤولين العراقيين التي تنص على عدم وجود أي قوات أجنبية في البلاد، نقلت قناة "الميادين" يوم الجمعة عن مسؤول عراقي قوله إن: (الأمريكيين طالبوا ببناء 20 قاعدة عسكرية في العراق واستمرار وجود قواتهم في هذه القواعد)، لكن بغداد عارضت هذا الطلب ودعت إلى تنسيق جديد خارج التنسيق الحالي الذي هو في إطار تحالف دولي لمكافحة تنظيم داعش.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن وجود خطة تهدف إلى خفض وجود قوات التحالف الأمريكي في العراق تدريجياً، ولكن وزارة الدفاع الأمريكية قالت إن القوات الأمريكية لا نية لديها بالانسحاب من العراق على المدى القريب.
وبموجب الاتفاق الأمني بين العراق والولايات المتحدة والذي تم تغيير اسمه فيما بعد إلى الجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية من العراق والذي تم توقيعه في نهاية ولاية بوش، يتعين على جميع القوات الأمريكية مغادرة العراق في عام 2011.
وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمر بانسحاب معظم القوات الأمريكية بعد عام 2011، لكنهم عادوا مرة أخرى إلى العراق بذريعة محاربة تنظيم داعش على شكل تحالف أمريكي ضد تنظيم داعش.
إن أهم الذرائع التي تتذرع بها الولايات المتحدة لوجودها العسكري في العراق، والتي تم على أساسها إبرام الاتفاق الأمني مع بغداد، تتلخص في ثلاثة محاور هي: أولاً، التهديد الذي تشكله الجماعات الإرهابية. ثانياً، تدريب القوات العراقية. ثالثاً، يؤدي فراغ الوجود الأمريكي في الساحة العراقية إلى استئناف الأزمات الطائفية في العراق.
وفيما يخص الذريعة الأولى، فقد تمت هزيمة أهم التنظيمات الإرهابية وأكثرها خطراً، أي تنظيم داعش في العراق ولم تعد هناك ضرورة لوجود القوات الأمريكية في العراق. وفيما يتعلق بالذريعة الثانية، فقد أظهرت القوات العراقية قدرتها القتالية وبسالتها العسكرية خلال الحرب مع تنظيم داعش بأبهى صورة ممكنة، حيث أكد الرئيس العراقي حيدر العبادي على عدم مشاركة أي قوات أجنبية في هذه المعارك.
وعن الذريعة الثالثة، فيجدر القول إن العراقيين حقيقة لا يقبلون أياً من هذه المزاعم. لأن التجربة أثبتت أن المناطق التي لم توجد فيها القوات الأمريكية أو تسلم ملفها الأمني إلى العراقيين، استتب الأمن فيها قياساً بالماضي هذا أولاً ولم تحصل نزاعات طائفية ثانياً. وإن أداء القوات العراقية في تحرير الفلوجة والموصل هو مثال على هذا الادعاء.
وعلاوة على ذلك، أظهر أداء القوات الأمريكية خلال الحرب ضد تنظيم داعش أن هذه القوات إضافة الى عدم تقديمها أي مساعدة في الحرب ضد تنظيم داعش، أقدمت على إنقاذ قادة داعش المحاصرين عدة مرات عن طريق انتهاك السيادة العراقية ونقلهم عبر المروحيات إلى مناطق أخرى، إضافة إلى قصفهم مواقع قوات الحشد الشعبي.
والنقطة هنا هي أنه لم يكن بإمكان بغداد عملياً مقاضاة هذه القوات الأمريكية المخطئة، بل في حقيقة الأمر، إن هذه القوات باتت مشمولة بقانون الحصانة القضائية رغم انتهاك سيادة واستقلال الحكومة العراقية.
وفيما يتعلق بادعاءات تنص على وجود تعاون بين القوات الأمريكية وتنظيم داعش، ذكرت مصادر محلية أن طائرات التحالف الأمريكي نفذّت عملية إنزال في ريف الحسكة الجنوبي الشرقي وأجلت عدداً من مسلحي تنظيم داعش من معتقل تسيطر عليه القوات الكردية السورية، وفقاً لتقرير من وكالة أنباء سبوتنيك صادر في يوم الجمعة.
كما أوضح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم الاثنين تعاون الولايات المتحدة مع الجماعات الإرهابية، وإن الأدلة الكثيرة التي حصلت عليها روسيا، تشير إلى عدم رغبة الولايات المتحدة بمواجهة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي.
في حين كانت أهداف الولايات المتحدة في المجتمعات الدولية، بذل مساعٍ لمنع القضاء على الجماعات الإرهابية ومحاولة الحفاظ على هذه الجماعات لأغراضها الخاصة. إن مساعي إدارة واشنطن لمنع هجوم الجيش السوري وحلفائه على المجاميع الإرهابية في إدلب والغوطة الشرقية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هي جزء من هذه المساعي.
في حين أن الإعلان عن ظهور جماعة (الرايات البيضاء) الإرهابية في المناطق الجبلية في أربيل وكركوك، أو الهجوم الأخير لقوات تنظيم داعش في الحويجة على قوات الحشد الشعبي، هو أيضاً جزء من مؤامرات أمريكا لإظهار عدم قدرة الجيش العراقي وعجزه وخلق الذرائع لمواصلة وجود القوات الأمريكية في العراق
وعلى أساس هذه الحقائق، قال فردوس العوادي عضو ائتلاف دولة القانون في البرلمان العراقي إن القوات الأمريكية تحتل الأراضي العراقية وتسعى إلى خلق الفتنة، كما حث رئيس وزراء العراق على اتخاذ إجراءات فورية لإخراج هذه القوات بشكل عاجل.